05 نوفمبر 2024
الورقة "الرابحة" بيد إيران
تستخدم إيران، بكل وضوح، الورقة الطائفية في مشروعها الإقليمي، لخدمة مصالحها القومية في المنطقة، فهي تتعامل مع الشيعة العرب كامتداد لنفوذها، وتعتبر نفسها "الوصي" أو "المسؤول" عنهم. بل لا نبالغ في القول إنّها نجحت بإقناعهم تماماً، عبر بناء منظومة عقائدية وفقهية، وقناعات سياسية، بأنّها خيارهم الاستراتيجي الوحيد، ليحسنوا أوضاعهم في البلاد العربية. والسؤال المهم الذي ينبثق عن ذلك، ما إذا كان استخدام "العرب السنّة" الورقة الطائفية نفسها يخدم مصالحهم، أم يضرّ بها؟
هو سؤال من المهم أن نثيره، بأبعاده الاستراتيجية والسياسية والثقافية والدينية كافّة اليوم، لأنّه يمسّ، بعمق، الأمن والسلم الأهلي المجتمعي، أولاً، والأمن القومي العربي والوطني لدول عديدة ثانياً، والثقافة الإنسانية والقيم الأخلاقية والتعددية ثالثاً.
المقصود بالورقة الطائفية، بصورة أساسية، هم الشيعة العرب، أي أنّ اللعبة الطائفية تقع على "أرض" العرب، وفي ساحتهم وميدانهم، ما يضعنا أمام خيارين استراتيجيين. الأول هو الحكم على العلاقة الداخلية في المجتمعات العربية بين السنّة والشيعة بالصراع الحاد الذي يصل إلى مرتبة "الوجودي الهويّاتي". والثاني البحث عن بديل آخر داخل المجتمعات العربية لتسوية سياسية، تأخذ أبعاداً فقهية وحضارية، لأنظمة سياسية تستوعبهم، ضمن منظومة من المفاهيم والحقوق السياسية والإنسانية الكاملة، ما يجعلهم يشعرون بأنّ انتماءهم لأوطانهم ومصالحهم مرتبط بـ"الداخل"، لا بالخارج، حتى لو كان مشتركاً بالمذهب الشيعي.
ثمّة خطاب سائد، اليوم، في العالم العربي، يخلط تماماً بين الصراع الإقليمي مع إيران في المنطقة والجانب الطائفي، فيضع الشيعة العرب في حزمة إيران، ويعتبرهم، ضمنياً، بمثابة "العدو داخل البيت"، وهو ما يمنح إيران نقاطاً حاسمة في "اللعبة الإقليمية"، إنْ لم نقل يجعل "الورقة الرابحة" بأيديهم، ويدفع المجتمعات والدول العربية نحو صدامات داخلية قاتلة مميتة، لا تضرب فقط الحالة الأمنية والسلم الأهلي، بل ما هو أخطر من ذلك، الثقافة المجتمعية، فتدخل المجتمعات العربية في دوامة العنف والتطرف، وتصبح الكلمة العليا فيها للتيارات التكفيرية المتبادلة، شيعية كانت أو سنيّة.
السؤال الذي يترتب، بديهياً، على الجُملة السابقة؛ هل يمكن، فعلاً، "استعادة" الشيعة العرب وكسبهم، مرّة أخرى، في ظل الولاء الواضح لدى نسبة كبيرة منهم اليوم لإيران، سواء كان عبر الإيمان بـ"ولاية الفقيه"، أو القناعة بأنّ إيران هي المركز الحامي لهم في مواجهة "الأغلبية" السنية العربية؟
لن أنتظر جواب شريحة واسعة من المثقفين العرب، بخاصة الإسلاميين، وبالأخص أكثر الأصدقاء والمثقفين السوريين والعراقيين واليمنيين الذين ذاقوا الأمرّين، في الأعوام الماضية، من سطوة النفوذ الإيراني والحلفاء الشيعة العرب الملحقين بطهران! لكنني أظن أنّ علينا عدم إغلاق هذا الباب، أو استباق النقاش بأجوبة معلّبة جاهزة، بل التفكير، قبل ذلك، بالأسباب التي دفعت شريحة واسعة من المواطنين الشيعة العرب إلى أحضان طهران، وإلى القبول بعلاقة التبعية هذه، التي ليست بالضرورة مريحة أو مقبولة لديهم، بقدر ما أنّها جاءت تحت واقع الاضطرار وعدم وجود الخيارات البديلة، كما هي حال، الطرف المقابل، أي شريحة واسعة من الشباب العربي السنّي الذي التحق بداعش وأخواتها في العراق وسورية، وفي دول أخرى.
السؤال الآخر، الذي أطرحه عليكم، فيما لو كانت هنالك أنظمة ديمقراطية، توفّر مناخاً من التعددية والحريات، السياسية والدينية والثقافية، وتلتزم بمعايير واضحة من العدالة وتكافؤ الفرص، وتستند على أساسٍ صلب من قيمة المواطنة وسيادة القانون وعدم التمييز على أساس المذهب، أو العرق أو الجنس واللون، هل كانت طهران ستكون خيار الشيعة العرب؟
هل قدّم المثقفون والسياسيون السنّة خطاباً حضارياً تعددياً إصلاحياً توافقياً للشيعة، يدعم مفاهيم المواطنة والعيش المشترك، ورفضوه وألقوه علينا، أم أنّنا أجبنا عنهم مسبقاً، وصادرنا على الأقل فرصة معرفة الجواب؟!
