النسوية على قائمة الإرهاب

حكومة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، تعتبر أنّ "النسوية والمثلية الجنسية والإلحاد" مظاهر تطرف، يعاقب عليها القانون بالسجن والجلد. لا نعرف إذا كان محمد بن سلمان يحاول جاهداً، بمفعول رجعي، إيجاد مبرر لسجن الناشطات في السعودية، لجين الهذلول وعزيزة اليوسف وغيرهما، لكنّ الواقع أنّ السلطة الذكورية والدينية غير مرتاحة في وضعها. تجريم النسوية وإعادة التراجع عنه والتحجج بكونها "غلطة موظف" أكبر دليل على أنّ الأرضية تحت هذه الأنظمة باتت مهزوزة.

قد تكون هناك أسباب عدة تجعل الأنظمة العربية تحاول شد القبضة الذكورية أو الأمنية أو تلك الخاصة بالسلطة الدينية على النساء خصوصاً وعلى الشعب عموماً، لكن قد يكون أحد هذه الأسباب هو بحسب نظريات الفيزياء، الفعل وردّ الفعل. الفعل السياسي والنسوي الذي استعاد السيطرة على الحيّز العام، وبات يقرر في قضايا الشأن العام. الفعل السياسي والنسوي الذي باتت له قوة للتأثير في الموازين وقلبها أو أقله إحداث إرباك حيالها.

الشعب في لبنان مثلاً هو الفعل (السياسي والاجتماعي والنسوي). ثار الشعب في لبنان، وها هو يحرز الانتصار تلو الآخر.

النساء في الأردن انتفضن؛ هن الفعل السياسي والنسوي. نظمت نساء ومنظمات وإعلاميات مبادرات نسائية خلال نهاية الأسبوع الماضي، للانتفاض على العنف الذي تتعرض له النساء، وغياب نظام حماية لهن. ما زالت النساء في الأردن عرضة للحبس إذا خالفن رغبة "الوصي عليهن" سواء كان أباً أو زوجاً!

النساء في سورية هن الفعل السياسي والنسوي. النساء ينظمن أنفسهن؛ قد لا تكون الساحات السورية وجهتهن الأولى بالضرورة، لكنهن متصديات للذكورية والأبوية والأخطبوط الأمني والاقتصادي والعسكري، سواء كان محلياً أو إقليمياً أو دولياً. النساء السوريات ناشطات على جميع المستويات، في فعلهن السياسي والنسوي لإعادة تشكيل وبناء سورية ديمقراطية تعددية نسوية.

النسوية جرم يعاقب عليه القانون ويصنّف في قائمة الإرهاب في السعودية. كم مرة يكون الفعل فيها مفاجئاً أو مباغتاً، يجعل من ردة الفعل ساذجة أو عبيطة؟ النسوية ليست شخصاً يا ولي العهد. هي حالة فكرية عامة. هل يمكنك أن تجلد فكرة؟ أم أنك تنوي وضع غالبية النساء في السجن، على أن يبقى الآباء/ الأزواج الأوصياء ورجال الدين طلقاء؟ هذا عملياً ما يعنيه القرار على أرض الواقع.