اتفق اللاجئ الفلسطيني في لبنان، فواز فواز، مع ضابط في ميناء طرابلس شمالي لبنان، لتسهيل هروبه من مخيم شاتيلا جنوبي بيروت، وليبدأ رحلة هجرة غير شرعية خاضها برفقة 15 عائلة أخرى، من أجل إنهاء حياة الملاحقة القانونية التي بدأت قبل 20 عاما، بعد تورطه في تجارة الحشيش ومقاومة السلطات وإطلاق النيران على قوات الأمن.
عقب نفاد وقود قارب الهجرة غير الشرعية، توقف في المياه الإقليمية لجزيرة قبرص، "وبقيت العائلات لأكثر من يومين في عرض البحر، حتى أنقذتهم البحرية القبرصية في سبتمبر/أيلول 2015" كما روى فواز لـ"العربي الجديد".
جرائم متنوعة
وفقا لما وثقه معد التحقيق عبر لقاءات مع اللاجئين، فإن 20 شخصاً من بين 235 لاجئاً وصلوا إلى الجزيرة خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مطلوبون للقضاء في لبنان بموجب مذكرات توقيف بتهم السرقة وتجارة سلاح والشروع بالقتل.
ووثق معد التحقيق الأسماء الحركية لعدد من المطلوبين قضائياً للسلطات اللبنانية في قبرص، حيث التقاهم في أماكن مختلفة منها كامب كوفينو في مدينة لارنكا وقرب حدود قاعدة ديكليا البريطانية في قبرص، جميعهم من فلسطينيي لبنان، ووفقاً لإفادات اللاجئين فإن عدد المطلوبين على ذمة جرائم قتل وتجارة مخدرات يبلغ 9 أشخاص، بينما بلغ عدد المطلوبين في جرائم سرقة ومخالفات بناء وسرقة كابلات كهرباء ومشاجرة مع الشرطة 11 شخصاً.
اقــرأ أيضاً
براءة المهربين
عقب وصول القوارب الثلاثة التي حملت المطلوبين قضائياً، ألقت السلطات القبرصية القبض على المهربين الذين قادوها من شواطئ طرابلس حتى المياه الإقليمية لجزيرة قبرص، حسب ما ذكر مصدر قضائي قبرصي لـ"العربي الجديد"، ووفقا للمصدر الذي حضر جلسة النطق بالحكم، فإن اثنين من المهربين يحملان الجنسية السورية والثالث لبناني، وحصل الثلاثة على البراءة من محكمة الجنايات في لارنكا بعد فترة توقيف دامت سبعة أشهر، حتى 24 إبريل/نيسان الماضي.
ووجهت محكمة جنايات لارنكا، تهم المتاجرة بالأعضاء البشرية، والإتجار بالأطفال، وتهريب السلاح والانضمام لعصابات خارجة على القانون للمتهمين الثلاثة، والذين نفوا التهم السابقة وأكدوا عبر محاميهم أن الحرب في سورية والوضع الأمني المتوتر في لبنان، يقف وراء رغبتهم في الهروب إلى أوربا، ما دفع المحكمة لتبرأتهم، ودراسة طلب لجوء أحدهم بينما تم ترحيل الآخرَين.
هل يُرَحّلون؟
لجأت السلطات القبرصية إلى زرع مجموعة من المخبرين بين اللاجئين للتأكد من هوية الهاربين من مخيم شاتيلا الذين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى الجزيرة، كما يؤكد اللاجئ الفلسطيني السوري محمد شمايط (اسم مستعار)، والذي كان ينقل تقارير تفصيلية حول كل الخارجين من مخيم شاتيلا ولديه مشكلات أمنية مع الدولة اللبنانية للسلطات القبرصية، وهو ما أخّر قرار لجوء المجموعة القادمة في سبتمبر/أيلول الماضي حتى اليوم، بينما حصل شمايط على لجوء كامل وغادر إلى ألمانيا منذ شهر.
