شجبت الجمعيات العربية والفلسطينية العاملة في الولايات المتحدة الأميركية "ورشة البحرين" التي بدأت أعمالها اليوم، وتحاول الترويج للشق الاقتصادي لـ"صفقة القرن" لعرابها، جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي يقاطعها الفلسطينيون ويرفضونها لأنها لا تستهدف فحسب تصفية قضيتهم؛ بل تقضي على أي أمل لهم بإقامة دولة.
وتناوب على الكلام عدد من رؤساء وممثلي تلك الجمعيات في اجتماع، اليوم الثلاثاء، مع بعض أبناء الجالية العربية في فندق "هيلتون" في واشنطن. وقد أجمعت توقعات المتحدثين على وضع هذه "المهزلة" في خانة المحاولة الفاشلة سلفاً والمحكومة بتجارب سابقة مماثلة انتهت هي الأخرى في سلة النسيان.
وفي هذا الصدد ذكّر رئيس "المؤسسة الأميركية – العربية"، جيمس زغبي، بمحاولة مماثلة شارك فيها قبل 25 سنة بدعوة من آل غور، نائب الرئيس الأميركي الأسبق، بيل كلينتون، انتهت بعد ثلاث سنوات إلى الفشل، لغياب بند الحرية والاستقلال من برنامج المشروع. وأضاف بأن النتيجة نفسها لا بد أن تنسحب على ورشة البحرين "لأن الإدارة الأميركية ليست معنية بهذا الشرط الأساسي لتحقيق الازدهار".
من جهته، لفت مندوب "الجمعية المناوئة للتمييز"، عادل أيوب، إلى أن القضية الفلسطينية ليست "صفقة عقارية وليست للبيع"، مخاطباً منظمي الورشة بقوله إن محاولتهم لا تعدو كونها "هدراً للوقت والطاقة ولن تشكل نقطة البداية لمعالجة النزاع". وختم الكلام ممثل مركز "الأميركيون المسلمون من أجل فلسطين"، طاهر حرز الله، مشدداً على "عبثية الاعتماد على المدخل الاقتصادي لمعالجة قضية الحرية والعدالة"، معتبراً أن نظرة كوشنر ستبقى خيالية.
ويذكر في هذا المجال أن وزارة الأميركية سبق لها أن وجهت دعوات إلى كافة رجال الأعمال الفلسطينيين في أميركا للمشاركة في الورشة. وحسب المراجع الفلسطينية لم يذهب أي منهم للمشاركة فيها.
وتجدر الإشارة إلى أن عدداً من كبار المحللين المتابعين لقضايا المنطقة قد انتقدوا وبشكل لاذع خطة كوشنر التي لا بد من أن "تنتهي إلى الفشل حتى قبل انطلاقتها"، كما قال دافيد آرون ميلر.
وفي مقال نشرته له اليوم "واشنطن بوست" سخر المعلق والباحث في مجلس العلاقات الخارجية، ماكس بوت، من مشروع كوشنر الذي وضعه "من خلال عدسة المستثمر العقاري". وأضاف بأن العملية ليست قائمة فقط على التناقضات بل إنها أيضاً "خطة سياسية تفتقر إلى الواقعية وتنهض على محاولة إغراء الفلسطينيين بالثروة". وحذّر بوت من عواقب الفشل المحتوم للمحاولة إذا فتحت الطريق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لضم جزء من الضفة بدعم من ترامب.
وخلال افتتاح "ورشة البحرين" الاقتصادية اليوم، تحت عنوان "السلام من أجل الازدهار"، حاول كوشنر تقديم "نصائح" للفلسطينيين، بأنّ إدارة ترامب تسعى لمصلحتهم، و"ازدهارهم"، وتريد تأمين "حياة رغيدة" لهم وإقامة بنى تحتية، قبل أن ينتقل إلى استعراض عناصر الخطة الاقتصادية، والمشاريع التي تحتويها.
وراح كوشنر يستعرض مشاريع الخطة الاقتصادية وسط قاعة يجلس فيها رجال أعمال ومسؤولون وصحافيون، غالبيتهم من السعودية والإمارات والبحرين وإسرائيل؛ الدول التي هلّلت للورشة ورعتها، قبل أن يضيف "أننا سوف نجمع الأموال، ثمّ نحدّد سبل استثمارها ونريد نتائج ملموسة لها". وكان كوشنر قد ذكر أمس أنّ الشق الاقتصادي للصفقة يتضمن مشاريع بقيمة 50 مليار دولار في الأراضي الفلسطينية ومصر والأردن ولبنان؛ فيما يتوقّع أن يتمّ جمعها بشكل أساسي من الدول الخليجية الحليفة لإدارة ترامب.
وفي وقت سابق، قال كوشنر، في مقابلة مع قناة "الجزيرة"، إن التوصل إلى اتفاق إسرائيلي فلسطيني على غرار مبادرة السلام العربية لن يكون ممكناً، مشيراً إلى أن إبرام اتفاق سيستلزم موقفاً وسطاً بين المبادرة والموقف الإسرائيلي.
وتابع: "أعتقد أننا جميعاً علينا أن نعترف بأنه إن كان من الممكن التوصل لاتفاق، فإنه لن يكون على غرار مبادرة السلام العربية. سيكون في منطقة وسط بين مبادرة السلام العربية والموقف الإسرائيلي".
وفي إطار المبادرة العربية، دعت الدول العربية بقيادة السعودية إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية وحق العودة للاجئين، الأمر الذي ترفضه إسرائيل.