اليمن: إحاطة غريفيث الخميس على وقع غارات الحديدة

30 يوليو 2018
استمرت غارات التحالف على الحديدة (عبدو حيدر/فرانس برس)
+ الخط -

بينما يعكف المبعوث الدولي مارتن غريفيث، على إعداد إحاطته حول حصيلة اللقاءات المكثفة مع الأطراف اليمنية، إلى مجلس الأمن الدولي الخميس المقبل، يعود التصعيد العسكري مجدداً إلى اليمن، ولكن دون مؤشرات تقدم حاسمٍ على المسارين العسكري والسياسي، الأمر الذي برزت معالمه خلال الجولة الأخيرة للمبعوث والتي اختتمها في صنعاء، مع خفوت بنبرة التفاؤل في تصريحاته، بالمقارنة مع آخر زيارة سبقتها، في وقتٍ سابقٍ من الشهر الحالي.

وتصدّر التصعيد العسكري في اليمن مجدداً خلال الأيام القليلة الماضية، عقب الاتهامات السعودية للحوثيين باستهداف ناقلتي نقط في البحر الأحمر، وأكدت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن التحالف كثف من ضرباته الجوية ضد الأهداف المفترضة لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، على مختلف المحاور في المحافظات التي تشهد مواجهات مباشرة، وفي المقدمة منها محافظة الحديدة الاستراتيجية، التي تعرضت لموجة عنيفة من الغارات في المدينة ومحيطها، بالتزامن مع استمرار التعزيزات والتحشيد من قبل قوات الشرعية نحو مدينة زبيد والمناطق الجنوبية في الحديدة، والتي تتنازع السيطرة فيها مع الحوثيين.

في المقابل، امتدت موجة التصعيد الجوي إلى العاصمة صنعاء ومناطق أخرى كمحافظة عمران إلى الشمال من العاصمة ومحافظة وريمة غرباً، ونالت محافظتا حجة وصعدة الحدوديتان مع السعودية نصيباً كبيراً من الغارات، بالإضافة إلى المواجهات الميدانية، مع تكثيف قوات الجيش الموالية للشرعية، من عملياتها الهادفة لاستعادة مناطق جديدة من أيدي الحوثيين، وخصوصاً في مديرية باقم في صعدة، بالإضافة إلى محافظتي الجوف والبيضاء، شمالي البلاد ووسطها. وفي المناطق الحدودية ذاتها، وجّه الحوثيون رسالة قاسية للرياض، بالإعلان عن أسر جنديين خلال معارك حديثة بالحدود وبث تسجيل مصور لهما، على نحوٍ عكس رغبة الجماعة باستخدام الأسرى كورقة ضغط لفتح خطوط تفاوض مع الجانب السعودي.

وعلى الرغم من التصعيد بحراً من قبل الحوثيين أواخر الأسبوع الماضي، وما تبعه من قرار سعودي بتعليق ناقلات النفط، إلا أن العمليات العسكرية في الحديدة على وجه التحديد، باتت في وضع مختلف عما كان مرسوماً في البداية من تنفيذ عملية كبيرة لانتزاع السيطرة على مدينة الحديدة (مركز المحافظة)، وحيث يقع الميناء، إذ إن الجهود السياسية والتعزيزات الكبيرة التي استدعاها الحوثيون، خلال الأسابيع الماضية، ساهمت بطريقة أو بأخرى بنقل محور المواجهات نحو المديريات الجنوبية، بعد أن توقفت قوات الشرعية، المدعومة من التحالف بواجهة إماراتية، في محيط مطار الحديدة، ولا يبدو أنها قد حصلت على ضوء دولي أخضر كافٍ لدخول المدينة.



ويأتي التصعيد، في ظل استمرار الجهود الدبلوماسية الرامية لإحياء المفاوضات، في ظلّ استعداد المبعوث الأممي لتقديم إحاطته حول المستجدات أمام مجلس الأمن الدولي، الخميس المقبل، على ضوء المباحثات الأخيرة، التي أجراها في العاصمة السعودية الرياض فالتقى الفريق الحكومي، الذي يشرف عليه رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، وفي صنعاء، التقى عدداً من قيادات الحوثيين، بمن فيها زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي. لكن نبرة التفاؤل بدت أقل، أثناء مغادرتها، إذ لم يعقد غريفيث مؤتمراً صحافياً بحصيلة زيارته، كما فعل في الزيارة التي سبقت عندما تحدث عن رسائل مطمئنة تلقاها من الأطراف، في حين تصدّر الموضوع المتعلق بتأخير طائرة غريفيث في مطار صنعاء، عن المغادرة لساعات، بيانه المقتضب، عقب المغادرة يوم الجمعة الماضي من خلال التأكيد على أنه لأسباب فنية، ووصف اللقاءات التي عقدها مع "أنصار الله"، بأنها "بناءة".

وأفادت مصادر سياسية أن "المبعوث الأممي وخلال الجلسة المرتقبة لمجلس الأمن، الخميس المقبل، سيقدم تفاصيل أكثر شمولاً عن التقدم الذي أحرزه بالتحضير لجولة جديدة من المفاوضات، وقد يعلن موعداً ومكاناً لانعقادها، خلال الجلسة ذاتها، وسطٍ ترحيب واضحٍ يبديه الحوثيون بالعودة إلى المفاوضات". في المقابل، فإن الجانب الحكومي، يبدي شكوكاً إزاء إمكانية نجاح المفاوضات من دون تجاوب من قبل الحوثيين مع أبرز مطالب الحكومة أو بعضها على الأقلّ. وهو ما عبّر عنه، مدير مكتب الرئيس اليمني، عبدالله العليمي، الذي ذكر في تغريدة على حسابه في "تويتر"، يوم الجمعة الماضي، أن "المبعوث الأممي يبذل جهوداً مقدّرة، لكن اليمنيين يتساءلون عن جدوى المشاورات التي يحاول إحياءها في ظل هذا المستوى من الصلف واللامبالاة، وعن مضاعفات حماقات المليشيات على مختلف المجالات، وما هي جدوى تصويرها اليمن للعالم باعتباره بلداً للمخاطر والفوضى".

وفي الوقت الذي لا يزال فيه مصير المقترحات المتعلقة بترتيبات الحديدة والتي كانت محور الجهود الشهرين الماضيين، غامضاً، يتصدر ملف الأسرى والمعتقلين، الذين تطالب الحكومة اليمنية بإطلاق سراحهم من قبل الحوثيين، والترتيبات الإنسانية، التي من شأنها تعزيز وصول المساعدات، مواضيع الإجراءات المفترض أن تسبق إطلاق أي عمليات مفاوضات معززة بالضغوط الدولية القوية، في مقابل ضعف أي مؤشرات ميدانية تدعم نجاح أي عملية سياسية. وهو الأمر الذي يؤكده المسؤولون من كلا الطرفين، من خلال الاتهامات المتبادلة، والتعزيزات العسكرية المستمرة، التي تتزايد مع حديث العودة إلى طاولة المفاوضات.