النادي أجمل من المدرسة

29 يونيو 2016
أخذها والداها في رحلة إلى البحر الميت (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -
ينتظر الطفل إسلام دبور (سبع سنوات) الإجازة الصيفيّة بفارغ الصبر. هذا الفتى يرغب في الالتحاق مجدّداً بالنادي الذي يتدرّب فيه على رياضة الكاراتيه. هو على قناعة بأن "النادي أجمل من المدرسة". منعه والداه من الذهاب إليه خلال العام الدراسي، بعدما أهمل دروسه وصار يهتمّ بالرياضة أكثر من واجباته المدرسية، على حد قول والدته.

يرى الأطفال أن الإجازة الصيفية التي تمتد لنحو شهرين "جنّتهم". وغالباً ما يكون هناك احتفالٌ عفوي في اليوم الأخير، إذ يمزّقون دفاترهم أو كتبهم المدرسية وهم يغادرون أبواب المدرسة، معلنين بدء الإجازة الصيفية. يعرف إسلام أنه عائد إلى النادي "إذا حقّق المرتبة الأولى على صفّه، أو لن يخرج من البيت أبداً". وتشير والدته إلى أن الهدف من هذا الشرط هو تحفيزه على الاهتمام بدروسه، مؤكدة أن ابنها سيذهب إلى النادي خلال الإجازة في الحالتين. ترى أن النادي "أفضل من البقاء في البيت طوال فترة الإجازة بهدف تطوير مهاراته والتعرّف إلى أصدقاء جدد".

يبدو إسلام أكثر حظاً من آخرين قد يمضون الإجازة في البيت أو الشارع، وهو المصير الذي ينتظر أولاد عمار الحامد، الذي يصف الإجازة الصيفية بـ "المزعجة". يقول إن "المدرسة تجمع الأولاد بدلاً من بقائهم في الشارع". لدى الحامد، الذي يعمل موظّفاً في القطاع الخاص، أربعة أولاد يذهبون إلى مدارس حكومية. وعلى الرغم من أن الإجازة الصيفية تعدّ فرصة للتخفيف من المصاريف، خصوصاً مصاريف المواصلات كون مدرستهم بعيدة عن المنزل، إلا أنه يراها مزعجة. يضيف: "أطفالي مشاغبون. ولن ترتاح والدتهم طوال اليوم".

لم يخطّط الحامد للترفيه عن أطفاله خلال الإجازة الصيفية. من جهة أخرى، هو غير قادر على تسجيلهم في الأندية الرياضية. يقول: "لا أستطيع الحصول على إجازة خلال فصل الصيف. كذلك، فإن رسوم الأندية والمراكز الشبابية التي تستقبل الأطفال مرتفعة". في أحسن الأحوال، قد يأخذهم في رحلة خلال إحدى نهايات الأسبوع إلى أحد المنتزهات أو المواقع الأثرية.


وفي وقت تضيق الخيارات بالنسبة لبعض الأهالي، خصوصاً أصحاب الدخل المحدود، أو هؤلاء القاطنين بعيداً عن الحدائق والمتنزهات العامة، وهي قليلة، تؤمّن وزارة التربية والتعليم خلال العطلة الصيفية أندية صيفية داخل المدارس أو المخيمات الكشفية التابعة للوزارة، حتى "يستغلّ الأطفال أوقاتهم بشكل إيجابي، وينمّون مهاراتهم وقدراتهم عن طريق مشاركتهم في النشاطات المختلفة، بالإضافة إلى تنمية روح القيادة والعمل الجماعي والمساهمة في خدمة المجتمع والبيئة".

في هذا السياق، يقول الخبير التربوي غازي خضر أن غالبية التلاميذ يعانون من الفراغ خلال العطلة الصيفية. يضيف أن الأهل في نهاية المطاف ليسوا خبراء متخصّصين بوضع برامج تربوية وترفيهية للأطفال، لافتاً إلى أن المشكلة تتفاقم إذا كان الوالدان يعملان، ويقضيان وقتاً طويلاً خارج المنزل. يقلّل من أهميّة الرحلات التي تقوم بها العائلة بشكل متباعد، قائلاً إن الرحلات "لا توفّر للأطفال ما يحتاجونه من نشاطات رياضية وترفيهية وفكرية، خصوصاً أن الأهل غالباً ما يختارون أوقاتاً متباعدة بين رحلة وأخرى.

يلفت خضر إلى أهمية انتظام التلاميذ خلال الإجازة الصيفية في أندية صيفية معدّة بشكل متقن، توفّر لهم مجموعة من النشاطات المنوعة، والتي تساهم في صقل شخصيّاتهم وتنمية روح العمل الجماعي وتعزيز مهاراتهم.

وفي وقت يفضّل أن تنفّذ تلك النشاطات مؤسّسات أو جمعيات المجتمع المدني، لا يجد مانعاً في أن يلتحق الأطفال في الأندية التي تنظمها المدارس، شرط ألّا تتضمن نشاطات منهجية على غرار دروس التقوية. ويلفت إلى أنه مهما كان التلميذ ذكياً، فهو يكره الذهاب إلى المدرسة، لأنها تحدّ من حريّته. يشير إلى أن الأندية الصيفية التي تقيمها المدارس سيكون مصيرها الفشل في حال تعاملت مع التلاميذ بالطريقة نفسها التي يتم التعامل فيها معهم خلال الفصل الدراسي.

ويلفت إلى ضرورة ألا تتحوّل الإجازة الصيفيّة إلى عبء على الأهل. يضيف أنه نتيجة الفراغ، يكثر الأطفال من مشاهدة التلفاز أو الألعاب الإلكترونية، ما يؤدي إلى عزلهم اجتماعياً بالإضافة إلى مشاكل أخرى، علماً أنه من الأفضل لهم اكتساب مهارات جديدة وتنمية قدراتهم من خلال التخطيط للإجازة من قبل العائلة والمدرسة ومؤسسات المجتمع المدني التي تعنى بالعمل مع الأطفال.
دلالات