على الرغم من توقيع اتفاق بين قبرص ولبنان، في عام 1994، بشأن نقل الأشخاص المحكوم عليهم، وآخر للتعاون في مكافحة الجريمة المنظمة والاستعمال غير المشروع للمخدرات في العام 2002، فإن قبرص لا تستطيع تسليم هؤلاء المطلوبين قضائياً إلى لبنان، "لأن البلد الأصلي لم يطلبهم كما أنهم من طالبي اللجوء، بالإضافة إلى أن قوانين الإنتربول لا تتضمن الجرائم الداخلية في البلد الأصلي للمطلوبين قضائياً، إلا لمن يشكلون خطرا على المجتمع وقد يخلّون بالأمن الاستقرار العام"، حسب ما أكد المحامي عدنان غزالي المتخصص بشؤون اللجوء والإقامات في قبرص في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد".
ويشير غزالي إلى أن من وصولوا من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مؤخراً لا يمتلكون الجنسية اللبنانية، وعلى الرغم من كونهم مطلوبين للقضاء اللبناني، لا يمكن توقيفهم في قبرص لأنهم ليسوا لبنانيين، وهو ما يتفق مع ما قاله المحامي القبرصي نيكوس لوثيوز، "بأنه يحق لأي إنسان من دول العالم الثالث تقديم طلب لجوء لدول الاتحاد الأوربي وبينها قبرص، حتى لو كان الطلب كاذباً، ومن ثم يدرس الطلب، والقانون واضح وصريح يقبل اللجوء حسب كل بلد قادم منها اللاجئ، هنالك مناطق مشتعلة ومناطق ساخنة ومناطق مستقرة".
يتابع "بعض البلدان مثل سورية يحصل القادم منها على لجوء مؤقت، ريثما تهدأ أمور البلاد هناك، كما حصل على اللجوء المؤقت أيضا بعض الناس من فلسطين والعراق وإيران"، يضيف لوثيوز أن "كل طلبات اللجوء تأخذ وقتاً طويلاً حسب وضع البلد القادم منها اللاجئ، ليمتد زمن دراسة الطلب بين 7 أشهر إلى سنة ونصف السنة".
أمّا لبنان فإنها بالنسبة إلى قبرص بلد مستقر أمنياً، كما يقول المحامي المتخصص بشؤون اللجوء قبل أن يتابع "الفلسطينيون في لبنان طلباتهم قيد الدراسة، وتستغرق 9 أشهر وحين يرفض طلب اللجوء يحق له تقديم استئناف إداري خلال 20 يوم من تاريخ صدور الرفض، ويعاد تقديم الاستئناف لمرة واحدة يدرس الطلب مرة أخيرة لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، وحين يرفض الطلب يمنح اللاجئ ورقة رفض وترحيل خلال 30 يوماً لمغادرة قبرص". وحول المطلوبين قضائيا في لبنان ممن وصلوا مؤخراً، قال المحامي نيكوس "يحق للسلطات القبرصية توقيفهم وترحيلهم إلى بلدهم، حتى لو طلبوا اللجو،ء ولكن يجب أن تطالب السلطات اللبنانية بتوقيفهم ليتم ذلك في قبرص".
اقــرأ أيضاً
العمل في قبرص
لا يرى اللبناني إيلي مسعدة، صاحب عدة محال لبيع الثياب وسط لارنكا، أن المطلوبين قضائياً من بين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من لبنان، قد يؤثرون على عمل،ه إذ وفر عملاً لأحد اللاجئين في مستودع يملكه، يقول مسعدة "ينفذ هؤلاء ما يطلب منهم ويعودون إلى الكامب في المساء دون أحاديث إضافية"، بينما يعتبر اللبناني سعيد أبو داود الذي يعمل كمترجم للعرب في لارنكا أن "هؤلاء هربوا من عنصرية القانون اللبناني الذي يحرمهم من العمل في العديد من المهن، وهو ما يمكن أن يكون دافع للتمرد، إنهم يسعون للعيش بسلام. شخصياً أساعد من يريد في ما يخص الترجمة بحثاً عن حياة جديدة في بلاد مختلفة".
