المُخلّص

18 سبتمبر 2017
الآمر الناهي في برشلونة / غيتي
+ الخط -

لعلّه اللقب الأنسب لميسي الآن أكثر من أي وقتٍ مضى، وأكثر من أي لقبٍ حصل عليه من قبل.

لماذا؟ قد يكون مجرّد رأي، لكنّه وارد ومشروع بكل تأكيد.

لا يختلف اثنان على أن ليونيل ميسي هو أفضل موهبة كروية في العقد الأخير، كما لا يختلف اثنان على أنه نجم بكل المقاييس، داخل الميدان وخارجه، وأنه شخص ذكي جداً.

نجوميته المطلقة والصاروخية تزامنت مع بداية عهد "برشلونة غوارديولا"، الذي وُفّق وقتها بمجموعة أسماء لا يحلم أي مدرّب في العالم بها، ومع إعادة إحيائه لأسلوب التيكي تاكا الذي تناسب كثيراً مع ميسي ورفاقه في تلك الفترة، تمكّن بيب غوارديولا مع برشلونة من السيطرة على كرة القدم في العالم لعدّة سنوات.

بعد انتهاء الفترة الذهبية تلك للبارشا، ورحيل غوارديولا عنه، الذي بدوره عرف كيف يختار الوقت المناسب للرحيل، ومع عدم الثبات على مدرّب واحد، دخل برشلونة بفترة متذبذبة الأداء والنتائج، وجاءت مشاركات ميسي مع منتخب بلاده في تلك الفترة سلبية المردود، الأمر الذي جعل أغلب المتابعين والمحللين يجمعون على أن ميسي لا يجيد اللعب إلا مع برشلونة، لأن منظومة الفريق وأسلوبه كلها تصبّ لصالحه.

وتأكّدت هذه المقولة بعد أن رحل عدد من اللاعبين عن الفريق وأكّدوا بدورهم هذا الكلام: "المطلوب منّا دائماً إيصال الكرة إلى ميسي". كما أشارت مصادر صحافية كثيرة أن ليو هو "الآمر الناهي" في الفريق، وحتى في منتخب بلاده، ووصل به الأمر إلى الموافقة على أو رفض اللاعب الفلاني أو قبول المدرّب الفلاني، حتى أن مدرّب برشلونة السابق لويس إنريكي لم يكن يجرؤ على تبديل ميسي، حتى ولو كان ذلك من مصلحة الفريق. شهيرة جداً لقطة إنريكي في مباراة برشلونة وإيبار، وهو يحاول أن يقنعه بالخروج حين رفض ميسي، ليقوم بتبديل نيمار بدلاً عنه.

اليوم، وبعد فترة من تخبّط في المستوى وتراجع ملحوظ كان أهم محطاته مباراة ربع النهائي أمام يوفنتوس الإيطالي في دوري الأبطال، المباراة التي كشفت عيوب وثغرات صفوف النادي الكتالوني، وبعد رحيل أحد أهم عناصره وأحد ثلاثي نجوم خط "هجومه المخيف" البرازيلي نيمار، يجد نفسه ليونيل ميسي يقف مكان "المُنقذ"، الذي ينظر إليه الجميع، وينتظر منه الكثير.

وبالطبع ميسي يعلم تماماً ما يقال عنه في الصحف عن "سيطرته" المطلقة في برشلونة، كما يعرف أيضاً ما قيل عنه في السابق إنه غير قادر على اللعب جيداً إلا في برشلونة، وأنه سيحتاج دائماً لإنييستا وتشابي إلى جانبه.

بعد رحيل تشابي، وتقدّم إنييستا بالعمر، يحتاج ميسي لأن يثبت الآن للجميع أنه ليس بحاجة لأحد ليكون اللاعب الأفضل في العالم، اللاعب القادر على حمل الفريق على أكتافه. ومع لاعب بإمكانات ميسي ومواصفاته، قد يكون هذا فعلاً أمراً إيجابياً لبرشلونة.

وبالعودة للحديث عن ذكائه، ميسي يعرف جيداً أنه يتقدّم في السن، وأنه عاجلاً أم آجلاً سيبدأ بفقدان مهاراته وسرعته، وبالتالي "تحكّمه" بزمام الأمور، الأمر الذي سيساعد على الحدّ من "دكتاتوريته" في الفريق إن صح التعبير، وتقبّله لقواعد وظروف لم يعتد أن يتقبّلها في ما مضى.

وفي المباريات التي خاضها مع فريقه حتى الآن، بالفعل يثبت ميسي مباراة بعد مباراة أنه قادر على حمل الفريق على أكتافه إذا أراد ذلك، خاصة عندما "يكون في يومه".

ليس بعيداً الآن أن نرى ليونيل ميسي على مقاعد البدلاء من وقت لآخر، خاصة في المباريات التي لن يحتاجه فيها مدرّب برشلونة الجديد إرنستو فالفيردي، والذي سيستفيد بكل تأكيد من إراحة لاعب مثل ميسي والاحتفاظ بمهاراته وخبرته للمباريات الأصعب.

لا شك في أن نقطة تقدّم ميسي في العمر قد تلعب دوراً إيجابياً لمصلحة اللاعب والنادي على حدّ سواء، مع لاعب بموهبته وقدراته، إراحته لمباراة أو اثنتين أو ربما أكثر، ستجعله مرتاحاً و"مُتاحاً" طوال الموسم، ممّا سيجعل مردوده في المباريات التي يشارك فيها أفضل بكل تأكيد.

إن حصل هذا الأمر بالفعل، ميسي قد يأخذ برشلونة بعيداً، بعيداً جداً، وقد نقول جميعنا حينها، من حسن حظّ برشلونة، وسوء حظّ الأندية الأخرى، أن ميسي بدأ يتقدّم في السن.

لمتابعة الكاتبة.. https://twitter.com/ShifaaMrad

المساهمون