22 ابريل 2017
الوطن المنفى
يسرى السعيد (سورية)
حين تتحدّث عن الوطن وحنينك إليه، فأوّل ما يتبادر إلى ذهن السامع، أنّك خارج حدود هذا الوطن الأم؛ لكن لا يدرك أنّك تشكو حنيناً، ولهفة لوطنك، وأنت فيه، وأنّك لا تزال قابعاً على مساحة تناسب خذلانك وخيبتك.
في البلاد التي عاشت الحرب، يبدو أنّك ستعيش المتناقضات على أصولها، وفروعها، وبقديمها وحديثها، وجديدها أيضاً؛ فأنت هنا في سورية تحيا داخل وطنٍ، تقاسمت محافظاته كلّ أشكال الدمار والخراب والخوف والرعب.
وفي سورية اليوم، تتوّزع كلّ أشكال الغربة بالتساوي بين المحافظات، فحتى ضمن المدينة الواحدة هناك شوارع يحظر عليك الوصول إليها، بل ويستحيل لك أن تعبرها؛ وأنت المقيم على بعد أمتار منها؛ فهذا حيّ لهذا الفصيل، وذلك حيّ لفصيل آخر، وقدرك الذي وضعك في حيّ ما، سيمنعك من زيارة الآخر.
وأنت هنا، محاط بمساحة من الحرية لاتتجاوز الكيلو متر بأحسن الأحوال، وضمنها يحق لك أن تتفنن بسبل رفاهيتك، وتنقلاتك، على أن تضع نصب عينيك أن لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي تتعدى تلك الكيلو مترات.
الوطن المنفى هو وطن يمنحك شعور العاجز على كرسي متحرّك، فمهما حاولت لن تستطيع تجاوز منطقةٍ صغيرة قد تكون خلاصة أحلامك؛ لكنّها بعيدة أيضاً، وممنوعة.
خساراتنا تزداد، والخناق يضيق أكثر فأكثر، وخارج جسدك أنت محكومٌ بما يسمح لك بالتحرّك خلاله، وداخل فكرك أنت منغلق ومنكفئ على أفكار تحيا وتموت دون أن ترى النور لأنّها تتلاشى قبل أن تظهر.
وسيطفو على السطح قريباً ثقافة جديدة، سنقرأ من خلالها أروع مشاعر الشوق وأعظمها، معبّرةً عن حالنا تجاه شوارع مقابلة لنا، ولانستطيع الوصول إليها، أو أشخاص يعيشون معنا في أسرة واحدة، لكنّنا حتى الآن وبعد خمس سنين، لم نجد قناة الوصل بين أفكارنا وأفكارهم.
أغاني الغربة لن نغنيها لحلب ودمشق، ونحن في قاراتٍ أخرى، سيردّدها أهلوها الذين قطّعت الحرب أوصال مدنهم، وباتت من الأحلام الكبيرة زيارة تلك المدن، وهم داخل سوريا لا خارجها.
أصبح السفر من مدينة إلى أخرى، كالهجرة من بلد إلى خر، بل أشدّ خطورة، وهي رحلة محفوفة بالمخاطر بكلّ أنواعها، وبأبشع صورها، وتبكي العولمة وترثي لحالنا، فنحن عدنا بل، ربما ابتكرنا وضعاً جديداً لم يعشه حتى أجدادنا من التقوقع والانكفاء، وضع يحوّل الوطن لمنفى، والمواطن لغريب، حتى إشعارخر، أو ربما حرب أخرى.
في البلاد التي عاشت الحرب، يبدو أنّك ستعيش المتناقضات على أصولها، وفروعها، وبقديمها وحديثها، وجديدها أيضاً؛ فأنت هنا في سورية تحيا داخل وطنٍ، تقاسمت محافظاته كلّ أشكال الدمار والخراب والخوف والرعب.
وفي سورية اليوم، تتوّزع كلّ أشكال الغربة بالتساوي بين المحافظات، فحتى ضمن المدينة الواحدة هناك شوارع يحظر عليك الوصول إليها، بل ويستحيل لك أن تعبرها؛ وأنت المقيم على بعد أمتار منها؛ فهذا حيّ لهذا الفصيل، وذلك حيّ لفصيل آخر، وقدرك الذي وضعك في حيّ ما، سيمنعك من زيارة الآخر.
وأنت هنا، محاط بمساحة من الحرية لاتتجاوز الكيلو متر بأحسن الأحوال، وضمنها يحق لك أن تتفنن بسبل رفاهيتك، وتنقلاتك، على أن تضع نصب عينيك أن لا تتجاوز الخطوط الحمراء التي تتعدى تلك الكيلو مترات.
الوطن المنفى هو وطن يمنحك شعور العاجز على كرسي متحرّك، فمهما حاولت لن تستطيع تجاوز منطقةٍ صغيرة قد تكون خلاصة أحلامك؛ لكنّها بعيدة أيضاً، وممنوعة.
خساراتنا تزداد، والخناق يضيق أكثر فأكثر، وخارج جسدك أنت محكومٌ بما يسمح لك بالتحرّك خلاله، وداخل فكرك أنت منغلق ومنكفئ على أفكار تحيا وتموت دون أن ترى النور لأنّها تتلاشى قبل أن تظهر.
وسيطفو على السطح قريباً ثقافة جديدة، سنقرأ من خلالها أروع مشاعر الشوق وأعظمها، معبّرةً عن حالنا تجاه شوارع مقابلة لنا، ولانستطيع الوصول إليها، أو أشخاص يعيشون معنا في أسرة واحدة، لكنّنا حتى الآن وبعد خمس سنين، لم نجد قناة الوصل بين أفكارنا وأفكارهم.
أغاني الغربة لن نغنيها لحلب ودمشق، ونحن في قاراتٍ أخرى، سيردّدها أهلوها الذين قطّعت الحرب أوصال مدنهم، وباتت من الأحلام الكبيرة زيارة تلك المدن، وهم داخل سوريا لا خارجها.
أصبح السفر من مدينة إلى أخرى، كالهجرة من بلد إلى خر، بل أشدّ خطورة، وهي رحلة محفوفة بالمخاطر بكلّ أنواعها، وبأبشع صورها، وتبكي العولمة وترثي لحالنا، فنحن عدنا بل، ربما ابتكرنا وضعاً جديداً لم يعشه حتى أجدادنا من التقوقع والانكفاء، وضع يحوّل الوطن لمنفى، والمواطن لغريب، حتى إشعارخر، أو ربما حرب أخرى.
مقالات أخرى
22 مارس 2017
04 فبراير 2017
29 ديسمبر 2016