يأتي الاعلان عن توصل إيران ودول مجموعة "5+1"، أمس الخميس، إلى "اتفاق إطاري" بشأن برنامج طهران النووي سيمهّد لصياغة اتفاق نهائي بحلول 30 يونيو/حزيران، بعد سلسلة مفاوضات شاقة ومعقدة استمرت على مدى ثمانية أيام. مفاوضات لم يكن من الممكن حسم نتائجها إلا لحظة ظهور وزير الخارجية الإيراني مجمد جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغريني، في مؤتمر صحافي مشترك، تم خلاله الكشف عن تفاصيل الاتفاق. صعوبة الحسم لم تكن فقط بسبب شحّ التسريبات طوال يوم أمس، بل أيضاً بسبب التصريحات المتباينة الصادرة عن المسوؤلين المتواجدين في أروقة مدينة لوزان السويسرية.
اقرأ أيضاً (مفاوضات لوزان النووية: العقوبات تحسم "الاتفاق الإطاري")
وكانت الاجتماعات قد تكثفت في اليوم الثامن من الجولة، فاجتمع وزراء خارجية دول (5+1) أو ممثلين عنهم في جلسة مغلقة بدون حضور ممثلي الوفد الإيراني المفاوض. ثم اجتمع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ووزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغريني، تحضيراً للإعلان عن بيانهما المشترك الذي تحدث عنه ظريف في وقت سابق. لتجلس بعدها موغريني خلف أبواب مغلقة مع المفاوض الأهم على الطاولة، وهو وزير الخارجية الأميركي جون كيري.
أجواء التفاؤل كانت قد عززتها أيضاً عودة وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، إلى لوزان أمس، بعدما غادرها قبل يوم واحد فقط، وخصوصاً أنه قال إبان عودته إن التوصل لنتيجة يبعد بضعة أمتار عن كل المتفاوضين، مشيراً إلى أن الخطوات الأخيرة هي الأصعب دائماً. كما أن إلغاء وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير رحلة كان قد خطط لها في وقت سابق إلى البلطيق، زاد من هذه التوقعات.
بدوره، جدّد رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي، والذي قاد الشق الفني والتقني خلال هذه الجولة من المفاوضات، اجتماعاته بشكل يومي مع وزير الطاقة الأميركي ارنست مونيز، وكان أكثر الحاضرين تفاؤلاً، إذ لطالما نقل للصحافة الإيرانية تأكيده على تحقيق تقدم في اجتماعاته هذه. وقال أخيراً إنه حقق وفريقه تقدماً كبيراً في المجالين التقني والفني.
غير أنّ وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف، وقبل إنهاء الجولة، أعلن ظريف أنه ليس مطلوب من المتفاوضين بالأساس التوصل لاتفاق نهائي خلال هذه الجولة من المفاوضات، فاتفاق جنيف المؤقت والموقع بين إيران ودول 5+1 قبل أكثر من عام، والذي مدد مرتين، ينص على التوصل لتفاهم سياسي أو ما يعني اتفاقاً أولياً أواخر مارس/آذار الماضي، وهو ما كان يعمل عليه الجميع خلال الأيام الأخيرة، ولكنه ينص أيضاً أن يتوصل كل المتفاوضين للاتفاق النهائي مطلع يوليو/تموز المقبل، ما يعني أن أمام الجميع فرصة.
وانطلق ظريف من هذه القاعدة لتكون مبرراً لما يعلن عنه في البيان المشترك، فقد حقق الجميع تقدماً في العديد من القضايا، وتوصلوا لحلول أخذت شكلها الشبه نهائي في لوزان.
وقصد ظريف الداخل الإيراني بحديثه هذا بشكل أساسي، إذ أعلنّ أنه سيعود يوم الجمعة إلى العاصمة طهران، وفور إعلانه هذا انطلقت دعوات رسمية على المواقع الإيرانية وجهت للشعب الإيراني لاستقبال الوفد المفاوض فور وصوله للمطار تحية لهم على الإنجازات التي حققوها، مهما كانت النتيجة، فهذه الدعوة جاءت قبل الإعلان عن انتهاء جولة لوزان. فقد جلس هذا الوفد في قاعات التفاوض طيلة فترة العطلات الرسمية بمناسبة رأس السنة الإيرانية الجديدة التي بدأت في 21 مارس/آذار وتنتهي يوم الجمعة، وهو أمر قرأه الجميع في الداخل على أنه رغبة إيرانية جدية في التوصل لحل حقيقي مع الدول الغربية.