بقرار من جهة مجهولة، تمدّدت جمهورية حجب المواقع في مصر، تلك التي بدأت قبل أشهر قليلة ولم تتوقّف إلى الآن، فعمليات الحجب استهدفت في البداية المواقع الإخبارية وتلك التابعة لقنوات فضائية تبث من خارج مصر، ليبلغ عدد المواقع المحجوبة في 25 مايو/ أيّار 75 موقعًا.
لم يتوقّف الأمر عند المواقع الإخبارية؛ فخلال أيّام تواصل الحجب لينال من مواقع الحملات السياسية وجمع التوقيعات ومواقع كسر الحجب، ويقفز العدد خلال أيّام إلى 113 موقعًا على الأقل، بحسب ما رصدته مؤسسة حريّة الفكر والتعبير. الشهر الثالث في عمليات الحجب بدأ بحلول أغسطس/ آب الجاري، ليبدأ في اليوم السادس منه حجب المدوّنات والمواقع التابعة للمنظّمات الحقوقية.
"محدش يتكلّم"
عمليات حجب المواقع تزامنت مع بدء مناقشة البرلمان المصري لاتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية والتنازل بمقتضاها عن جزيرتي تيران وصنافير، ليكون هذا تنفيذًا لما قاله عبد الفتاح السيسي في أبريل/ نيسان 2017 "محدّش يتكلّم في الموضوع دا تاني".
حريّة الفكر والتعبير في تقريرها عن حجب المواقع، اعتبرت أنه كان خير معبر عن توجّهات الحكومة الرامية إلى غلق أغلب النوافذ التي تحمل أصواتًا معارضة. ففي ظهر 6 أغسطس/ آب الجاري واجه البعض مشكلة في الوصول لموقع الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان _منظمة حقوقية_ ليُعلن جمال عيد، مدير الشبكة بعد دقائق عن حجب الموقع.
جهة مجهولة
الشبكة في بيانها الصادر في اليوم نفسه اعتبرت الحجب تطورًا خطيرًا، معربة عن خشيتها أن تكون تلك الخطوة مقدمة لهجمة جديدة إلكترونية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان ومنظّمات المجتمع المدني.
ترى الشبكة أنه لم يعد من المنطقي نزع هذا التطور من سياقه الذي بدأ منذ أربع سنوات مضت مع مولد نظام 3 يوليو 2013، بانتهاكات بالغة لحقوق الإنسان كمًا وكيفًا من قبل السلطة بدءًا من إسكات الأصوات التي تغرّد خارج السرب والتحريض ضدّها حتى انتهى الأمر بحجب عشرات المواقع دون أن تكلف السلطة نفسها هذه المرة عناء التبرير والكذب، على حد تعبيرها.
الأمر الأكثر تطورًا، كان بحجب مدوّنة للصحافي المصري أحمد جمال زيادة، التي استعان بها مؤخرًا لنشر مقالاته تجاوزًا للحجب الذي طال المواقع التي يعمل بها.
"منظمة سيناء لحقوق الإنسان والمرصد العربي لحريّة الإعلام" أعلنا عن حجب مواقعهما أيضًا، لينضما بذلك لموقع مركز الجزيرة للحرّيات العامة وحقوق الإنسان المحجوب منذ مايو/ أيار الماضي ضمن مجموعة المواقع التابعة للجزيرة، وبلغ عدد المواقع المحجوبة 133 موقعًا حتى أمس.
الجهة التي أصدرت قرار الحجب واختارت قائمة المواقع المحجوبة مازالت "مجهولة"، رغم العديد من التكهّنات حولها إلا أنه لم تعلن جهة حتى الآن مسؤوليتها عن ذلك القرار، الأمر الذي تكرّر في 6 أغسطس/ آب أيضًا بمنع طباعة صحيفة المصريون بقرار من مصدر أمني مجهول، بحسب جمال سلطان رئيس تحرير الجريدة.
ووفقًا للمادة 71 من الدستور "يحظر بأي وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام أو مصادرها أو وقفها أو إغلاقها ويجوز استثناءً فرض رقابة محدّدة عليها في زمن الحرب أو التعبئة العامة"، إلا أن البعض، اعتبر أن الأمر ليس له علاقة بفرض الرقابة ولكنه تمّ وفق قانون الطوارئ طبقًا للمادة (3) منه، التي تنصّ على أن "الجمهورية متى أعلنت حالة الطوارئ أن يُتّخذ بأمر كتابي أو شفوي تدابير منها: الأمر بمراقبة الرسائل أيًا كان نوعها ومراقبة الصحف والنشرات والمطبوعات والمحرّرات والرسوم وكل وسائل التعبير والدعاية والإعلان قبل نشرها وضبطها ومصادرتها وإغلاق أماكن طباعتها.
لكنه حتى الأن ليس من المعروف إذا كان القرار تمّ وفقًا لقانون الطوارئ، وهو ما يجعل الحجب مؤقتًا ينتهي بنهايته أم أنه قرار ممتد؟