الهستيريا المصرية: هجِّروا أهالي سيناء!

25 أكتوبر 2014
مزايدات ودعوات انتشرت في الإعلام (المصري اليوم/الوفد)
+ الخط -

موجة غير مسبوقة من التحريض والكراهية ضد أهالي سيناء، سادت وسائل الإعلام المصرية ومنصات التواصل مساء الجمعة، فور وقوع حادث الشيخ زويد، الذي راح ضحيته 30 جندياً من الجيش.

بدأت، الموجة، مبكراً بشكل مثير للجدل، ولفتت أنظار كل المراقبين، ما دعا كثيرين، إلى التعبير عن دهشتهم على حساباتهم الخاصة على منصات التواصل الاجتماعي.

كان، الصحافي إيهاب زلاقي، من أوائل من لفت الأنظار، وقال: "الأوامر الآن هى التمهيد للتهجير في كل موقع إعلامي، ع البركة". بينما قالت، الناشطة عزة مطر: "الإعلام المصري يمهد لإخلاء رفح المصرية من السكان... لا محاسبة لمسؤول ولا مواجهة لإرهاب لكن تهجير قسري للأهالي، بكل تفاصيله المؤلمة والمهينة".

وخلال وقت قصير كانت كل منصات التواصل ممتلئة بحسابات حديثة نسبياً، إلى جانب الناشطين المعروفين بتأييدهم للنظام المصري الحالي، اجتمعوا على الدعوة للضرب بيد من حديد كل أهالي سيناء، وحث الجيش المصري على تهجيرهم من المنطقة، بدعوى ضرب الإرهاب، والقضاء على الجماعات المتطرفة.

الناشطة سارة فهمي، المعروفة بتأييدها للسيسي، كانت الأكثر تحريضاً على أهالي سيناء، و"الإخوان" و"حماس"، وقالت: "البس بدلتك يا سيادة المشير ودوس على رقابهم ببيادتك وكلنا واقفين في ضهرك وربنا معانا". والفنان نبيل الحلفاوي والمعروف بنشاطه على "تويتر"، كان من المحرضين على تهجير السيناويين، وقال: "أولاً: لست متخصصاً، لكن ما حدث أن خط النار في كل الحروب تم إخلاؤه، ثانياً: إن لم تحول قضايا الإرهاب إلى محاكم عسكرية فأية قضايا أولى بها". المهندس والناشط حازم عبد العظيم ربط تظاهرات مؤيدي الشرعية بالإرهاب، وقال: "في مثل هذه الظروف أي طالب كلب يتظاهر في الجامعة تضامناً مع إرهابيين يبقى إرهابي، يتلم في البوكس ويتم اعتقاله... لا بد من قوانين استثنائية".

في الوقت نفسه قام ناشطون آخرون بحملة مضادة للتضامن مع أهالي سيناء، ودشنوا، "هاشتاج" تحت عنوان "#الدم_بقى_للركب"، للتعبير، عن استيائهم من الإجراءات القمعية التي يمارسها الجيش المصري تجاه الأهالي هناك، وفشله في حقن دماء المصريين المدنيين والعسكريين على حد سواء. الدكتور محمد الجوادي كان من ضمن المشاركين، وقال: "تستطيع أن تدوس الأزهار لكنك لن تستطيع أن تؤخر الربيع"، في حين سخر أحد الناشطين، وقال: "الحكومة شكلها هتنزل الدم في التموين".

الناشط عبد العزيز الكاشف عبّر عن دهشته من عدم محاسبة أي مسؤول عن التراخي المتسبب في سفك مزيد من الدماء، وقال: "تفجير اليوم ده كفيل انه يشيل وزير الدفاع في أي دولة محترمة، إنما عندنا وزير الدفاع يتشال في حالتين بس، المكرونة تعجن أو الكعك يفرول". وتعجبت ناشطة أخرى من إعادة التاريخ لنفسه: "الجيش هجر أهل النوبة من أرضهم أيام ناصر، وأهو عايز يهجر أهل سينا من أرضهم".

