تكثف الأمم المتحدة من اهتمامها بالوضع الحقوقي في تونس، ويظهر ذلك من خلال زيارات المسؤولين الأمميين إلى البلاد في الآونة الأخيرة، وسط التأكيد على أن الدولة تظل النقطة المضيئة حقوقياً في المنطقة، في إطار مجهوداتها للمضي نحو تعزيز الديمقراطية.
وأكد مسؤولون أمميون في تصريحات صحافية، وآخرهم المفوضة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليه، التي تواصل لقاءاتها مع السلطات الرسمية التونسية ومنظمات المجتمع المدني، أنّ المجتمع الدولي يواصل تعزيز دعمه لها ولمشروعها الديمقراطي الناجح.
وتتزامن زيارة باشليه مع زيارة أخرى يجريها المقرر الخاص لحرية التعبير إلى تونس بمناسبة انعقاد مؤتمر الاتحاد الدولي للصحافيين. وأجرى المسؤولان الأمميان عدة لقاءات مع السلطة التنفيذية والتشريعية، كما التقيا أيضاً بمنظمات حقوقية قدمت تقييمها الخاص للوضع الحقوقي.
إلى ذلك، قالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، إثر لقائها بالوزير المكلف بالعلاقة مع الهيئات وحقوق الإنسان، فاضل محفوظ، إن "منظمة الأمم المتحدة تعتبر تونس مثالاً يحتذى به في كامل المنطقة، باعتبار أن منجزها الإصلاحي في مجال النهوض بحقوق الإنسان وتكريس الحريّات وتعزيز المسار الديمقراطيّ هو تجربة متفرّدة لا بدّ من مواصلة دعمها ووضعها تحت الأضواء".
وأوردت الوزارة في بلاغ لها، أن "المفوضية السامية لحقوق الإنسان تتفهّم التحديّات الأمنية والإقليمية والاقتصادية التي تواجهها تونس، وتثمن الخطوات التي تتخذها البلاد نحو إرساء الديمقراطية رغم هذه المصاعب".
واطلعت باشليه على الملفات الكبرى المطروحة أمام اللجنة الوطنية للتنسيق وإعداد التقارير ومتابعة التوصيات في مجال حقوق الإنسان ولجنة ملاءمة التشريعات الوطنية مع الدستور والجهود الهادفة لتعزيز الضمانات في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى الإصلاحات التشريعية والمؤسساتية التي أقرتها تونس في إطار مكافحتها لكل أشكال التمييز والتهميش ودعمها لحقوق الإنسان ولقيم المساواة والمواطنة وتكافؤ الفرص.
من جهته، استعد المجتمع المدني التونسي لهذه الزيارات، إذ أعدت المنظمات الحقوقية تقارير تقييمية للوضع الحقوقي في البلاد، على وقع أخبار بشأن وقوع انتهاكات لحقوق الإنسان.
وبينت عضو الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، نجاة الزموري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ الرابطة التقت بدورها المفوضة السامية والمقرر الخاص بحرية التعبير وأكدت في كل اللقاءات التي أجرتها على أن التقدم الحاصل في مجال احترام حقوق الإنسان ما زال منقوصاً ويتطلب حرصاً أكبر من الجهات الرسمية على إنفاذ القوانين المتعلقة بحماية حقوق الإنسان.
وكشفت الزموري أنّ أهم النقاط التي أثيرت خلال هذه اللقاءات، دارت حول الاستمرار في تكريس سياسة الإفلات من العقاب، ولعل جلسات العدالة الانتقالية تمثل أبرز مثال على ذلك. وتم إطلاع المفوضة أيضا على استمرار ظاهرة التعذيب وسوء المعاملة وانتهاك الحقوق والحريات الفردية من قبل أجهزة الدولة.
وأشارت إلى أن مقترحات التشريعات التي مرّت في الفترة الأخيرة بعثت أيضا شعورا بالخطر ومخاوف من الانتكاسة نحو الوراء، واقتضى ذلك أيضا تمكينها من التقارير الموجهة للمسؤولين الأمميين.