حتى سنوات قريبة، ظلت ليبيا محافظة على بعض الحرف والصناعات اليدوية البسيطة المرتبطة بالطابع الليبي الخاص، لكن مع غزو البضائع المستوردة وارتفاع تكاليف الصناعات اليدوية، بدأ الكثير من الحرف والمنتجات يتلاشى يوماً تلو الآخر وتوارت عن الأنظار.
وكانت النساء الليبيات قديماً يقمن بصناعة النسيج، فينسجن ألبسة أسرهن من الموارد المتوفرة محلياً، خاصة الأصواف، وظلت "المسدة" وهي آلة يدوية بسيطة تتخذ شكلا عموديا و"النول" الذي يتخذ شكلا أفقيا، هما وسيلتهن إلى هذه الصناعة.
كما اشتهر حرفيو طرابلس بهذه الصناعة، حيث كانوا يتفننون في صناعة الملابس الحريرية، فأدخلوا فيها خيوطا وأسلاكا معدنية من الفضة أو الذهب، وكانت جودتها تعتمد على كمية الفضة والذهب الداخلة في صناعتها.
لكن هذه الصناعات، تلاشت نتيجة لجوء العمالة الوطنية إلى الوظائف السهلة، فضلا عن غزو الأسواق المحلية من منتجات منافسة من الصين ومصر والهند رخيصة الثمن، مقارنة مع المنتج المحلي اليدوي الذي كان يحتاج جهداً ووقتا أطول.
ويقول حرفيون من سوق الترك في العاصمة طرابلس، لـ "العربي الجديد"، إن الدولة لم تقم على مر سنوات بدعمهم أو تشجيعهم؛ ولو حتى بقروض لإقامة مشروعات صغيرة؛ للمحافظة على الحرف والصناعات اليدوية ذات الطابع الخاص. وأشاروا إلى أن المواطن يشتري البضائع المستوردة من الخارج لسعرها البخس، لأن دخله محدود، بينما لا يحبذ شراء زي ليبي محلي بسعر مضاعف.
وقال التاجر حسين الطرابلسي، إنه يستورد معظم الزي المحلي الليبي من سوق الخراطين بالمنشية في الإسكندرية شمالي مصر مند ما يقرب من عامين، التي تقوم بتصنيع "الشاشية" وهي لباس الرأس الرجالي. وتصنع الشاشية من صوف الغنم، لأنه عازل للحرارة والبرد، كما أنها تمتص الماء بكيفية بطيئة، وتقاوم الانكماش، وتحافظ على رونقها وجمالها، وتجعلها سهلة التنظيف.
ورداً على سؤال حول عدم إقبال الليبيين على شراء الملابس التقليدية من الأسواق المحلية، قال الطرابلسي لـ "العربي الجديد" إن أسعار الملابس المُصنعة محلياً مرتفعة الثمن، فعلى سبيل المثال، فإن "الفرملة الرجالية"، وهو نوع من الرداء، يتم استيرادها من الخارج وتباع في السوق الليبي مقابل عشرين ديناراً فقط (15 دولارا)، فيما يصل سعر الفرملة المُصنعة محلياً 100 دينار ليبي (75 دولاراً).
ولم يقتصر التراجع في الحرف اليدوية على صناعة الملابس الليبية ذات الطابع الخاص، وإنما امتدت إلى صناعات أخرى عدة، منها صناعات سعف النخيل، التي اشتهرت بها ولاية فزان في الجنوب الغربي من ليبيا، لكنها اندثرت في السنوات الأخيرة.
كما تقلصت صناعات التعدين اليدوية، مثل صناعة النحاس والقصدير والذهب والفضة، والتي كانت هناك ورش لأصحاب هذه الحرف خلف أسوار البلدة القديمة في طرابلس، حيث ينتجون مشغولات يدوية مختلفة، منها الأطباق المزينة بنقوش محفورة باليد.
ويقول أحد الحرفيين في مشغولات النحاس اليدوية، إنه لم يعد هناك سوق لهذه المنتجات التي كانت تعتمد في السابق على الزوار الأجانب، لكن في ظل التردي الأمني للبلاد فإن الزبون الوحيد لهذه المنتجات أصبح محليا وهو قليل جداً.
اقرأ أيضا: الخياط الفلسطيني..يد من ذهب يمتلكها التاجر الإسرائيلي
وتفاقمت الأزمات المعيشية لليبيين خلال الأربع سنوات الماضية، على خلفية الصراعات السياسية والاضطرابات الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية على خلفية التراجع الحاد في إنتاج وتصدير النفط الذي تعتمد عليه الدولة بشكل كبير في مواردها المالية.
كما أن آلات الفلاحة والزراعة القديمة، بفعل منافسة الصناعة الحديثة من الخارج. وقال بشير محمد، المتخصص في قطاع التسويق لـ "العربي الجديد"، إن عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بعد الثورة بشأن الصناعات التقليدية مع فتح الحدود على مصراعيها للاستيراد، أضر بالصناعة المحلية في المُنافسة مع غلاء مدخلات الإنتاج مثل الأصواف والمعادن والجلود.
وطالب محمد، بضرورة المحافظة على التراث الليبي وتوفير فرص عمل جديدة، باعتبار أن هذه النوعية من الأعمال تعد بمثابة منجم للوظائف لليبيين وغير الليبيين.
وانتقلت الصناعات التقليدية إلي وزارة الصناعة بدلاً من وزارة السياحة، وبحسب تصريحات صحافية لمسؤولين في الوزارة، فإنه تم تشكيل لجنة لدراسة قضية الصناعات التقليدية وإمكانية دعمها.
