أينما تتجه في العاصمة اليمنية صنعاء، تجد أمامك ما يثبت استعدادات أبناء المدينة لاستقبال المونديال. فاليمنيون كما كل شعوب العالم، يريدون الاستمتاع بالحدث الكروي الأكثر انتشاراً. وعلاوة على ذلك، فإنهم يسعون من خلال هذه المتابعة، إلى نسيان واقعهم المرّ بفعل الأزمات الأمنية والاقتصادية التي تعصف بالبلاد.
ويلفت خلال التجوّل في شوارع صنعاء، أعلام الدول المشاركة في المونديال، وهي ترفرف على واجهات الأندية والمقاهي التي تعلن للمواطنين العاديين تقديم خدمة مشاهدة مباريات البطولة مقابل مبالغ رمزية.
وتنتشر على واجهات محلات الملابس في الأسواق العامة لصنعاء ولمدن يمنية أخرى، قمصان المنتخبات المشاركة. ويقوم بائعون متجولون في الشوارع بحمل هدايا بسيطة عليها شعارات المونديال، حيث يشتري الناس منها ما يناسب اهتماماتهم ومداخيلهم.
يقول أحد الشبان الذين كانوا يتجولون في أحد الأسواق، إنه يبحث عن قميص منتخب ألمانيا كونه من مشجعيها، فيما يخالفه صديقه الذي يشجع "راقصي السامبا"، ويبحث بدوره عن قميصهم وعن علم بلادهم.
بدأت تتباين آراء الشارع اليمني حول المنتخب الأكثر حظوة للفوز بكأس البطولة. وتتنوع الخيارات بالنسبة للمنتخب الذي يرجو اليمنيون له الحصول على اللقب. وتتمحور الخيارات حول عدة منتخبات من بينها: ألمانيا، البرازيل، الأرجنتين، إيطاليا، إسبانيا، وفرنسا. ودعا نشطاء على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي منذ وقت مبكر، لتشكيل روابط تشجيعية للفرق التي يشجعونها.
وتجري الإعدادات الرسمية والشعبية في اليمن لاستقبال المونديال الذي تخطف فعالياته أنظار وألباب العالم كله. وأخذت بعض الأنشطة المنضوية في إطار الاستعداد للبطولة العالمية، منحى استثماريا تجاريا، يدرُّ أرباحاً على القائمين على تلك المشاريع والأنشطة، وفقا للمقولة الشهيرة إن كأس العالم لكرة القدم "تجارة وسياحة وسياسة ورياضة".
يؤكد الموظف في نادي "هاواي" في صنعاء، بكيل محمد، أن هذه البطولة بالنسبة لأصحاب المقاهي والنوادي، هي موسم لجني الأرباح، مشيراً إلى أن الاستعدادات بدأت قبل أكثر من شهر لدى البعض. وتتمثل هذه الاستعدادات في تجهيز الشاشات وتوسيع الأمكنة حتى تستوعب أكبر قدر ممكن من المشاهدين"الأمر الذي ينعكس على زيادة الأرباح المادية"، وفق ما يقول.
وتساهم الشركات العالمية الراعية وفروعها في الدول في تسويق هذه الفعالية الكروية التي ينتظرها العالم بشغف، كل أربع سنوات. ففي مقر فرع شركة "هيونداي"في صنعاء، يوجد مجسّم كبير يرمز للمونديال، وتحيطه بشكل لافت، أعلام المنتخبات المشاركة.
يقول الصحافي الرياضي الحسن الجلال لـ"العربي الجديد" إن "اليمنيين كغيرهم من شعوب العالم، سينشغلون لشهر كامل بمتابعة ممتعة لفعاليات مونديال البرازيل، لكنهم إلى ذلك، يسعون في متابعتهم، إلى نسيان واقع مأساوي خلّفته الأزمات السياسية والأمنية والاقتصادية الطاحنة في البلاد".
ويؤكد الجلال أن "هذه البطولة التي تسحر العالم أجمع تحرّك بعض الجمود الحاصل في البلاد"، مشيراً إلى أن ثمة إدراكا مسبقا من قبل المعنيين يدفعهم لاستثمار هذه الفرصة إما تجارياً أو سياسياً. ويشرح أن "البطولة هي بمثابة نزهة لليمني العادي الذي يريد الهروب من ضجيج الأزمات اليومية الحاصلة في البلاد".
وفي سياق متصل، قال وزير الشباب والرياضة اليمني معمر الأرياني إنه تم الاتفاق مع شركة "جولدن " للإعلان والتسويق لتوفير شاشات عملاقة مع "الرسيفرات" والأجهزة الصوتية في العديد من الملاعب والصالات الرياضة لتمكين الشباب من متابعة المونديال وتوفير الأجواء المناسبة لاستمتاع الجميع بهذه الفعالية التي لا تتكرر إلا كل أربع سنوات.
ونقلت صحيفة "26 سبتمبر نت" الرسمية عن الأرياني قوله إن الأجهزة ستُسلم بعد الانتهاء من المونديال للملاعب والصالات التي تم فيها مشاهدة مباريات كأس العالم، للاستفادة منها في المستقبل ونقل البطولات والفعاليات الرياضية المحلية والعربية والعالمية.