النيابة العامة الصحيّة مطلب لبنانيّ ملحّ

17 فبراير 2015
لا بدّ من تفرغ نائب عام لملف المستشفيات(حسين بيضون)
+ الخط -
نيابة عامة صحيّة في لبنان "حلم" يراود كثيرين، في حين تطال التدخلات السياسيّة كل شيء في هذا البلد الصغير، وهو ما لمسته وزارة الصحة عن كثب عند فتح ملف سلامة الغذاء.

وإنشاء هذه الهيئة أمر مهمّ للغاية، إذ تساعد بحسب ما تفيد وزارة الصحة في ضبط ملف سلامة الغذاء والأدوية المزورة وغيرها من الملفات الصحيّة الحساسة. وقد اتفق هنا وزيرا الصحة العامة والعدل وائل أبو فاعور وأشرف ريفي، على أهميّة وضع قانون لإنشاء نيابة عامة صحيّة تتفرّغ للمستشفيات وسلامة الغذاء.

بالنسبة إلى أبو فاعور، فإن "مكافحة الفساد تعني أن الإصلاح لا يمكن أن يكون من دون قضاء متحرّك وناشط وفعلي. فالرادع الفعلي والأكثر فعالية وتأثيراً، يبقى الإجراءات القضائيّة". وقد أسف لما اكتشفه من فساد غذائي أخيراً، قائلاً إنه "مذهل ومخيف، وهو لا يتعدى كونه رأس جبل الجليد في ما لم نكتشفه بعد. فالملف يحتاج إلى عناية مركزة وإلى نيابة عامة تتابع هذا الأمر".

أما أبرز ما أعلنه أبو فاعور أخيراً فهو "الاتفاق على مشروع قانون مشترك يقضي بإنشاء نيابة عامة صحيّة، كي يتفرّغ نائب عام للقضايا الصحيّة في ملفَّي المستشفيات وسلامة الغذاء".
من جهته، شدّد ريفي على أن "لا حصانات ولا محميات. سنلاحق كل من يتعرّض لسلامة الغذاء وصحة مواطنينا وأولادنا".

ويبقى السؤال: في حال أبصرت النيابة العامة الصحيّة النور، هل تنجح بتجاوز المطبات السياسيّة في محاكمة المفسدين والفاسدين من دون أي عراقيل؟

من يعمل بضمير يُستهدَف
تلفت مسؤولة قسم مراقبة وسلامة الغذاء في جمعيّة حماية المستهلك المهندسة ندى نعمة في حديث إلى "العربي الجديد"، إلى أن "النيابة العامة الصحيّة ما زالت مجرّد فكرة طرحها وزير الصحة وائل أبو فاعور. لكنها مهمّة في حال أنشئت بهدف محاسبة المخلّين بالملفات الصحيّة". وتسأل: "هل يكون مصير الملفات الصحيّة المحوّلة إلى تلك النيابة العامة كمصير بقيّة الملفات القضائيّة التي تنسى في الأدراج لأشهر طويلة؟".

وتقول نعمة: "ما من خبراء صحيّين في القضاء الحالي لدراسة الملفات الصحيّة والمشكوك في أمرها بعمق، ولتقصّي الحقائق الصحيّة بدقّة. كذلك لا يكفي إصدار قانون سلامة الغذاء، إذا لم يطبّق بحذافيره". تضيف أن "النيابة العامة الصحيّة إذا ما أنشئت، من المفترض أن تتشكل من خبراء محلفين متخصصين في الشأن الصحي والقانوني، كي تصدر الأحكام بشكل سليم". وترى "ضرورة أن تسرع - عند استحداثها - في البت بالمخالفات الصحيّة وملاحقة المخالفين من دون أي معوّقات، كونها متخصصة في هذا المضمار. ونحن كجمعيّة حماية المستهلك، نؤيد هذه الخطوة في مهمتها القضائية في حال أقرّت".

من جهة أخرى، تشدّد نعمة على أن "ما من عمل فعلي للمراقب الصحي في البلديات، الذي يتقاعس عن أداء مهامه في ضبط المخالفات الصحيّة في كل المناطق. من هنا، نشدّد على أهميّة إنشاء النيابة العامة الصحيّة كي تضع النقاط على الحروف". تضيف: "للأسف، من يعمل بضمير في هذا البلد يطلقون النار عليه".

قلق من تراكم الملفات
من جهته، يوضح رئيس اللجنة النيابيّة الصحيّة الدكتور عاطف مجدلاني لـ "العربي الجديد" أن "النيابة العامة الصحيّة ضروريّة جداً في حال طبّقت بشكل صحيح وعُيّن قضاة اختصاصيّون في هذا المضمار. لكن ثمّة خوفاً من أن تتراكم الملفات الصحيّة، ويأتي البتّ فيها متأخراً".
يضيف: "فالمحاسبة تحتاج إلى قضاء فاعل وإلى الإسراع في الجلسات القضائيّة. وقد سعينا في الفترة الأخيرة إلى اختصار العطلة القضائيّة السنويّة من شهرَين إلى شهر واحد، لكي يُبتّ بأسرع وقت ممكن في الملفات العالقة والتي استلزمت وقتاً طويلاً، أي أشهراً عديدة قبل محاسبة المخالفين في الشأن الصحي".

مخالفات لا تحصى ولا تعد
إلى ذلك، يعلّق مستشار وزير الصحة الدكتور بهيج عربيد على الموضوع قائلاً لـ "العربي الجديد": "ما إن فتح الوزير أبو فاعور الملف الغذائي حتى كشف هول الفساد الصحي وفضائح لا تحصى ولا تعدّ. من هنا، طالب بالنيابة العامة الصحيّة التي وبحسب رأيه، تسرّع في ضبط المخالفات في الملفات الصحيّة العالقة والبتّ فيها بأسرع وقت ممكن". يتابع: "لذا من الضروري إيجاد قضاء صحي مختصّ، وهذا ما يسعى إليه اليوم أبو فاعور بالتنسيق مع وزارة العدل. وقد عقد في الفترة الأخيرة اجتماعاً مع وزير العدل في سبيل ضبط الملف الغذائي الصحي من جوانبه كافة".

ويشدّد عربيد على أن "المهم يبقى عدم تدخّل السياسة في الملفات الصحيّة في النيابة العامة الصحيّة، لأنها بذلك ستحرق".
المساهمون