النظام السوري يسهّل زحف "داعش": إدلب مهددة

11 ديسمبر 2017
وجود الخلايا النائمة بمناطق المعارضة يساعد "داعش" بتمدده(فرانس برس)
+ الخط -

يشهد ريف حماه الشرقي معارك ثلاثية بين هيئة تحرير الشام، ومعها بعض فصائل الجيش الحر من جهة، وقوات النظام وميليشياته، وتنظيم "داعش" من جهة أخرى، حقّق فيها الطرفان الأخيران تقدماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة على حساب فصائل المعارضة، ما جعلهما أقرب من أي وقت مضى إلى الحدود الإدارية لإدلب، المحافظة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة السورية بالكامل. وقد أثارت هذه التطورات مخاوف من عودة "داعش" إلى إدلب بعد ثلاث سنوات من انسحابه من المنطقة بشكل كامل، إثر سلسلة عمليات عسكرية شنتها فصائل المعارضة و"جبهة النصرة" ضد التنظيم في عام 2014، كان آخرها من مدينتي الدانا وبنش.

وأحرز "داعش" تقدماً في ريف حماه الشمالي الشرقي بعد سيطرته السبت الماضي على منطقة قلعة الحوايس، ما جعله يقترب أكثر من حدود محافظة إدلب، ولم يعد يفصله عنها سوى بضعة كيلومترات، لا سيما في الريف الجنوبي شرقي مدينة سنجار.


ومنذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لم تهدأ محاولات التنظيم للتقدم باتجاه إدلب، مستغلاً انشغال فصائل المعارضة بصدّ محاولات قوات النظام المدعومة بالطيران الحربي الروسي الذي يقدّم تغطية مشتركة على الجبهتين ضد فصائل المعارضة. واستطاع التنظيم حتى الآن السيطرة على عشرات القرى، أهمها عنيق باجرة، طوطح، حجيلة، أبوحريج، عبيان وأبومرو، إضافةً إلى أبوخنادق، السميرية، الجديدة، الوسيطة، المضابع، أبو كسور، الشلو، سروج، طليحان، معصران، الزجافي، طوال دباغين، وجناة الصوارنة، وبعض القرى المتقدمة نحو حدود إدلب.

وقالت مصادر إعلامية من المنطقة إن فلول التنظيم تزحف بشكل كبير في الريف الشرقي لحماه، ووصلت إلى أطراف قرى حوايس، ابن هديب، حوايس أم الجرن وجبل الحوايس والتي تلامس حدود إدلب الإدارية. وبهذا تدخل المعارك مع التنظيم مرحلة جديدة في ظلّ تنسيق واضح مع قوات النظام وروسيا التي وفّر طيرانها دعماً جوياً مباشراً لعناصر "داعش" في معاركهم ضد "هيئة تحرير الشام" وفصائل المعارضة. كما يساعد التنظيم في تمدده، وجود العديد من "الخلايا النائمة" في مناطق المعارضة التي تنهض مع وصول عناصر "داعش" إلى مناطقها، خصوصاً من فلول "جند الأقصى" المنتشرة في مناطق المعارضة والتي باتت تلتحق بالتنظيم وتسانده بشكل علني.

وقال ناشطون إن  هذا التمدد بات يشكل خطراً يهدد المنطقة بأكملها في حال وصل عناصر "داعش" الى المدن الرئيسية وتغلغل فيها، لا سيما منطقة سنجار وأبو الظهور أو مدينة خان شيخون. وكان ناشطون من ريفي حماه وإدلب ناشدوا في بيان لهم فصائل المعارضة التصدي للحملة المنسقة التي يشنها النظام وتنظيم "داعش" في المنطقة، حيث سهّل النظام وصول عناصر التنظيم إلى ريف حماه الشرقي عبر مناطقه لتحقيق هدفين في آن واحد.


وقال الناشط ابراهيم بكور لـ"العربي الجديد" إن هدف النظام هو فتح جبهات جديدة أمام مقاتلي المعارضة بهدف إشغالهم وتشتيت قدراتهم على مواجهة قواته التي تحاول التوسّع في المنطقة من جهة، وإدخال عناصر "داعش" إلى محافظة إدلب من جهة أخرى، بهدف خلط الأوراق هناك، وتبرير استهداف المحافظة في المرحلة المقبلة بحجة وجود "داعش" فيها.

من جهتها، شنّت قوات النظام والميليشيات المساندة لها فجر السبت، هجوماً واسعاً على مواقع "هيئة تحرير الشام" في قرية أبو دالي بريف إدلب الجنوبي. ودارت اشتباكات بين الطرفين بالتزامن مع قصف مدفعي وصاروخي مركّز على القرية، وغارات روسية مكثّفة.

وقالت مصادر محلية إن قوات النظام سيطرت أيضاً على أم كاظمية وتلتها، ووصلت إلى أم تريكية التي تتبع إلى محافظة إدلب، وهي تحاول الوصول إلى تل خنزير والمشيرفة، التي تعتبر أقرب نقطة باتجاه أبو دالي، في محاولة منها للوصول إلى مطار أبو الضهور العسكري، والتي تدعي أنه من حقها ضمن اتفاق أستانا، الأمر الذي نفته المعارضة السورية.

وجاء ذلك عقب سيطرة قوات النظام على قرية البليل وتلّتها المحاذية للحدود الإدارية لمدينة إدلب، بعد معارك عنيفة، أسفرت عن مقتل أكثر من عشرين عنصراً من قوات النظام على أطرافها، في حين فشلت هذه القوات في إحراز تقدّم نحو بلدة الشطيب جنوب إدلب، رغم قصف الطيران الروسي للقرية بعشرات الغارات الجوية. وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن اشتباكات عنيفة دارت بين الجانبين في محور قرية بليل، حيث تحاول "هيئة تحرير الشام" استعادة القرية ووقف تقدّم قوات النظام باتجاه ريف إدلب الجنوبي الشرقي.

وتترافق المعارك مع غارات روسية مكثّفة على المنطقة استهدفت مواقع في قرى أبو دالي والشطيب وأم خزيم وأم تريكية وتل مرق وتل خنزير في ناحيتي الرهجان والحمراء بالقنابل العنقودية.

من جانبها، أكدت وكالة "إباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، أن مقاتلي الهيئة تصدوا لمحاولة تقدم جديدة لقوات النظام على قرية الشاكوسية بريف حماة الشرقي، مضيفةً أن ميليشيات النظام تقدّمت إلى قرية الشاكوسية بعد أن استقدمت تعزيزات عسكرية كبيرة للمنطقة، لكن مقاتلو الهيئة استطاعوا استعادة السيطرة على القرية بعد اشتباكات دامت ثلاث ساعات.

وتشن قوات النظام هجماتها في ريف حماه بينما تقوم بالهجوم أيضاً على محور قرية حجارة في ريف حلب الجنوبي حيث فشلت في اقتحام القرية وتكبّدت خسائر بشرية إثر المعارك مع "هيئة تحرير الشام".