من المخيم إلى اللجوء
ينتظر فواز وأبناؤه السبعة وزوجته قبول طلب لجوئهم، بعد أن أنفق 10 آلاف دولار منحها للمهرب. استأجر فواز بيتاً في لارنكا بانتظار الموافقة على أوراقه، وقرر البدء بتوبة جادة، حسب وصفه، والتخلص من حياته السابقة، التي أدت به وعائلته للانتظار ليوم ونصف في عرض البحر دون وقود أو غذاء للعائلات التي كانت على متنه بعد توقف المحرك، يصف فواز تلك اللحظات قائلا: "نظرت إلى السماء وطلبت العون من الله، أخرجت قلم ليزر أحمر، وأخذت ألوح لسفينة بعيدة، بعد نصف ساعة وصلت السفينة التي اتضح أنها أميركية، وهي بدورها اتصلت بالسلطات القبرصية لتنقلنا إلى بر الأمان"، كان فواز مطلوباً في مخيم شاتيلا، لا يغادر حدوده. لذلك رفض البقاء في كامب كوفينو لأن من حوله يذكرونه باشتباكاته اليومية مع الدولة اللبنانية.
أنقذ فواز أكثر من سبعين عائلة سورية مهجّرة من الجوع في لبنان. كما يؤكد أصدقاؤه في حديثهم لـ"العربي الجديد": "تكفيراً عن أفعاله". ولكن ثمة من وشى بالرجل إلى سلطات اللجوء القبرصية ما أخر قرار لجوئه حتى اللحظة.
في زيارة لمعد التحقيق إلى كامب كوفينو، التقى عدداً من مهجري مخيم شاتيلا، وتبين أن أبرز سبب دفع هؤلاء إلى الهجرة هي كونهم ممنوعين من العمل في لبنان بسبب أنهم فلسطينيون، إضافة إلى الانفلات الأمني للمخيم والصدامات مع الدولة، والسرقات المتكررة والبلطجة الدائمة، من بين هؤلاء جاسر فخرو (اسم مستعار للاجئ من فلسطينيي لبنان في قبرص)، كان يعمل في تركيب الحجارة والديكورات للأبنية الفخمة، وهو ما جعله يكسب مالاً وافراً لكنه وجد نفسه وعائلته في قبرص، التي لم يكن يريدها إذ كان هدفهم هو الهجرة إلى ألمانيا، يقول جاسر: "لدي مهنة أتقنها، أنا معلم في تركيب الحجر للأبنية، ولكن الحياة في لبنان وداخل المخيم لم تعد تطاق، إنها عنصرية والجميع يتفرج، وذلك ما جعلنا نخرج".
أما حمادة الفري الذي يمتلك مقهىً في مخيم شاتيلا، ويعمل حلاقاً رجالياً رغم أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين عاماً ولديه زوجة وطفلة، فقد كان: "طموحه أن يفتح صالون حلاقة في برلين أو أي مدينة ألمانية آمنة، لأن الضرائب في المخيم تلاحقه، والوضع الاقتصادي أصبح أكثر صعوبة".
غير أن اللاجئ الفلسطيني أبو قاسم بعد أن رفضت السلطات القبرصية منحه اللجوء، يستعد للهروب إلى تركيا قائلا: "لا يمكنني العودة إلى لبنان، لدى مشكلة مع الدرك في مخيم شاتيلا ويرسل مجهولون لي تهديدات عبر فيسبوك بالقتل"، وبسبب اعتبار لبنان بلداً مستقراً من قبل قبرص، ضاعت فرصة أبو القاسم في الحصول على اللجوء، يقول أبو القاسم "لو كنت فلسطيناً سوريّاً لحصلت على اللجوء الكامل، كما حدث مع كل من جاء معنا من الفلسطينيين اللاجئين في سورية"، متحسراً على حاله بعد أن دفع ثلاثة آلاف دولار للوصول إلى قبرص، بينما يعمل على الاتفاق مع مهرب جديد من القسم التركي للجزيرة حتى يذهب به إلى ميناء تاشوجو في مدينة سليفكي التركي قبل أن ترحلّه السلطات القبرصية إجبارياً إلى لبنان.