الإعلامية حياة اليماني كانت من المتضامنين بقوة مع السيناويين، وعبرت عن دهشتها من التضييق على المصريين في كل مناحي الحياة، وعلقت قائلة: "أبانا الذي في المخابرات، انت هتهجر بتوع سيناء وهتقفل الجامعات والشوارع والميادين انتو هتسلموها مفتاح لمين؟". وسخر ناشط آخر من دعوات التهجير، وقال: "إحنا نخلي سينا من سكانها ونزرع بدالهم كنتالوب".

مواقع الأخبار المصرية كانت حاضرة بقوة في موجة التحريض على الفتك بأهالي سيناء وتهجيرهم، فتعددت العناوين بين الدعوات لإعلان حالة الطوارئ، ودعوات التهجير القسري للأهالي، حتى وصلت بوابة "الوفد" الإخبارية لمرحلة غير مسبوقة من المزايدة على الجميع، فادعت أن أهالي سيناء هم من يستنجدون بالمشير السيسي، ليقوم بتهجيرهم ويخلصهم من الإرهاب هناك، وقالت: "أهالي الشيخ زويد يطالبون السيسي بتهجيرهم".

برامج التوك شو لم تغب عن المشهد الذي لا يخلو من الكراهية، فالإعلامي محمود سعد، خلال برنامجه "آخر النهار" على قناة "النهار" تقمص دور المفتي وأفتى بأن "مكافحة الإرهاب أهم من الصلاة لأنه جهاد". أما أحمد موسى فذهب لأبعد من ذلك، وطالب بإعلان حالة الحرب والنفير على الإرهاب، واتخاذ إجراءات حاسمة، وقتلهم جميعاً، "وكذلك تعيين حاكم عسكري لمحافظة سيناء يفرض سيطرته على المنطقة".

وربط موسى بين التظاهرات التي تسود الشارع المصري وبين الإرهاب، من دون سبب يذكر، وطالب بضرب المتظاهرين بالرصاص الحي أو حرقهم، وأضاف: "من يخرج في مظاهرات ليرفض قانون التظاهر أو حالة الطوارئ لا بد من ضربه بالرصاص أو حرقه ولا أخشى من أحد، ومن يريد أن يقدم بلاغات فأنا على أتم استعداد، مش عايز كلب إخواني يخرج في مظاهرة".

وصل الأمر بأحد ضيوف الإعلامية ليليان داوود على "أون تي في"، وهو لواء جيش سابق، أن  يطالب بمحاصرة كل مدن سيناء بالأسلاك الشائكة ونقاط التفتيش، على غرار القدس المحتلة. فيما طالب إعلاميون مغمورون مثل إيمان الحصري وحنان خواسك، بتهجير كل أهالي سيناء، وذلك أثناء استضافتهما بأحد برامج قناة "المحور".

واللافت أنه فور وقوع الحادث، وتوارد أنباء عن اجتماع مجلس الدفاع القومي بقيادة السيسي، انتشر في برامج "التوك شو"، عدد من الخبراء في مداخلات تليفونية للتكهن بالنتائج، والقرارات المتوقعة، والغريب أنهم أجمعوا على اتخاذ المجلس قراراً بتهجير أهالي سيناء، وإجراءات صارمة تجاههم، وهو ما يدعو للتساؤل عن كيفية معرفتهم بالقرارات قبيل الاجتماع؟ وكان على رأس الخبراء، كما العادة، اللواء سامح سيف اليزل، فقال: "يجب إخلاء الشريط الحدودي من الشيخ زويد حتى رفح فوراً".

صحف القاهرة الصادرة صباح السبت لم تلحق بحفلة التحريض والتهجير، ولكنها كانت مشاركة في موجة التصعيد، واحتلت "المانشيتات"، الداعية للحرب والقصاص عناوينها. وكان على رأس الصحف التي قامت بالتصعيد "اليوم السابع"، التي كان مانشيتها الرئيسي: "حرب الإرهاب على المصريين". وشاركتها "التحرير" في الدعوة للقصاص، وكان المانشيت الرئيسي لها: "مصر تنتظر القصاص"، ولحقت بهم "المصري اليوم"، وقالت: "لا عزاء قبل القصاص".

المساهمون