قالت الناشطة الفلسطينية من أصل تونسي هالة الشريف أبو غربية (56 عاماً)، إنها محرومة من دخول مدينة القدس عبر معبر قلنديا المقام شمالي القدس والقريب من رام الله وسط الضفة الغربية، منذ الثامن من نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من طرف جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، دون توضيح الأسباب الحقيقية لقرار المنع.
واعتادت الشريف على زيارة القدس مرةً إلى ثلاث مرات أسبوعياً، وتنفيذ أعمال تطوعية وخدماتية في معالمها الدينية ومؤسساتها الصامدة، لكنها محرومة منذ أكثر من شهر من دخول المدينة المقدسة.
وفي تفاصيل المنع، أوضحت لـ"العربي الجديد": "جهّزتُ نفسي وتوجهت بصحبة ابنتي وخطيبها من منزلي في مدينة رام الله إلى معبر قلنديا كالمعتاد، أخرجت هويتي للمجندة، فدققت فيها أكثر من المعتاد، ثم طلبت مني الوقوف جانباً، وما هي إلا دقائق حتى استدعت ضابطاً في جيش الاحتلال؛ تحدثا بالعبرية ثم خرج من الغرفة الزجاجية".
جاء الضابط ليخبر هالة الشريف أنها ممنوعة من دخول القدس، بقرار من الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك"، وقال: "الشاباك ما بدو إياكي"، سألته الشريف حينها عن سبب القرار، وهي في حالة استغرابٍ واستنكارٍ شديدين: "ليش؟!"؛ رد الضابط بطردها من داخل المعبر، وأمرها بالرجوع من حيثُ أتت.
عادت هالة الشريف إلى منزلها وهي تحمل في قلبها خيبة أملٍ كبيرة، فأصدقاؤها المتطوعون ينتظرونها لتنظيف مسجد عمر بن الخطاب في البلدة القديمة من القدس؛ فمنذ أيام سابقة لمنعها، أخبرها أحد الأصدقاء في القدس بسوء حال المسجد، واتفقت معه على تنظيفه وآخرين عقب أدائها صلاة الجمعة في المسجد الأقصى.
Facebook Post |
مر شهر على منع دخول هالة الشريف مدينة القدس، وقد عدّتْ هذه الأيام متسائلة، عن طول المدة التي ستُحرم فيها من دخول المدينة العزيزة على قلبها، تقول: "تواصلت مع أحد المحامين لإخباري بالطرق القانونية التي يجب أن ألجأ إليها لإلغاء هذا القرار، أو فهم ما يجري، حول أسباب منعي من الشاباك؛ فأنا أستغرب أن يأتي منعي من الشاباك وأنا لم أُقدِم على عملٍ يستدعي تدخل جهاز مثله، لم تصدر بحقي مذكرة اعتقال، وفجأة أمنع من دخول القدس! لا أستطيع حقاً فهم الأمر، ولا أجد تفسيراً لهذا القرار الجائر".
نصحها بعض الأصدقاء بتجريب الذهاب للقدس في الجمعة التالية، التي صادفت يوم إعلان استقلال فلسطين، بالتوجه ثانيةً إلى معبر قلنديا، غير أن أصدقاء آخرين رأوا أن تنتظر رد المحامي، الذي يحاول فهم الأمر من شرطة الاحتلال في مدينة القدس.
ترتبط هالة الشريف التي اعتاد الفلسطينيون على رؤيتها، داعمةً لذوي شهيد أو أسير أو صاحبة أرض مهددة بالمصادرة، بعيداً عن أعين الكاميرات، بعلاقة دافئة بالمدينة المقدسة، وتصف هذه العلاقة بالرباط المقدس، لا لكونها فقط قبلة الفلسطينيين ورهانهم في الدفاع عن عدالة قضيتهم وأصليتها؛ بل لأنها أيضاً مسقط رأس زوجها وشريك حياتها النضالية الذي غادرها بعد وفاته، وهو عثمان أبو غربية، وهو أحد أعضاء المجلس المركزي في حركة فتح، والملتحقين بأوائل ثورتها، ويُعرف عنه رفضه اتفاقية أوسلو.
تقول هالة: "لقد ولد زوجي عثمان في البلدة القديمة بالقدس، وعاش طفولته فيها، وبعد أن كبر وعدت معه للوطن؛ كانت القدس محط زياراتنا المتكررة، ومتنفسنا الدائم، فإذا أراد حلق شعره قصد القدس، وإذ شعرنا بالملل قصدنا شارع صلاح الدين لنتمشى فيه، لا تمر أيام قليلة أو فرصة متاحة، إلا واغتنمناها معاً في القدس".