النظام السوري يضخ الليرة دون تغطية والتضخم إلى الارتفاع

01 اغسطس 2014
ضخ أوراق مالية جديدة للتداول في سورية(لؤي بشارة/فرانس برس/getty)
+ الخط -


تستمر فصول نظام بشار الأسد في ابتكار أدوات جديدة تزيد من حدّة التضخم المالي، وتردي الأوضاع الاقتصادية، وآخر الأدوات الجديدة طباعة أوراق مالية من فئة الـ 500 ليرة سورية دون وجود قاعدة إنتاجية أو ذهبية لتغطية قيمتها، الأمر الذي اعتبره الاقتصاديون محاولة للقضاء على ما تبقى من الاقتصاد السوري المنهار أساساً.
وقال الاقتصادي محمود حسين لـ "العربي الجديد": "لهذه الخطوة نتائج سلبية على الأسعار، لأن العملة الجديدة ممولة بالعجز وهي دون أي تغطية إنتاجية أو خدمية، أو وجود احتياطي ذهب وعملات رئيسة، لذا سيفقد معظم التجار ثقتهم بالعملة السورية، وربما تشهد الأيام المقبلة سحباً للودائع من المصارف وتحويلها لعملات رئيسة أهمها الدولار، ما سيؤثر على سعر صرف الليرة وعلى ارتفاع الأسعار".

عملات جديدة

وضخت حكومة بشار الأسد نحو 5 مليار ليرة (أي ما يقارب 33 مليون دولار) في السوق السورية عبر الرواتب والأجور من العملة الجديدة ذات فئة 500 ليرة التي طبعتها أخيراً في روسيا بعد إلغاء النمسا عقد طباعة العملة السورية في ديسمبر/ كانون الأول 2011 نتيجة العقوبات الأوروبية وتورط نظام الأسد في جرائم حرب ضد شعبه.

وقالت مصادر مسؤولة في دمشق لـ "العربي الجديد" أن نصف الرواتب جاءت من العملة الجديدة ونصفها الآخر من فئات أخرى، معظمها فئة المائة ليرة، محذرة من آثار هذه الخطوة على التضخم وربما انهيار العملة السورية.

ويبلغ عدد الموظفين في سورية 900 ألف عامل في القطاع العام، بعد فصل المؤيدين للثورة وهجرة آخرين، وتبلغ كتلة أجورهم نحو 10.6 مليار ليرة.

وقال الاقتصادي محمود حسين: "بعد  تبديد الاحتياطي النقدي الأجنبي على قتل السوريين، والذي بلغ قبل الثورة في آذار/ مارس 2011 نحو 18 مليار دولار، وخسارة كافة عائدات النفط التي يسيطر عليها الثوار والجماعات الإسلامية، والتي كانت تشكل 24 في المائة من الناتج الاجمالي السوري و40 في المائة من الموازنة العامة للدولة، وتوقف عجلة الانتاج الصناعي، وانعدام عائدات السياحة والتجارة الخارجية والزراعة، لم يبق أمام نظام الأسد سوى طبع عملة دون تغطية، كي يستمر في دفع الرواتب وتمويل حربه ورشاه لمؤيديه".

اقتصاد عصابات 

من جهته، قال رئيس هيئة مكافحة البطالة السابق الدكتور حسين العماش: إن حكومة الأسد تطبع العملة بدون رصيد، الأمر الذي يزيد من الأزمة الاقتصادية، ومن التضخم الذي لا تقل نسبته عن 150 في المائة، منذ بدء الثورة حتى الآن.

وأضاف المعارض العماش في تصريحات صحافية أن "طبع العملة تقنياً في الأوضاع الطبيعية، يكون بهدف استبدال العملة التالفة، ولكن طباعة العملة في الوضع السوري الحالي يزيد مأساة السوريين، خاصة مع انعدام الثقة بالاقتصاد السوري، وعدم وجود احتياطيات بالعملة الأجنبية، واستنزاف الموارد الطبيعية حيث يسود اقتصاد عصابات في سورية".

وأوضح أن ادعاءات نظام الأسد بوجود عملة أجنبية أمر مكشوف، لأن مصدر هذه العملة سري من إيران والعراق وتدخل في الدائرة العسكرية وليس في الدائرة الاقتصادية، بالإضافة إلى ذلك هناك تحويلات من المغتربين للمناطق المحررة أو المناطق التي ما زالت تحت سيطرة النظام، التي تحرك الدورة المالية في سورية، مشيراً إلى أن طباعة حكومة النظام للعملة هو عبارة عن تمويل بالعجز، وسرقة للأموال، وإن تبعات هذا التصرف هو تخفيض قيمة العملة أكثر وزيادة سعر السلع.

الوعود والتبرير

رغم أن الحكومة السورية لم تسحب من التداول كتل نقدية توازي ما ستضخه من العملة الجديدة كي لا تصاب الليرة السورية بمزيد من التضخم، ورغم الأثر الجلي على سعر صرف الليرة وعلى ارتفاع أسعار السلع والمنتجات، إلا أن سياسة الممانعة الاقتصادية تفرض على نظام الأسد الاستمرار بالشعارات ومعالجة المشاكل الاقتصادية بالوعود والتبرير، ولو أن القصة سحب عملة مهترئة من السوق، لكانت الفئات النقدية الأكثر تداولاً، هي الأولى بالسحب والطباعة.

حاكم مصرف سورية المركزي أديب ميالة وخلال تصريحات صحافية نقلتها وكالة "سانا" السورية، قال:"لن يتأثر سعر صرف الليرة السورية نتيجة توزيع العملة الجديدة التي تمت طباعتها في روسيا، مشيراً إلى أنه سيقوم بسحب عدد من العملة المهترئة من السوق، كي لا يحدث اختلال في سعر الصرف ومعدل التضخم".

وحاول ميالة صرف اهتمام السوريين عن الآثار السلبية التي ستلحق بخطوة توزيع عملة بلا رصيد، من خلال الإغراق في وصف الورق النقدي الجديد ومواصفاته، قائلاً: إن العملة الجديدة فيها كل المزايا الفنية الموجودة في العملة الروسية، وهذه الميزات لأوّل مرّة تندرج في العملة السورية، كما أنها تحتوي على تثقيب مجهري، إذا أمسكها الشخص وقام بتوجيهها على الضوء يجد فيها تثقيبا مجهريا أو تخريما، وميزات أخرى مثل الطباعة النافرة وميزات الألوان المتغيرة والحبر المتغير".
وحول استمرار نظام الأسد في طباعة فئات نقدية أخرى، قال حاكم المصرف المركزي:"أصدرنا فئة الـ 500 ليرة سورية، وفيما بعد سوف تصدر فئة الـ 1000 ليرة سورية".

وختم ميالة حديثه بالإشارة إلى أنه بإمكان سورية طباعة هذه العملة، مؤكداً عزم المصرف المركزي طرح فئة الألف ليرة الجديدة خلال شهرين للتعويض عن فئة الألف ليرة القديمة في السوق.

يذكر أن معدل الأجور والرواتب في سورية يتراوح بين 150 دولارا و300 دولار بحسب الفئة وسنوات العمل، وإن نسبة التضخم زادت عن 150 في المائة منذ بداية الثورة السورية 2011.

المساهمون