الهجرة إلى أوروبا.. هل هي الأزمة الأسوأ تاريخياً؟

06 أكتوبر 2015
أزمة اللاجئين متواصلة (GETTY)
+ الخط -
أكّدت وسائل إعلام وشخصيات سياسية أن أوروبا تواجه أسوأ أزمة هجرة منذ الحرب العالمية الثانية، إلّا أنّ بعض المؤرخين يعارضون هذه النظرية.


وقالت المفوضية العليا للاجئين، التابعة للأمم المتحدة، إنها لا تتوّقع تراجع وتيرة عبور الأعداد الكبيرة من اللاجئين إلى المتوسط للوصول إلى أوروبا، هرباً من الحرب الأهلية في سورية، فتحديد أرقام دقيقة لأزمة الهجرة الحالية عملية معقدة لأنها ما زالت مستمرة، وخاصة مع تلاشي أمل إرساء السلام في هذا البلد في المستقبل المنظور.

ويعارض المؤرخون وصف الأزمة الحالية بـ"الأسوأ" مقارنة مع الحرب العالمية الثانية، لأنهم يفرّقون بين الحرب نفسها وحركة النزوح الضخمة في القارة الأوروبية خلال النصف الثاني من الأربعينيات. 

وبينما يستمرّ الجدل حول الأرقام، إلّا أن هناك دراسات تفيد بأن أكثر من 11 مليون ألماني طردوا من دول أوروبية أخرى بعد الحرب، بحسب ما قالت الخبيرة في شؤون اللاجئين في جامعة ميشيغن، باميلا بالينغر، كما أن مليوني روسي كانوا يعيشون في مكان آخر وأرغموا على العودة إلى الاتحاد السوفييتي. 

ويشار إلى أنّ مئات آلاف اليهود، بقي الكثير منهم في الاتحاد السوفييتي خلال سنوات الحرب، أرغموا على الرحيل.

ولا تعكس الأرقام الحجم الحقيقي للأزمة الحالية، لأن عدد المهاجرين، خصوصاً من الشرق الأوسط وأفريقيا ممّن وصلوا إلى سواحل أوروبا خلال السنوات الثلاث الأخيرة، لا يزال أقل من مليون. 

اقرأ أيضاً: مساعٍ أوروبية لمواجهة أزمة اللاجئين

وعندما ننظر إلى تاريخ أوروبا منذ 1991، أي عند توقيع اتفاق ماستريخت لإنشاء الاتحاد الأوروبي، يبدو أنّ عبارة "أسوأ أزمة" تطبّق مع استثناء واحد هو الحرب في البوسنة.

وأعلنت المفوضية العليا للاجئين سابقاً أنّ حرب البوسنة بين عامي 1992 و1995 تسبّبت في "أكبر أزمة لاجئين في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية".


وأرغم ما لا يقلّ عن 2.5 مليون شخص على هجرة منازلهم في البوسنة، بينهم 1.3 مليون نازح و500 ألف لاجئ إلى دول الجوار، وانتقل 700 ألف لاجئ الى أوروبا الغربية، وفقاً للمفوضية.

والمفارقة الأساسية بين أزمة البوسنة والأزمة الحالية، أنّ معظم الأشخاص هجروا قرب ديارهم ولم يأتوا من قارات أخرى، كما أنّ الأمم المتحدة والمنظّمات الإنسانية الأخرى التي تهتم بالمهجرين من البوسنة كانت تنشط في منطقة النزاع، خلافاً لما يحصل اليوم، بحيث لا يستلزم تقديم مساعدة للمهاجرين الذين يصلون إلى اليونان مفاوضات مع مسلحين مثلاً.

وعلى الرغم من حالة الجمود في البداية، نجحت دول أوروبا الغربية والولايات المتّحدة في إيجاد حل سياسي لحرب البوسنة، ما ساهم في النهاية في احتواء أزمة اللاجئين. بينما في الملفّ السوري تبقى آفاق الحل السياسي غير أكيدة.

لقد أدّى إنشاء دولة باكستانية مستقلة في 1947 إلى نزوح 14 مليون شخص بمن فيهم مسلمون من الهند فرّوا إلى باكستان، وفرّ هندوس من باكستان إلى الهند، وفقاً لمفوضية اللاجئين.

ويشار إلى أن الحرب الأهلية في باكستان أدّت إلى تهجير 10 ملايين شخص في 1971، على الرغم من أنّ معظمهم عاد إلى دولة بنغلادش المستقلة.

وأدّى النزاع الفلسطيني بعد قيام دولة إسرائيل في 1948 إلى تهجير 720 ألف فلسطيني وفقاً للأمم المتحدة.

وأحصت وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن الأشخاص، هذا العام، الأشخاص الذين هجروا من الأراضي الفلسطينية بأكثر من خمسة ملايين لاجئ، من بينهم أحفاد الذين عاشوا في فلسطين بين عامي 1946 و1948.

وإضافة إلى الأشخاص الـ800 ألف الذين قتلوا، فإن المجازر في رواندا في 1994 أدّت إلى تهجير نصف عدد سكان البلاد؛ سبعة ملايين، وهجر 1.5 مليون على الأقل داخل البلاد، في حين لجأ مليونان إلى دول الجوار مع تقدّم قوّات التمرّد إلى العاصمة كيغالي قبل إطاحة الحكومة التي كانت مسؤولة عن المجازر.

ومعظم الأشخاص الذين فرّوا من الحرب الأهلية في سورية لم يأتوا إلى أوروبا، إذ لجأ أكثر من أربعة ملايين سوري إلى الدول المجاورة، في حين أنّ 7.6 ملايين نزحوا إلى مناطق أخرى داخل سورية.​

اقرأ أيضاً: قوانين ألمانية جديدة لدمج اللاجئين و"ضبطهم"