المهاجرون في الجزائر: فقر واحتيال

24 نوفمبر 2014
في مخيم المهاجرين النيجيريين (العربي الجديد)
+ الخط -
لم يعد يمضي شهر أو أقل، حتى نسمع أو نقرأ في ‏وسائل الإعلام الوطنية أن أجهزة الأمن المختلفة قد ألقت ‏القبض على عصابة جديدة مختصة في تزوير العملات. اللافت في الأمر أن غالبية عناصر هذه العصابات ‏وزعمائها هم مهاجرون غير شرعيين من مالي والنيجر وتشاد. لتضاف هذه العمليات إلى الفساد الذي ينخر الاقتصاد الجزائري.

مهاجرون وأكثر
‏فقد تنامت عمليات تزوير العملة في الجزائر مع تزايد ظاهرة ‏الهجرة غير الشرعية إلى البلاد. خاصة بعد تأزم ‏الأوضاع الأمنية في مالي، الأمر الذي دفع بالجزائر لاستقبال المهاجرين، وعدم إعادتهم إلى بلدانهم عكس ما ‏كان يحصل في فترات سابقة. وقد أصبح المهاجرون غير الشرعيين ‏يتمتعون بحرية الحركة والتنقل داخل المدن وما بين ‏الولايات. ويسكن هؤلاء ضمن جماعات في الشقق والمحال.‏
‏جالت "العربي الجديد" في إحدى المخيمات السكنية في العاصمة الجزائرية، حيث يسكن مهاجرون من نيجيريا. كانت تشير الساعة الى تمام الرابعة ‏والربع مساء عندما وصل "الطاهر" (40 عاماً) الى المخيم. كان يتكلم القليل من ‏العربية والفرنسية، وشرح أنه وصل إلى الجزائر منذ عامين وهو يعتمد على التسول فقط لسد ‏حاجياته وحاجيات أسرته التي أتت معه. ولكن لماذا لا يبحث عن عمل؟ أجاب "الطاهر" أنه يفضل أن يعمل لكنه لم ‏يجد أي وظيفة حتى الآن.‏
تدخل ثلاثة شبان نيجيريين في الحديث. موسى، وهو أكبرهم سناً، لفت إلى أنه اشتغل في الجنوب ‏الجزائري، لكن أجره لم يكن كافياً ولم يتعد الألف دينار جزائري يومياً (أي ما ‏يعادل 10 دولارات). يضيف موسى "أعمل متسولاً الآن وأحصّل بين ألفين و3 آلاف دينار يومياً".‏
‏أما محمد أمين، فهو شاب في مقتبل العمر، قال لـ "العربي الجديد": "أعمل حالياً في ورشة للبناء ‏في العاصمة وأتلقى معاملة حسنة من قبل رب العمل، وكذا من ‏زملائي في العمل، وأتقاضى الأجر نفسه الذي يتقاضاه زملائي الجزائريون، أي ألف ‏دينار جزائري". وأضاف محمد "هذا الأجر غير كاف، ‏فقد اشتغلت في ولايات جزائرية ‏عدة منذ أربع سنوات، ولم يرتفع أجري"... أنهى محمد حديثه، وهو ينظر إلى ‏عائلة بأكملها وصلت إلى المخيم بعد مجهود يوم كامل في ‏التسول.
لكن هناك جانب آخر من حياة المهاجرين غير الشرعيين، لا تراه إلاّ الجهات المختصة ‏من درك وشرطة. حيث أشارت تحريات عناصر الدرك الوطني إلى أن غالبية ‏المتورطين في عمليات النصب والاحتيال وتزوير العملة ‏بالجزائر خلال السنوات الأخيرة هم مهاجرون غير شرعيين.‏ وقد أثبتت التحقيقات أن غالبية المهاجرين السريين ‏متورطون في "الممنوع" لتغطية نفقاتهم بالجزائر أو من أجل ‏تحصيل كلفة بلوغ الضفة الأخرى من المتوسط.
‏وقال الأمين العام لاتحاد التجار والحرفيين ‏الجزائريين صالح صويلح، إن قيمة الأوراق النقدية المزورة وصلت إلى 10 مليارات دينار. وتتواجد هذه الأموال في المصارف ‏والأسواق، وأغلبها أوراق من فئة ألف دينار التي يسهل ‏تزويرها.
ورأى المختص في ‏الشأن الاقتصادي، رابح حليس، ان إقبال المهاجرين السريين على ‏تزوير العملة الجزائرية مرده أن أعمال الصرف محصورة بالمصارف فقط، وفي المقابل تنمو السوق السوداء للعملة، ‏ناهيك عن التعامل التجاري للمواطنين بالأوراق النقدية بدل ‏الصكوك.‏ وأضاف حليس أنه من المعروف أن "تزوير العملة له مخاطر ‏جمة على الاقتصاد الوطني وأخطرها هو إحداث خلل أو شك ‏في العملة الوطنية".
‏ومن أجل محاربة الظاهرة عمدت الدولة إلى تكثيف ‏تواجد الأمن في الأسواق، لاسيما في أسواق الماشية التي ‏تعد الفضاء المناسب لترويج العملة المزورة. بالإضافة إلى ‏اقتناء وتزويد المصارف بآلات حديثة لكشف الأوراق النقدية المزورة. إلا أن هذا الإجراء الأخير ‏تبقى مفاعيله محدودة، في ظل عزوف فئة واسعة من المواطنين عن ‏التعاملات المصرفية.
المساهمون