دمرت قذائف النظام السوري وصواريخه معظم أبنية مخيم اليرموك، ودفنت عشرات من سكانه تحت الأنقاض، لكن البعض لا يزالون متمسكين بالبقاء في المخيم الأكبر للنازحين الفلسطينيين في سورية، والذي يبعد عن العاصمة دمشق بنحو 8 كيلومترات.
تقول اللاجئة الفلسطينية فرح الناجي لـ"العربي الجديد"، من مخيم اليرموك، إن المخيم "يتعرض لحملة عسكرية بهدف تدميره وقتل من تبقى فيه. أطنان من الصواريخ يدك بها المخيم. البيوت تم تدميرها، وهناك أناس عالقون تحت الأنقاض يستحيل إخراجهم في ظل هذا القصف اليومي. إنهم يريدون الإجهاز على المخيم والانتقام من سكانه، ولا يسمحون لنا كفلسطينيين بالخروج".
ويصف شادي عقلة، الوضع داخل مخيم اليرموك بأنه "كارثي ومأساوي. الطعام شحيح، والحصول على المياه صعب، ومن يستهدفون المخيم إلى جانب النظام السوري هم فلسطينيون أيضا".
ويوضح لـ"العربي الجديد": "ضاقت بنا الأرض، ولا نعرف أين نذهب. الأطفال وكبار السن والنساء فرض عليهم العمل كالرجال. نخرج إلى الشوارع في لحظات هدوء القصف بحثا عن قبو أو مكان أكثر أمنا نحتمي فيه، فالمباني تنهار تباعا، والبقاء تحت الأبنية المدمرة شبه مستحيل كونها تقصف مرارا وتكرارا".
أما سمر قاسم التي فقدت زوجها العام الماضي، فليس بمقدورها الخروج من المخيم، وقالت لـ"العربي الجديد": "حاول أشخاص قبل أيام الفرار من المخيم باتجاه مناطق التسوية عبر حاجز ببيلا، فقوبلوا بالرصاص وتم قتلهم على الفور. النظام لا يريد لنا الخروج، وننتظر معجزة، والشيء الوحيد الذي نعرفه أنهم لا يريدون أن يبقى أحد في المخيم على قيد الحياة".
وأضافت: "معاناتنا لا توصف، ولا أحد يتدخل لمساعدتنا، نترقب الموت كل لحظة، لا نعلم متى يكون، لكنه قادم لا محالة، وكل يوم تتقلص أماكن هروبنا، وربما نقع في قبضة النظام أو قبضة فلسطينيين مثلنا لنموت برصاصهم كما مات كثيرون".
وحول تفاصيل الحياة اليومية تحت القصف، تشير يسرا مروان، والتي قاربت الأربعين من عمرها، أن "فواصل القصف أحيانا تكون دقائق معدودة، لكننا نحاول دوما استغلالها، فهي فرص لتناوم الطعام والتقاط الأنفاس. الحصول على الماء هو المعاناة الأكبر، وأحيانا يكون مصدره الوحيد أنابيب المياه في الأقبية، أو أنابيب المياه العامة التي كشفتها القنابل والصواريخ، ومع تنقلنا الدائم نفقد الأماكن التي وجدنا بها الماء، فنضطر للبحث عن مصادر جديدة، وآخرها برك تشكلت بعد هطول الأمطار".
وتقول لـ"العربي الجديد": "نجمع ما يتاح لنا من مؤن وطعام، ونحاول أن نأكل جميعا كي نرشّد استهلاكنا، فالحصول علي الطعام صعب جدا. نحن نجمع ما نستطيع من بين أنقاض المنازل، لنجد ما يسد الرمق".