عقب نفاد وقود قارب الهجرة غير الشرعية، توقف في المياه الإقليمية لجزيرة قبرص، "وبقيت العائلات لأكثر من يومين في عرض البحر، حتى أنقذتهم البحرية القبرصية في سبتمبر/أيلول 2015" كما روى فواز لـ"العربي الجديد".
جرائم متنوعة
وفقا لما وثقه معد التحقيق عبر لقاءات مع اللاجئين، فإن 20 شخصاً من بين 235 لاجئاً وصلوا إلى الجزيرة خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي، مطلوبون للقضاء في لبنان بموجب مذكرات توقيف بتهم السرقة وتجارة سلاح والشروع بالقتل.
ووثق معد التحقيق الأسماء الحركية لعدد من المطلوبين قضائياً للسلطات اللبنانية في قبرص، حيث التقاهم في أماكن مختلفة منها كامب كوفينو في مدينة لارنكا وقرب حدود قاعدة ديكليا البريطانية في قبرص، جميعهم من فلسطينيي لبنان، ووفقاً لإفادات اللاجئين فإن عدد المطلوبين على ذمة جرائم قتل وتجارة مخدرات يبلغ 9 أشخاص، بينما بلغ عدد المطلوبين في جرائم سرقة ومخالفات بناء وسرقة كابلات كهرباء ومشاجرة مع الشرطة 11 شخصاً.
براءة المهربين
عقب وصول القوارب الثلاثة التي حملت المطلوبين قضائياً، ألقت السلطات القبرصية القبض على المهربين الذين قادوها من شواطئ طرابلس حتى المياه الإقليمية لجزيرة قبرص، حسب ما ذكر مصدر قضائي قبرصي لـ"العربي الجديد"، ووفقا للمصدر الذي حضر جلسة النطق بالحكم، فإن اثنين من المهربين يحملان الجنسية السورية والثالث لبناني، وحصل الثلاثة على البراءة من محكمة الجنايات في لارنكا بعد فترة توقيف دامت سبعة أشهر، حتى 24 إبريل/نيسان الماضي.
ووجهت محكمة جنايات لارنكا، تهم المتاجرة بالأعضاء البشرية، والإتجار بالأطفال، وتهريب السلاح والانضمام لعصابات خارجة على القانون للمتهمين الثلاثة، والذين نفوا التهم السابقة وأكدوا عبر محاميهم أن الحرب في سورية والوضع الأمني المتوتر في لبنان، يقف وراء رغبتهم في الهروب إلى أوربا، ما دفع المحكمة لتبرأتهم، ودراسة طلب لجوء أحدهم بينما تم ترحيل الآخرَين.
هل يُرَحّلون؟
لجأت السلطات القبرصية إلى زرع مجموعة من المخبرين بين اللاجئين للتأكد من هوية الهاربين من مخيم شاتيلا الذين دخلوا بطريقة غير شرعية إلى الجزيرة، كما يؤكد اللاجئ الفلسطيني السوري محمد شمايط (اسم مستعار)، والذي كان ينقل تقارير تفصيلية حول كل الخارجين من مخيم شاتيلا ولديه مشكلات أمنية مع الدولة اللبنانية للسلطات القبرصية، وهو ما أخّر قرار لجوء المجموعة القادمة في سبتمبر/أيلول الماضي حتى اليوم، بينما حصل شمايط على لجوء كامل وغادر إلى ألمانيا منذ شهر.