اقرأ أيضا: تأخر صرف رواتب 1.25 مليون موظف في ليبيا
اقرأ أيضا: 4 سنوات عجاف للاقتصاد الليبي
اقرأ أيضا: العمالة المطاردة..مصري يروي قصة هروبه من جحيم "داعش"
وكانت النساء الليبيات قديماً يقمن بصناعة النسيج، فينسجن ألبسة أسرهن من الموارد المتوفرة محلياً، خاصة الأصواف، وظلت "المسدة" وهي آلة يدوية بسيطة تتخذ شكلا عموديا و"النول" الذي يتخذ شكلا أفقيا، هما وسيلتهن إلى هذه الصناعة.
كما اشتهر حرفيو طرابلس بهذه الصناعة، حيث كانوا يتفننون في صناعة الملابس الحريرية، فأدخلوا فيها خيوطا وأسلاكا معدنية من الفضة أو الذهب، وكانت جودتها تعتمد على كمية الفضة والذهب الداخلة في صناعتها.
لكن هذه الصناعات، تلاشت نتيجة لجوء العمالة الوطنية إلى الوظائف السهلة، فضلا عن غزو الأسواق المحلية من منتجات منافسة من الصين ومصر والهند رخيصة الثمن، مقارنة مع المنتج المحلي اليدوي الذي كان يحتاج جهداً ووقتا أطول.
ويقول حرفيون من سوق الترك في العاصمة طرابلس، لـ "العربي الجديد"، إن الدولة لم تقم على مر سنوات بدعمهم أو تشجيعهم؛ ولو حتى بقروض لإقامة مشروعات صغيرة؛ للمحافظة على الحرف والصناعات اليدوية ذات الطابع الخاص. وأشاروا إلى أن المواطن يشتري البضائع المستوردة من الخارج لسعرها البخس، لأن دخله محدود، بينما لا يحبذ شراء زي ليبي محلي بسعر مضاعف.
وقال التاجر حسين الطرابلسي، إنه يستورد معظم الزي المحلي الليبي من سوق الخراطين بالمنشية في الإسكندرية شمالي مصر مند ما يقرب من عامين، التي تقوم بتصنيع "الشاشية" وهي لباس الرأس الرجالي. وتصنع الشاشية من صوف الغنم، لأنه عازل للحرارة والبرد، كما أنها تمتص الماء بكيفية بطيئة، وتقاوم الانكماش، وتحافظ على رونقها وجمالها، وتجعلها سهلة التنظيف.
ورداً على سؤال حول عدم إقبال الليبيين على شراء الملابس التقليدية من الأسواق المحلية، قال الطرابلسي لـ "العربي الجديد" إن أسعار الملابس المُصنعة محلياً مرتفعة الثمن، فعلى سبيل المثال، فإن "الفرملة الرجالية"، وهو نوع من الرداء، يتم استيرادها من الخارج وتباع في السوق الليبي مقابل عشرين ديناراً فقط (15 دولارا)، فيما يصل سعر الفرملة المُصنعة محلياً 100 دينار ليبي (75 دولاراً).
ولم يقتصر التراجع في الحرف اليدوية على صناعة الملابس الليبية ذات الطابع الخاص، وإنما امتدت إلى صناعات أخرى عدة، منها صناعات سعف النخيل، التي اشتهرت بها ولاية فزان في الجنوب الغربي من ليبيا، لكنها اندثرت في السنوات الأخيرة.
كما تقلصت صناعات التعدين اليدوية، مثل صناعة النحاس والقصدير والذهب والفضة، والتي كانت هناك ورش لأصحاب هذه الحرف خلف أسوار البلدة القديمة في طرابلس، حيث ينتجون مشغولات يدوية مختلفة، منها الأطباق المزينة بنقوش محفورة باليد.
ويقول أحد الحرفيين في مشغولات النحاس اليدوية، إنه لم يعد هناك سوق لهذه المنتجات التي كانت تعتمد في السابق على الزوار الأجانب، لكن في ظل التردي الأمني للبلاد فإن الزبون الوحيد لهذه المنتجات أصبح محليا وهو قليل جداً.
اقرأ أيضا: الخياط الفلسطيني..يد من ذهب يمتلكها التاجر الإسرائيلي
وتفاقمت الأزمات المعيشية لليبيين خلال الأربع سنوات الماضية، على خلفية الصراعات السياسية والاضطرابات الأمنية وتدهور الأوضاع الاقتصادية على خلفية التراجع الحاد في إنتاج وتصدير النفط الذي تعتمد عليه الدولة بشكل كبير في مواردها المالية.
كما أن آلات الفلاحة والزراعة القديمة، بفعل منافسة الصناعة الحديثة من الخارج. وقال بشير محمد، المتخصص في قطاع التسويق لـ "العربي الجديد"، إن عدم اهتمام الحكومات المتعاقبة بعد الثورة بشأن الصناعات التقليدية مع فتح الحدود على مصراعيها للاستيراد، أضر بالصناعة المحلية في المُنافسة مع غلاء مدخلات الإنتاج مثل الأصواف والمعادن والجلود.
وطالب محمد، بضرورة المحافظة على التراث الليبي وتوفير فرص عمل جديدة، باعتبار أن هذه النوعية من الأعمال تعد بمثابة منجم للوظائف لليبيين وغير الليبيين.
وانتقلت الصناعات التقليدية إلي وزارة الصناعة بدلاً من وزارة السياحة، وبحسب تصريحات صحافية لمسؤولين في الوزارة، فإنه تم تشكيل لجنة لدراسة قضية الصناعات التقليدية وإمكانية دعمها.
اقرأ أيضا: تأخر صرف رواتب 1.25 مليون موظف في ليبيا
اقرأ أيضا: 4 سنوات عجاف للاقتصاد الليبي
اقرأ أيضا: العمالة المطاردة..مصري يروي قصة هروبه من جحيم "داعش"