اليمنيون يواجهون تطييف العنف بالتسامح

21 مارس 2015
ما زال المجتمع اليمني رافضاً للتقسيم الطائفي والمذهبي
+ الخط -

أبدى اليمنيون رفضا واسعا لأعمال العنف المتزايدة في المدن، والتي تستهدف مدنيين بحسب الانتماء السياسي أو الديني، حرصا منهم على عدم انزلاق المجتمع إلى مربع الاقتتال الطائفي، رغم إيمان الكثيرين أن ممارسات الفرقاء السياسيين مؤخرا تعزز الطائفية والمناطقية.

وبالرغم من إقدام مكونات سياسية يمنية على تفجير بعض دور العلم التابعة لمذاهب مخالفة، واستهداف مدنيين بسبب انتمائهم لمكونات سياسية ودينية معينة، إلا أن أغلب اليمنيين أعلنوا رفضهم هذه الممارسات وأعمال العنف، كونها ستجر اليمن واليمنيين إلى أتون الحرب الطائفية الشاملة.

وكانت العمليات الانتحارية التي استهدفت دور عبادة، تمثل أماكن تجمعات مدنية موالية لجماعة أنصار الله (الحوثيين)، قد أثارت ردات فعل مجتمعية واسعة، شملت حتى المخالفين للحوثيين، رافضة مثل هذه العمليات التي تزيد من هوة الخلاف بين المكونات المجتمعية المتجانسة والمتعايشة منذ مئات السنوات، والتي تهدد اليوم تماسك النسيج المجتمعي اليمني.

وانتشرت في صفحات التواصل الاجتماعي عبارات الإدانة والرفض للعمليات الانتحارية التي استهدفت أمس الجمعة، مساجد يشرف عليها موالون لجماعة الحوثيين، وذلك باعتبار الدماء التي تسفك يمنية في نهاية الأمر مهما كان التوجه والانتماء.


وفي هذا الصدد، أكد أمين عام حزب الحق حسن زيد، فشل من وصفهم بـ"المراهنين على خلق صراع طائفي باليمن" في إثارة النعرة الطائفية غير الموجودة باليمن"، مشيرا إلى عدم وجود مساجد في اليمن شافعية أو مساجد زيدية، وأن مثل هذا الطرح يهدف إلى إثارة النزعة الطائفية.
وقال زيد في تعليق نشره على صفحته بموقع فيسبوك، إن "اليمني الشافعي والحنفي أكثر تشيعا من الزيدي، والزيدي أكثر تسننا من الشافعي والحنفي".

إلى ذلك، شدد الإعلامي البارز عبد الله إسماعيل، على ضرورة النأي بالمساجد والمدنيين عن الخلافات، منددا بقيام بعض وسائل الإعلام بتعريف المساجد التي تمت فيها عمليات انتحارية اليوم، بأنها مساجد محسوبة على الحوثيين. مشيرا إلى عدم وجود مسجد محدد لطائفة معينة أو لفئة معينة، وأن ما يتم تداوله خطأ كبير.

واعتبر إسماعيل، المعروف باختلافه مع حركة أنصار الله، أن شهداء العمليات الانتحارية أمس يمنيون أيا كان انتماؤهم ونسبهم، وأن من يثيرون الطائفية والعصبية اليوم يحرصون على تطور الأحداث، بما يساعد على تمزيق النسيج المجتمعي اليمني المتجانس والمتعايش منذ فترات طويلة.

وأشاد إسماعيل في تصريح لـ"العربي الجديد"، بما وجده من "استنكار وإدانة واسعة للعمليات الانتحارية التي تستهدف المدنيين والصحافيين المحسوبين على أنصار الله الحوثيين"، والتي صدرت من مكونات سياسية وثقافية وإعلامية تختلف سياسيا مع الحوثيين.

معتبرا ذلك "انتصارا لقيمة التعايش في اليمن، وحرصا على عدم تحويل الخلافات السياسية إلى خلافات طائفية، كما يحدث في عدد من دول العالم العربي".

واتفق جمال الغراب رئيس تحرير موقع الفجر الجديد الإخباري، مع ما أشار إليه عبد الله إسماعيل، حيث قال إن "العمليات الإرهابية التي تحدث في اليمن توحد اليمنيين، بالرغم من اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم الثقافية والسياسية". مشيرا إلى أن من يرتكبون هذه العمليات يهدفون إلى تحويل الصراع السياسي إلى طائفي، لكن الذي يحدث بأنها توحد اليمنيين أكثر.

التبرع بالدم

ويبدو الحرص على عدم خسارة قيمة التعايش في اليمن، من خلال إعلان كثير من الشباب الرافض للسيطرة الحوثية على مؤسسات الدولة، الذهاب إلى المستشفيات التي تعج بمئات الجرحى والمصابين من العمليات الانتحارية، التي استهدفت أمس المصلين بمسجدي الحشحوش وبدر بالعاصمة صنعاء.

وكتب ياسر الحسني، القيادي في ثورة الشباب السلمية، وأحد من يقودون الاحتجاجات الشبابية ضد سيطرة الحوثيين على المدن اليمنية، على صفحته بفيسبوك، أنه ذاهب إلى التبرع بالدم للجرحى المدنيين الذين سقطوا جراء العملية الانتحارية.

مطالبا من حوله بتفعيل هاشتاغ يشير إلى واحدية الشعب اليمني وعدم وجود طوائف، تحت عنوان #الدم_اليمني_واحد.

اقرأ أيضاً:
سلمية الشباب مقابل عنف الحوثيين في اليمن

وكانت العاصمة اليمنية صنعاء شهدت أمس الجمعة 4 تفجيرات انتحارية متزامنة نفذها انتحاريون، استهدفت مساجد في حي الجراف والصافية، جنوبي العاصمة وشمالييها، ما خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى، الذين تتفاوت إصاباتهم بين البالغة والمتوسطة والبسيطة.

وأظهرت صورٌ تداولها ناشطون حجم المأساة التي تمت في المسجدين، بسقوط أطفال كثيرين بين الضحايا، إذ كثيرا ما يحرص اليمنيون على اصطحاب صغارهم لصلاة الجمعة.