على الرغم من توقيع اتفاق بين قبرص ولبنان، في عام 1994، بشأن نقل الأشخاص المحكوم عليهم، وآخر للتعاون في مكافحة الجريمة المنظمة والاستعمال غير المشروع للمخدرات في العام 2002، فإن قبرص لا تستطيع تسليم هؤلاء المطلوبين قضائياً إلى لبنان، "لأن البلد الأصلي لم يطلبهم كما أنهم من طالبي اللجوء، بالإضافة إلى أن قوانين الإنتربول لا تتضمن الجرائم الداخلية في البلد الأصلي للمطلوبين قضائياً، إلا لمن يشكلون خطرا على المجتمع وقد يخلّون بالأمن الاستقرار العام"، حسب ما أكد المحامي عدنان غزالي المتخصص بشؤون اللجوء والإقامات في قبرص في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد".
ويشير غزالي إلى أن من وصولوا من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مؤخراً لا يمتلكون الجنسية اللبنانية، وعلى الرغم من كونهم مطلوبين للقضاء اللبناني، لا يمكن توقيفهم في قبرص لأنهم ليسوا لبنانيين، وهو ما يتفق مع ما قاله المحامي القبرصي نيكوس لوثيوز، "بأنه يحق لأي إنسان من دول العالم الثالث تقديم طلب لجوء لدول الاتحاد الأوربي وبينها قبرص، حتى لو كان الطلب كاذباً، ومن ثم يدرس الطلب، والقانون واضح وصريح يقبل اللجوء حسب كل بلد قادم منها اللاجئ، هنالك مناطق مشتعلة ومناطق ساخنة ومناطق مستقرة".
يتابع "بعض البلدان مثل سورية يحصل القادم منها على لجوء مؤقت، ريثما تهدأ أمور البلاد هناك، كما حصل على اللجوء المؤقت أيضا بعض الناس من فلسطين والعراق وإيران"، يضيف لوثيوز أن "كل طلبات اللجوء تأخذ وقتاً طويلاً حسب وضع البلد القادم منها اللاجئ، ليمتد زمن دراسة الطلب بين 7 أشهر إلى سنة ونصف السنة".
أمّا لبنان فإنها بالنسبة إلى قبرص بلد مستقر أمنياً، كما يقول المحامي المتخصص بشؤون اللجوء قبل أن يتابع "الفلسطينيون في لبنان طلباتهم قيد الدراسة، وتستغرق 9 أشهر وحين يرفض طلب اللجوء يحق له تقديم استئناف إداري خلال 20 يوم من تاريخ صدور الرفض، ويعاد تقديم الاستئناف لمرة واحدة يدرس الطلب مرة أخيرة لمدة ثلاثة إلى ستة أشهر، وحين يرفض الطلب يمنح اللاجئ ورقة رفض وترحيل خلال 30 يوماً لمغادرة قبرص". وحول المطلوبين قضائيا في لبنان ممن وصلوا مؤخراً، قال المحامي نيكوس "يحق للسلطات القبرصية توقيفهم وترحيلهم إلى بلدهم، حتى لو طلبوا اللجو،ء ولكن يجب أن تطالب السلطات اللبنانية بتوقيفهم ليتم ذلك في قبرص".
العمل في قبرص
لا يرى اللبناني إيلي مسعدة، صاحب عدة محال لبيع الثياب وسط لارنكا، أن المطلوبين قضائياً من بين اللاجئين الفلسطينيين القادمين من لبنان، قد يؤثرون على عمل،ه إذ وفر عملاً لأحد اللاجئين في مستودع يملكه، يقول مسعدة "ينفذ هؤلاء ما يطلب منهم ويعودون إلى الكامب في المساء دون أحاديث إضافية"، بينما يعتبر اللبناني سعيد أبو داود الذي يعمل كمترجم للعرب في لارنكا أن "هؤلاء هربوا من عنصرية القانون اللبناني الذي يحرمهم من العمل في العديد من المهن، وهو ما يمكن أن يكون دافع للتمرد، إنهم يسعون للعيش بسلام. شخصياً أساعد من يريد في ما يخص الترجمة بحثاً عن حياة جديدة في بلاد مختلفة".
