الموت واحد.. وأسبابه مختلفة

02 نوفمبر 2014
+ الخط -

الروح البشرية ثمينة، هذا ما تقوله الشرائع السماوية والقوانين الوضعية، أما هنا في مخيم عين الحلوة فهي رخيصة، بل ورخيصة جداً. يقولون الموت واحد وتتعدد الأسباب، أجل، هنا، السبب بات واحداً، الموت بالرصاص الخاطئ أو المتعمد.

بات السلاح شيئاً عادياً في الأحياء والشوارع والبيوت، أصبحت البندقية مثل رغيف الفلافل، يحملها الجميع، ولا أحد ينظر بعين القلق بيد من يقع السلاح، صغيراً أم كبيراً من يحمله، طفلاً أم شاباً، فليس هناك من يتابع أو يأبه لمثل هذه الأمور، على الرغم من أنه لا توجد عائلة في المخيم إلا وفقدت أخاً، أباً أو طفلاً، وكل هذا يرجع إلى فوضى السلاح وعشوائيته، فعدم أخذ الأمور في محمل الجد سبب خسارة أشخاص عديدين.

توفي الشاب الفلسطيني، كمال عمر كريم، بسبب سقوط رصاصة طائشة على رأسه مباشرة خلال إطلاق النار بابتهاج وانتصار غزة الأخير. يقول صديقه ينال الزعبي"فوجئت جداً، ولم أصدق الأمر في البداية، لكني عدت لأستوعبه شيئاً فشيئاً، ومن يومها وكل ساعة تمر وأنا أكره ما يسمى السلاح، أو ما تسمى لعنة السلاح الذي تحول من بندقية الثائر إلى بندقية العصابات المأجورة، حتى ولو كان من يحملها مناضلاً قديماً أو شاباً يتغنى بالنضال". كما أضاف، والألم ظاهر في صوته على فقد صديقه: "لا مجال لإعادة ترميم المجتمع الفلسطيني، بسبب عدم مقدرة القيمين على شعبنا على ضبط زمام الأمور، فنحن أصبحنا في مجتمع كل إنسان يبقى مسؤولاً عن أمنه الذاتي، وهي سياسة قانون الغاب"، متغنياً بالمثل الشعبي السوري "حارة كل من إيدو إلو".

لكن، الأكيد أن استمرار الوضع، كما هو عليه، أمر مرفوض شعبياً، فما الحل لتنظيم السلاح داخل المخيم؟ سؤال حاول منسق حملة "طبق نظامك" في مخيم عين الحلوة، محمد مشيرفه، الإجابة عنه بالقول "إن تنظيم السلاح داخل المخيم يجب أن يكون من خلال الفصائل وأصحاب القرار، وأن تعمل على ضبطه وتنظيمه وكيفية استخدامه، وهذه مسؤوليتها بالدرجة الأولى، وعلى عاتقها تقع المهمة". أما عن الآليات العملية لتطبيق هذا الكلام، فيقول مشيرفة: "يجب إبرام مذكرة تفاهم بين الفصائل تذلل العقبات، وتحدد المسؤوليات وتبين كيفية استخدام السلاح". وأفاد مشيرفه بأن حملتهم نفذت عدة خطوات تتعلق بهذا الأمر، وكان آخرها رفع رسالة إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تناشده فيها الضغط على اللجان الشعبية للتجاوب معهم في تحقيق هذا المطلب الشعبي.

وعلى الرغم من الكلام في المخيمات عن تحويل البندقية إلى أداة تضر الشعب الفلسطيني، إلا أن أصواتاً أخرى تصر على أن البندقية ضمانة للمخيمات، فأهالي عديدون لا يستطيعون نسيان مجزرتي مخيمي صبرا وشاتيلا وتل الزعتر، وهذا ما أكده أبو وائل، عصام موسى، والد الطفل الذي قتل برصاصةٍ انطلقت خطأ من مسدس كان يلهو به في مخيم عين الحلوة، على الرغم من الفاجعة التي أصابته، وأصابت عائلته بفقدان ولده يوسف (8 سنوات)، إلا أنه أكد على ضرورة المحافظة على السلاح في المخيمات، والحفاظ عليه، لأنه هو الحل الوحيد لاسترجاع فلسطين، وأضاف أبو وائل: "نحن، كفصائل وأصحاب قرار، واجب علينا تنظيم السلاح وعدم استخدامه بالشكل الخاطئ، لأن هذا الاستخدام العشوائي يقضي على أرواح بريئة، وهذا ما شهدناه في الاحتفالات بانتصار غزة، ويضعف قدراتنا ويضر قضيتنا الأم".

أطفال لم تعرف معنى الحياة بعد، تفارقها وتسجل على لوائح الأموات، وشباب في ربيع العمر يفقدون أرواحهم، ودائماً نبحث عن سبب موتهم، إما أن يكون عن طريق الخطأ أو أن تكون جريمة قتل انتقامية لسبب ما، حالات كثيرة في مخيم عين الحلوة زهقت أرواحهم بسبب أحداث أمنية، أو ابتهاجاً لانتصار أو عرس أو حتى لقدوم مولود جديد، فتصبح هذه المناسبات السعيدة، نذير شؤم لعائلات أخرى.

avata
avata
محمود يوسف (فلسطين)
محمود يوسف (فلسطين)