المواجهة بين تركيا و"الكردستاني... مزيد من التصعيد

05 مارس 2016
هجمات متفرقة على شرطة مدينة إسطنبول (صالح زكي فازليوغلو/الأناضول)
+ الخط -


تصاعدت الخلافات بين تركيا والجماعات الكردية المعادية لها، لتُترجم هجمات ضد الشرطة التركية في مختلف أنحاء البلاد، وبينما تولّت "جبهة تحرير الشعب الثورية" (منظمة يسارية راديكالية) الهجمات في إسطنبول، قام حليفها التاريخي أي حزب "العمال الكردستاني" بتفجير سيارة مفخخة في مدينة نصيبين الحدودية مع مناطق سيطرة جناحه السوري، حزب "الاتحاد الديمقراطي"، في القامشلي. كما تُرجمت هذه الخلافات بتصعيد سياسي كبير تجاه حزب "الشعوب الديمقراطي"، الجناح السياسي لـ"العمال الكردستاني"، عبر إعادة التلويح بنزع الحصانة عن أهم قيادته، بعد الاستجابة الشعبية الضعيفة جداً لدعوات "الشعوب الديمقراطي" للتظاهر في مدينة ديار بكر.

وتعرضت شرطة مدينة إسطنبول، يوم الخميس، إلى أكثر من خمس هجمات متفرقة، من قِبل "جبهة تحرير الشعب الثورية"، أدت إلى مقتل مهاجمتين وجرح شرطيين، واعتقال أربعة من قيادات الجبهة، وذلك قبل ساعات من هجوم "العمال الكردستاني" على مساكن الشرطة التابعة لإدارة المرور في مدينة نصيبين بسيارة مفخخة، ما أدى إلى مقتل شرطيين وجرح 33 شخصاً، تلاها إعلان هيئة الإركان التركية عن مقتل جنديين خلال العمليات التي يقوم بها الجيش التركي ضد عناصر "العمال الكردستاني" في منطقة إيديل في ولاية شرناق.

ويؤكد الخبير الأمني متين كورجان، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ما حصل في إسطنبول، يوم أمس الأول، وقبل ذلك الهجوم في مدينة أنقرة، "ما هو إلا حرب بالوكالة ضد تركيا، وبالذات لمواقفها من الصراع السوري، إذ يحاول العمال الكردستاني نشر التوتر من جنوب شرق تركيا الذي شهد هزيمة واسعة له إلى الغرب التركي"، مضيفاً: "علينا أن نرى ما حصل في إسطنبول بأبعاده الحقيقية، فالعملية قامت بها امرأتان بشكل غير محترف وبرؤية انتحارية، والهدف الحقيقي منها هو إشاعة الإحساس بعدم الأمن في عموم البلاد، والترويج لفكرة سَوْرَنة تركيا". ويرى أن "هذه الأنواع من الهجمات تزداد تواتراً كلما تصاعد الحديث عن احتمال مشاركة تركية بعمل عسكري في سورية"، معتبراً أن "العلاقة بين الهجمات الإرهابية على تركيا والتطورات في سورية هو أمر لا يمكن تجاهله، خصوصاً في ظل تاريخ التعاون الواضح بين النظام السوري وجبهة تحرير الشعب الثورية والعمال الكردستاني".

اقرأ أيضاً: تركيا: هجوم بسيارة ملغومة وصاروخ يقتل شرطيين ويصيب35

وبينما حققت عمليات الجيش التركي ضد عناصر "العمال الكردستاني" في المدن تقدّماً ملحوظاً وقاربت على الانتهاء، عمد "الشعوب الديمقراطي" إلى محاولة التصعيد على المستوى الشعبي، فدعا سكان ولاية ديار بكر، الأربعاء الماضي، للتظاهر والمطالبة برفع حالة حظر التجوال في منطقة سور في المدينة التي تشهد اشتباكات بين قوات الأمن التركية و"العمال الكردستاني" منذ حوالي الشهرين. وعلى الرغم من أن هذه الدعوة شهدت استجابة شعبية ضعيفة للغاية، عاد الرئيس المشارك لـ"الشعوب الديمقراطي" صلاح الدين دميرتاش، يوم الخميس، خلال مؤتمر صحافي عقده برفقة قيادات عدد من المؤسسات التابعة لـ"العمال الكردستاني"، ليدعو إلى التظاهر والاحتجاج بشكل يومي.

وأمام الانخفاض في شعبية "الشعوب الديمقراطي"، استجابت الحكومة التركية لدعوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فعمدت إلى تحريك ملف طلبات رفع الحصانة عن عدد من نواب الحزب، فيما بدا جساً للنبض الشعبي. وفي تعليقه على إمكانية تحوّل طلبات رفع الحصانة عن نواب "الشعوب الديمقراطي" إلى أزمة سياسية كبيرة، هاجم أردوغان "الشعوب" خلال حديثه للصحافيين الذين رافقوه في جولته الأفريقية، قائلاً: "إن كنتم تتحدثون عن أزمة، السؤال، ألا توجد الآن أزمة؟ هل هناك أزمة أكبر من خيانة الوطن والأمة؟"، مضيفاً: "بينما تعمل الحكومة على إعادة إعمار المنطقة، هؤلاء قاموا بتسليم البلديات لشبكة الخيانة (الكردستاني)، ورأينا كيف تحوّلت شبكات الصرف والمنازل إلى مخازن للأسلحة".

يأتي هذا التطور فيما قامت وزارة العدل التركية بتوجيه مذكرات رفع الحصانة إلى رئاسة الوزراء عن دميرتاش وفيغان يوكسك داغ، الرئيسان المشاركان لحزب "الشعوب الديمقراطي"، وكذلك عن ثلاثة من أهم قياداته، وهم النائب سري ثريا أندر، وإرتوغرول كوركجو، وسلمى إرماق. وقامت رئاسة الحكومة بدورها بتحويل المذكرات إلى مجلس النواب. وشملت التهم الموجهة إليهم "الانتماء إلى منظمة إرهابية مسلحة وتحريض الشعب على الكراهية ومعاداة الدولة"، إثر تبني "الشعوب الديمقراطي" مطلب "العمال الكردستاني" في الحكم الذاتي، خلال مؤتمر مشترك للتنظيمات التابعة لـ"الكردستاني" في ديسمبر/ كانون الأول الماضي.

في غضون ذلك، وبينما حذر دميرتاش في لقاء مع صحيفة "واشنطن بوست" من تصاعد التوتر مع اقتراب الصيف، واحتمال دخول البلاد في حرب أهلية إثنية، توجّه رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، برفقة عدد من الوزراء، إلى مدينة سيلوبي في ولاية شرناق على الحدود التركية، والتي تعتبر أحد أهم معاقل "العمال الكردستاني"، في ما بدا إعلان انتصار على "الكردستاني". والتقى داود أوغلو خلال زيارته بعدد من المسؤولين والمواطنين، معلناً عن بدء إعادة إعمار البلدة، بعد الاشتباكات العنيفة التي شهدتها بين قوات الأمن التركية و"الكردستاني".

اقرأ أيضاً: تركيا: "الشعوب الديمقراطي" يجدد الدعوة للتظاهر في ديار بكر

المساهمون