من المخيم إلى اللجوء
ينتظر فواز وأبناؤه السبعة وزوجته قبول طلب لجوئهم، بعد أن أنفق 10 آلاف دولار منحها للمهرب. استأجر فواز بيتاً في لارنكا بانتظار الموافقة على أوراقه، وقرر البدء بتوبة جادة، حسب وصفه، والتخلص من حياته السابقة، التي أدت به وعائلته للانتظار ليوم ونصف في عرض البحر دون وقود أو غذاء للعائلات التي كانت على متنه بعد توقف المحرك، يصف فواز تلك اللحظات قائلا: "نظرت إلى السماء وطلبت العون من الله، أخرجت قلم ليزر أحمر، وأخذت ألوح لسفينة بعيدة، بعد نصف ساعة وصلت السفينة التي اتضح أنها أميركية، وهي بدورها اتصلت بالسلطات القبرصية لتنقلنا إلى بر الأمان"، كان فواز مطلوباً في مخيم شاتيلا، لا يغادر حدوده. لذلك رفض البقاء في كامب كوفينو لأن من حوله يذكرونه باشتباكاته اليومية مع الدولة اللبنانية.
أنقذ فواز أكثر من سبعين عائلة سورية مهجّرة من الجوع في لبنان. كما يؤكد أصدقاؤه في حديثهم لـ"العربي الجديد": "تكفيراً عن أفعاله". ولكن ثمة من وشى بالرجل إلى سلطات اللجوء القبرصية ما أخر قرار لجوئه حتى اللحظة.
في زيارة لمعد التحقيق إلى كامب كوفينو، التقى عدداً من مهجري مخيم شاتيلا، وتبين أن أبرز سبب دفع هؤلاء إلى الهجرة هي كونهم ممنوعين من العمل في لبنان بسبب أنهم فلسطينيون، إضافة إلى الانفلات الأمني للمخيم والصدامات مع الدولة، والسرقات المتكررة والبلطجة الدائمة، من بين هؤلاء جاسر فخرو (اسم مستعار للاجئ من فلسطينيي لبنان في قبرص)، كان يعمل في تركيب الحجارة والديكورات للأبنية الفخمة، وهو ما جعله يكسب مالاً وافراً لكنه وجد نفسه وعائلته في قبرص، التي لم يكن يريدها إذ كان هدفهم هو الهجرة إلى ألمانيا، يقول جاسر: "لدي مهنة أتقنها، أنا معلم في تركيب الحجر للأبنية، ولكن الحياة في لبنان وداخل المخيم لم تعد تطاق، إنها عنصرية والجميع يتفرج، وذلك ما جعلنا نخرج".
أما حمادة الفري الذي يمتلك مقهىً في مخيم شاتيلا، ويعمل حلاقاً رجالياً رغم أنه لم يتجاوز الخامسة والعشرين عاماً ولديه زوجة وطفلة، فقد كان: "طموحه أن يفتح صالون حلاقة في برلين أو أي مدينة ألمانية آمنة، لأن الضرائب في المخيم تلاحقه، والوضع الاقتصادي أصبح أكثر صعوبة".
غير أن اللاجئ الفلسطيني أبو قاسم بعد أن رفضت السلطات القبرصية منحه اللجوء، يستعد للهروب إلى تركيا قائلا: "لا يمكنني العودة إلى لبنان، لدى مشكلة مع الدرك في مخيم شاتيلا ويرسل مجهولون لي تهديدات عبر فيسبوك بالقتل"، وبسبب اعتبار لبنان بلداً مستقراً من قبل قبرص، ضاعت فرصة أبو القاسم في الحصول على اللجوء، يقول أبو القاسم "لو كنت فلسطيناً سوريّاً لحصلت على اللجوء الكامل، كما حدث مع كل من جاء معنا من الفلسطينيين اللاجئين في سورية"، متحسراً على حاله بعد أن دفع ثلاثة آلاف دولار للوصول إلى قبرص، بينما يعمل على الاتفاق مع مهرب جديد من القسم التركي للجزيرة حتى يذهب به إلى ميناء تاشوجو في مدينة سليفكي التركي قبل أن ترحلّه السلطات القبرصية إجبارياً إلى لبنان.