اليمن: أين العمل؟

22 مايو 2016
(في صنعاء، تصوير: أونور كوبان)
+ الخط -

أينما يُولِّ الإنسان وجهه في اليمن، يجدْ مشكلةً، وحكايةً. وما أكثر الحكايات التي تفاقمت اليوم، وتطوّرت بفعل الصراع المسلّح، وما تفعله المليشيات الحوثية بحق الدولة؛ إذ قضت على ملامح الاستقرار والبناء والتطور.

في هذا السياق، يعرف الخريجون من الجامعات مشاكل كثيرة، منها تحوّل الخريج إلى سائق تكسي، أو عامل في مطعم، أو بائع متجوّل، أو نجار، وما إلى ذلك من مهن لا تمت إلى تحصيله العلمي بصلة. لسان حالهم يقول: لماذا نتعلم؟ أليس من أجل أن نعمل؟ ولكن في اليمن أين العمل؟

في عام 2009، تخرّج الشاب، خالد المنيفي، (30 عاماً)، من كلية الإعلام. يقول في حديثٍ مع "جيل العربي الجديد": "يرتدي الخريج ثوبه مبتهجاً، وما إن يضع أولى خطواته في البحث عن عمل، مسنوداً بالثقة برصيده العلمي، الذي حصل عليه خلال سنوات دراسته الجامعية، حتى تبدأ صدمته التي تتوالى عقبها صدمات بعدم حصوله على الوظيفة. وهنا يدرك أن السعادة التي كان يطمح إليها ما هي إلا جحيم اسمه البطالة".

أن يدخل بلد في حرب طاحنة، يعني ذلك أن الضحايا ليسوا قتلى وجرحى وحسب، بل هناك ضحايا آخرون، من ضمنهم الجيل الجامعي المتخرج إلى ميدان ليس ميدانه، ومهن لا علاقة لها بتخصصه.

عز الدين محمد، (28 عاماً)، خريج تربية من جامعة صنعاء، يقول لـ "جيل العربي الجديد": "تخرجت قبل أربعة أعوام تقريباً من الجامعة، ولم أجد فرصة عمل في مجال تخصصي، فلجأت إلى العمل في محل بيع الأسماك".

عز الدين، الذي بدت عليه ملامح قلق كبيرة، يؤكد أن تفاؤله ضئيل بحصوله على وظيفة على المدى القريب: "ممكن أحصل على وظيفة مدرس بعد 15 سنة تقريباً من الآن".

يأتي هذا الحديث في ظل الإعلان عن فقدان أكثر من ثلاثة ملايين عامل في اليمن وظائفهم بسبب الصراع المسلح والحرب، التي اندلعت أواخر آذار/ مارس 2015، وتتحدث الأرقام الاقتصادية عن توقف 800 شركة خاصة كانت تعمل في مجال المقاولات، والاستثمارات الأخرى.

من هنا، يتساءل عبد الغني الحطامي: "إذا كان ثلاثة ملايين عامل قد فقدوا وظائفهم بسبب الحرب، وستة ملايين عاطلين عن العمل؛ فكيف لنا نحن أن نحصل على وظيفة؟".

عبد الغني، وهو خريج من كلية التجارة في جامعة صنعاء، يتابع "أنا حزين جداً على السنوات التي تعلمت فيها، من التعليم الأساسي وحتى الانتهاء من الجامعة. لو أني كنت أعلم أني بعد كل هذا سأكون سائق تاكسي، لما تعلمت".

تراوحت أعداد المسجلين من طالبي الوظائف الحكومية في وزارة الخدمة اليمنية والتأمينات ما بين 260 و280 ألفاً، نهاية عام 2015؛ وأكثر من 50% منهم خريجو جامعات طبقاً لوزارة الخدمة المدنية.

ورغم ذلك، يقول ياسر مارش، وهو مسؤول في وزارة الخدمة المدنية، لـ "جيل العربي الجديد": "خلال السنوات الأربع الأخيرة، تراجعت عملية التسجيل المنتظم لدى الخدمة المدنية، بعد توقّف اعتماد وظائف جديدة لدى جهاز الدولة".

كثيرة هي مشاكل التعليم العالي في اليمن، وكثيرة هي الأسباب التي حولت خريجي الجامعات إلى عاطلين وعمال. ومن ضمن أسباب تكديس العاطلين وفقاً لتصريحات أكاديميين: التكرار، والاستنساخ للأقسام العلمية والتطبيقية.

هذه المشكلة، بحسب أساتذة علم الاجتماع والنفس، لها آثار وأبعاد اجتماعية ونفسية واقتصادية، وتولّد إحباطاً ويأساً وشعوراً بالدونية، بل يصبح كثير من الشباب مشاريع استقطاب لدى الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ولدى أطراف النزاع اليمني؛ الأطراف التي استغلت فراغ بعض الخريجين الجامعيين واستقطبتهم إلى الجبهات والميادين.

المساهمون