النظام السوري يشوّه مَعلَم باب شرقي في دمشق

17 سبتمبر 2018
باب شرقي في دمشق (Getty)
+ الخط -
صباح يوم الثلاثاء الماضي، فوجئ السوريون بقرار جديد، شرَعَت الحكومة السورية بتنفيذه من دون سابق إنذار، وهو إغلاق أحد منافذ "باب شرقي" بحائط من الإسمنت! وهو الأمر الذي تم توثيقه من خلال الصور التي قام السوريون بتداولها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مرفقةً بتساؤلات وانتقادات وجهت في الغالب إلى وزارة السياحة السورية، التي ساهمت بتشويه أحد أبرز معالم مدينة دمشق التراثية. 

وباب شرقي هو أحد الأبواب العشرة التي تطوق مدينة دمشق القديمة التي لم كانت دائما مثار تفاخر الإعلام السوري بكونها أعرق المدن وأقدم عاصمة مأهولة في العالم؛ فمدينة دمشق القديمة ذات الأسوار الحصينة، لها عشرة أبواب، منها سبعة رومانية، وهي: باب شرقي، باب توما، باب السلام، باب الفراديس، باب الفرج، باب الجابية وباب الصغير. وقد أضيفت لها ثلاثة أبواب لاحقاً، هي: باب كيسان، باب النصر وباب الجنيق. وكانت هذه الأبواب تمثل المداخل الوحيدة للمدينة، قبل أن تتوسع المدينة لتصبح بشكلها الحالي. وفي حين تجد أن الأبواب الرومانية الستة المتبقية قد فقدت بعض معالمها عبر التاريخ، فإن باب شرقي هو الباب الوحيد الذي لا يزال يحافظ على شكله الروماني الأصلي كممر ثلاثي، يتوسطه الممر المركزي الكبير المخصص للقوافل وحركة العجلات، وممران بحجمٍ أصغر يحيطان بالممر الكبير للمشاة.

ويقع باب شرقي في شرقي مدينة دمشق، وبُني بشكله الحالي في عهد الإمبراطور الروماني سيبتيموس سيفيروس، واستكمل في عهد كركلا، ما بين القرنين الثاني والثالث الميلادي، وذلك على أنقاض باب الشمس الذي بناه اليونانيون كما يشاع؛ ويُنسب الباب إلى كوكب الشمس الذي يمثله الإله الإغريقي هيلوس، أو الإله سول عند الرومان. وكان قد رُسم فوق رتاج الباب نقشٌ نافرٌ على شكل قرص الشمس، ولكن هذا النقش لم يعد موجوداً بسبب أعمال الترميم. ولباب شرقي أهمية كبيرة بسبب موقعه المميز، إذ إن مدينة دمشق القديمة فيها شارع رئيسي عريض يُعرف حالياً باسم شارع مدحت باشا، ويحد هذا الشارع باب شرقي شرقاً، وباب الجابية غرباً.



وفي الوقت الحالي، تعتبر منطقة باب شرقي من أكثر المناطق الحيوية في دمشق القديمة، وكان مرتعاً للسياح قبيل انطلاق الثورة السورية. ولا تزال المنطقة المحيطة به تعج بالنشاط والحيوية بسبب كثرة البارات والمطاعم المحيطة به، بالإضافة لقربه من الأسواق التراثية الحيوية، مثل سوق مدحت باشا وشارع الأمين والبزورية.

وبعد ساعات من إغلاق الممر الصغير، قام ناشطون سوريون بإطلاق دعوة عبر فيسبوك بعنوان "معاً ضد تشويه التراث الأثري في باب شرقي"، وما هي إلا ساعات حتى أزيل الحائط الإسمنتي، وتنصلت الحكومة السورية من مسؤوليتها عن الحادثة، ولم يلقَ اللوم على أحد الوزراء، ولا حتى معاونيهم، كما جرت العادة؛ بل ادّعت بعض الصفحات الإعلامية التابعة للنظام السوري، أن المسؤول الوحيد عن الحادثة هو عامل البناء الذي قام ببناء الحائط الإسمنتي بمبادرة فردية! والغريب أن هناك عدداً كبيراً من موالي النظام السوري قد صدقوا هذه الرواية وتفاعلوا معها، وطالبوا بمحاكمة عامل البناء محاكمة ميدانية عبر صفحاتهم الشخصية على فيسبوك.
المساهمون