المنطقة النفطية المقسومة: تقدم في مفاوضات الكويت والسعودية

17 يوليو 2019
منصة حفر كويتية قرب الحدود السعودية (جو رادل/ Getty)
+ الخط -
وصلت المفاوضات الكويتية السعودية حول المنطقة النفطية المقسومة بين البلدين إلى مراحل متقدمة يأمل من خلالها الكويتيون التوصل إلى اتفاقية مشتركة لإعادة العمل في الحقول النفطية داخل المنطقة والتي أوقفت الرياض العمل فيها بشكل مفاجئ عام 2014 مما تسبب بخسائر كبيرة للكويت وهي أزمة يصفها مراقبون بأنها سياسية تحت غطاء فني.
وعقدت وفود كويتية رفيعة المستوى عدداً من الاجتماعات في العاصمة السعودية الرياض في محاولة لحلحلة الأزمة العالقة بين البلدين منذ نحو 5 سنوات والتي تسببت في توتر في العلاقات يحاول الطرف الكويتي عدم تصعيده وسط إصرار من الرياض على موقفها ومحاولة فرض شروط وصفت بالمذلة، وفق المراقبين.

وذكر نائب وزير الخارجية الكويتي خالد الجار الله في تصريحات متفرقة آخرها أول من أمس، أن هناك مؤشرات إيجابية لإنهاء هذا الملف خلال فترة وجيزة بدون الحاجة لوسطاء بعد اجتماعات طويلة جرت في الفترة الماضية بشرط احتفاظ الكويت بسيادتها على المناطق التابعة لها.
وتعتبر "المنطقة المقسومة" رافداً مهماً للإنتاج النفطي المشترك بين الكويت والسعودية، إذ وقع البلدان في عام 1965 اتفاقية لتقسيم الإنتاج بالتساوي في المنطقة التي بقيت عالقة بعد اتفاقية العقير الحدودية التي وُقعت بين البلدين عام 1922 والتي انتزعت فيها السعودية ثلثي الأراضي الكويتية بدعم بريطاني.
وتنقسم المنطقة المحايدة إلى قسمين: الأول يقع تحت السيادة السعودية والثاني يقع تحت السيادة الكويتية، لكن مجموع إنتاج القسمين الذي يبلغ 700 ألف برميل نفط يومياً يتم تقسيم عوائده بالتساوي بين البلدين.
وتسببت أزمة المنطقة المقسومة بفشل زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للكويت في نهاية شهر سبتمبر/ آيلول العام الماضي والتي كان من المفترض أن تشهد إعلان انتهاء أزمة الحقول المشتركة بين البلدين وتوقيعهما لاتفاقية جديدة، لكن الكويتيين رفضوا التوقيع على الاقتراحات التي جاءت من قبل الطرف السعودي بسبب انتهاكها للسيادة الكويتية، ما أدى إلى إرجاء بن سلمان لموعد طائرته عدة مرات قبل أن يقرر المجيء لساعات قليلة ويغادر الكويت دون توقيع أي اتفاق وسط أجواء متوترة بين الوفدين.

وقال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الكويتية، نزار العدساني، في لقاء مغلق مع القيادات النفطية - جرى تسريبه لاحقاً - معلقاً على زيارة ولي العهد الفاشلة للكويت: "إن الخلاف بين الكويت والسعودية حول المنطقة النفطية لا يزال قائماً وإن الأمور تحولت إلى الأسوأ".
ووصف رئيس المؤسسة التي تنضوي تحتها جميع شركات النفط الكويتية زيارة ولي العهد السعودي للكويت بـ"غير الجيدة" خصوصاً أن هناك اتفاقيات جاهزة كان الطرفان ينويان التوقيع عليها لكنها فشلت بسبب تحول الملف من فني إلى سياسي.

ولا يعد تصريح العدساني الوحيد للمسؤولين الكويتيين الذين أبدوا تبرمهم من التصعيد السعودي وتعمده الإضرار بالكويت وتحويل الملف إلى ملف سياسي يستهدف السيادة الكويتية، إذ لوّح وزير النفط السابق علي العمير في رسالة أرسلها لوزير النفط السعودي السابق علي النعيمي بالذهاب إلى المحاكم الدولية ما لم تقم السعودية بحل المشكلة التي تسببت بها دون تقديم تبريرات وأسباب صحيحة.
وتسببت الرسالة الغاضبة من العمير بإقالته من وزارة النفط وإسناد وزارة الأشغال إليه – وزارة هامشية – وذلك بسبب رغبة القيادة الكويتية باعتماد سياسة ضبط النفس وعدم الرد على الاستفزازات السعودية المستمرة لها.

وخسرت الكويت جراء توقف المنطقة المقسومة حتى يوليو/ تموز 2017 نحو 12.5 مليار دولار وفق تقرير لجنة الميزانيات في مجلس الأمة الكويتي (البرلمان). 
لكن سبب عودة المفاوضات من جديد ورضوخ الطرف السعودي وموافقته المبدئية على الاستجابة للشروط يرجع إلى ضغوط مارستها القيادة الأميركية على البلدين وذلك في سبيل سد النقص الحاصل من الإنتاج النفطي بعد العقوبات النفطية التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على إيران وفنزويلا حيث تنتج هذه المنطقة نفطاً مشابها للنفط الإيراني والفنزويلي وفق ما قالت وكالة "بلومبيرغ" الإخبارية.

وبدأت أزمة "المنطقة المقسومة" عقب قيام السلطات السعودية بوقف الإنتاج النفطي في حقل الخفجي، أحد حقول المنطقة المقسومة، من جانب واحد في عام 2014 ومن دون إخطار الطرف الكويتي الذي يعتبر شريكاً فيها بحجة تخفيض الانبعاثات البيئية الصادرة من المنطقة مما تسبب بصدمة سياسية في الكويت.
وخسرت الكويت في لمحة بصر عوائد 350 ألف برميل يومياً، وحاولت القيادة السياسية في الكويت الوصول إلى اتفاق مع السلطات السعودية آنذاك من دون جدوى.


المساهمون