هو سؤال من المهم أن نثيره، بأبعاده الاستراتيجية والسياسية والثقافية والدينية كافّة اليوم، لأنّه يمسّ، بعمق، الأمن والسلم الأهلي المجتمعي، أولاً، والأمن القومي العربي والوطني لدول عديدة ثانياً، والثقافة الإنسانية والقيم الأخلاقية والتعددية ثالثاً.
المقصود بالورقة الطائفية، بصورة أساسية، هم الشيعة العرب، أي أنّ اللعبة الطائفية تقع على "أرض" العرب، وفي ساحتهم وميدانهم، ما يضعنا أمام خيارين استراتيجيين. الأول هو الحكم على العلاقة الداخلية في المجتمعات العربية بين السنّة والشيعة بالصراع الحاد الذي يصل إلى مرتبة "الوجودي الهويّاتي". والثاني البحث عن بديل آخر داخل المجتمعات العربية لتسوية سياسية، تأخذ أبعاداً فقهية وحضارية، لأنظمة سياسية تستوعبهم، ضمن منظومة من المفاهيم والحقوق السياسية والإنسانية الكاملة، ما يجعلهم يشعرون بأنّ انتماءهم لأوطانهم ومصالحهم مرتبط بـ"الداخل"، لا بالخارج، حتى لو كان مشتركاً بالمذهب الشيعي.
ثمّة خطاب سائد، اليوم، في العالم العربي، يخلط تماماً بين الصراع الإقليمي مع إيران في المنطقة والجانب الطائفي، فيضع الشيعة العرب في حزمة إيران، ويعتبرهم، ضمنياً، بمثابة "العدو داخل البيت"، وهو ما يمنح إيران نقاطاً حاسمة في "اللعبة الإقليمية"، إنْ لم نقل يجعل "الورقة الرابحة" بأيديهم، ويدفع المجتمعات والدول العربية نحو صدامات داخلية قاتلة مميتة، لا تضرب فقط الحالة الأمنية والسلم الأهلي، بل ما هو أخطر من ذلك، الثقافة المجتمعية، فتدخل المجتمعات العربية في دوامة العنف والتطرف، وتصبح الكلمة العليا فيها للتيارات التكفيرية المتبادلة، شيعية كانت أو سنيّة.
السؤال الذي يترتب، بديهياً، على الجُملة السابقة؛ هل يمكن، فعلاً، "استعادة" الشيعة العرب وكسبهم، مرّة أخرى، في ظل الولاء الواضح لدى نسبة كبيرة منهم اليوم لإيران، سواء كان عبر الإيمان بـ"ولاية الفقيه"، أو القناعة بأنّ إيران هي المركز الحامي لهم في مواجهة "الأغلبية" السنية العربية؟
لن أنتظر جواب شريحة واسعة من المثقفين العرب، بخاصة الإسلاميين، وبالأخص أكثر الأصدقاء والمثقفين السوريين والعراقيين واليمنيين الذين ذاقوا الأمرّين، في الأعوام الماضية، من سطوة النفوذ الإيراني والحلفاء الشيعة العرب الملحقين بطهران! لكنني أظن أنّ علينا عدم إغلاق هذا الباب، أو استباق النقاش بأجوبة معلّبة جاهزة، بل التفكير، قبل ذلك، بالأسباب التي دفعت شريحة واسعة من المواطنين الشيعة العرب إلى أحضان طهران، وإلى القبول بعلاقة التبعية هذه، التي ليست بالضرورة مريحة أو مقبولة لديهم، بقدر ما أنّها جاءت تحت واقع الاضطرار وعدم وجود الخيارات البديلة، كما هي حال، الطرف المقابل، أي شريحة واسعة من الشباب العربي السنّي الذي التحق بداعش وأخواتها في العراق وسورية، وفي دول أخرى.
السؤال الآخر، الذي أطرحه عليكم، فيما لو كانت هنالك أنظمة ديمقراطية، توفّر مناخاً من التعددية والحريات، السياسية والدينية والثقافية، وتلتزم بمعايير واضحة من العدالة وتكافؤ الفرص، وتستند على أساسٍ صلب من قيمة المواطنة وسيادة القانون وعدم التمييز على أساس المذهب، أو العرق أو الجنس واللون، هل كانت طهران ستكون خيار الشيعة العرب؟
هل قدّم المثقفون والسياسيون السنّة خطاباً حضارياً تعددياً إصلاحياً توافقياً للشيعة، يدعم مفاهيم المواطنة والعيش المشترك، ورفضوه وألقوه علينا، أم أنّنا أجبنا عنهم مسبقاً، وصادرنا على الأقل فرصة معرفة الجواب؟!