جرت ليلة أمس الخميس المناظرةُ السياسية الأولى بين سبعة من مرشحي اليسار، بينهم امرأة، يتنافسون حول من سيمثّل الحزب الاشتراكي وبعض حلفائه، من الأحزاب الصغرى في الانتخابات الرئاسية هذا العام، على أن تكون المناظرة الثانية يوم الأحد المقبل، والثالثة يوم الخميس 19 يناير/كانون الثاني. وقد منح بعضَ الأهمية لهذه المناظرة استطلاعٌ للرأي أكّد أن 42 من الفرنسيين مهتمون بمتابعتها.
وإذا كانت المناظرة لم تَسْلَم من الجدل بين رؤيتين: إمّا "الدفاع عن حصيلة الحكومة الاشتراكية"، أو "القطيعة"، فإنها ظلت هادئة رغم بعض الاختلافات في البرامج، ولم تكن بالحدة المنتظرة، لأن كل المرشحين إما كانوا وزراء، في فترة ما، في ولاية الرئيس الفرنسي، فرنسوا هولاند أو من أغلبيته، كما أنها لم تسقط في فخّ "الجميع ضد (مانويل) فالس"، رغم أن حملة رئيس الوزراء السابق تعاني من صعوبات كبيرة.
وكما كان منتظراً، كان التنافس الجديّ بين أربعة مرشحين مهمين، هم مانويل فالس ووزير التربية فانسان بيون، ووزير الاقتصاد السابق، أرنو مونتبورغ، ووزير التعليم السابق، بوانو هامون، وهم ينتمون لجيل واحد، وأبناء روحيون لرئيس الوزراء السابق، ليونيل جوسبان، وجمعتهم تحالفات سابقة، في حين كان المرشحون الثلاثة، وهما اثنان منشقان عن الحزب الإيكولوجي، والأخيرة تنتمي للحزب الراديكالي اليساري المتحالف مع هولاند، في وضعية شبه ديكورية.
دافع فالس عن حصيلة الحكم الاشتراكي (سنتان في وزارة الداخلية وسنتان رئيساً للحكومة)، رغم أنه يعترف بأنه "تغير"، وأن عدة قرارات اتخذها "فُرِضَت عليه". وأكّد أن "اليسار سيُهزَم، حسب استطلاعات الرأي، ولكني أترشح لأني أرى ألا شيء حُسِم مسبقا". وأظهر كامل الفخر "لأننا واجهنا الإرهاب".
وفي كل مرة، كان صاحب "نحن أمام يسارَيْن غير قابلين للتصالح" يؤكد: "لست هنا مع أعداء. نحن كلنا يساريون".
وفيما يخص "قانون الشغل"، الذي فرّق بين بعض المرشحين اليساريين، اعترض فالس على المطالبين بإلغائه، ورأى أنه "يتضمن أشياء إيجابية للعمال".
وكان فالس مرتاحاً جداً حين تمت مناقشة "تصفية فرنسا لأعدائها" فقال: "أتفق مع هولاند في تصفية الجهاديين". وفي ما يتعلق بحالة الطوارئ رأى أنه "يجب أن تستمر ما دامت ضرورية، لحماية المواطنين".
وعن مشروع قانون التجريد من الجنسية، الذي تأسّف عليه هولاند، علانية، قال فالس: إنه "يجب تفهم الظروف، وإنه لا يستهدف إلا الإرهابيين.. وأنا سأظل شارلي"، في إشارة إلى الشعار الذي ظهر بعد الهجمات على المجلة الساخرة "شارلي إيبدو".
أما بونوا هامون، فاعتبر أن "العالم يعيش ظروفا صعبة. ولهذا يجب العمل من أجل تأسيس جمهورية سادسة مفتوحة على المستقبل". أما "حصيلة" ولاية هولاند، فاعتبرها "ناقصة".
ودافع هامون عن الضعفاء فقال: "لا يجب على الفقراء أن يدفعوا ضرائب ويتهرب منها الأغنياء". أما "قانون الشغل"، فوفق رأيه "سهّل تسريح العمال، ولهذا سأقوم بإلغائه. وأعيد للنقابات مكانتها السابقة.. ويجب الاعتراف بالأمراض النفسية، التي لا يعترف بها القانون لحد الآن".
وفيما يخص موضوع "تصفية معارضين"، لم يعترض هامون، بل طالب بالاحتراز في نشر الأخبار. أما حالة الطوارئ، فرأى أنه "يجب وقفها لأن القوانين الرادعة موجودة".
"أنا، أيضاً شارلي"، قال هامون وهو يستعيد جملة فالس التي كررها مرات عديدة، و"لكن قانون تجريد حاملي ثنائية الجنسية من الجنسية الفرنسية، كان يستهدف مواطنينا، وليس فقط الإرهابيين" في معرض رده على ادعاءات فالس.
وكشف هامون أنه سيناقش مع زعيم اليسار الراديكالي، جون ليك ميلونشون، مسألة توحيد قوى اليسار. واعتبر أن "الجمهورية يجب أن تتجسد كما يجب: في المدرسة وأن تعمل على إزالة الغيتوات".
وعن المادة 49.3 من الدستور التي لجأ إليها فالس حين كان رئيساً للوزراء لتمرير قانون الشغل، قال: "لقد قلت فيه ما قلت، لا أريد أن أكرر موقفي المعارض. ويجب الانفتاح على الديمقراطية المواطنية".
أما أرنو مونتبورغ، فقال إنه يترشح ضد التقشف ومن أجل "الوطنية الاقتصادية"، وضد اليمين المتطرف والليبرالية العنيفة، ومن أجل "صُنع في فرنسا"، وأيضاً من أجل الحد من التفاوتات والفقر.
ورأى أنه "من الصعب الدفاع عن الحصيلة الاشتراكية في الحكم، رغم أنها تضمنت بعض الإيجابيات".
"أنا أيضاً سألغي قانون الشغل، لأنه لم يتمّ نقاشه مع النقابات ولا مع البرلمان ولأنه تم تمريره بقوة قانون 49.3".
لم يعترض مونتبورغ على تصفية "أعداء فرنسا"، بشكل غير قانوني وفي الخارج، بل انتقد "الكشف عنها، لأنها تضع بعض مواطنينا في خطر"، واعتبر أنه "يجب أن تنتهي حالة الطوارئ". وتحدث عن "إرهابيّ برلين الذي اخترق فرنسا"، فقال: "يجب إعادة النظر في قانون شينغن، حين يكون ثمة خطرٌ ما، يجب تعزيز المراقبة".
ووعد بـ"بناء حاملة ثانية للطائرات، بسبب حاجة حاملة الطائرات الوحيدة شارل دوغول للصيانة".
ورأى أنه "يجب أن نقوم بتجميع القوى اليسارية، ميلينشون ومع مرشح الإيكولوجيين. ولكن ليس مع ايمانويل ماكرون (وزير الاقتصاد السابق)." ثم عبّر عن ابتهاجه لأن "بعض أفكاري بدأت تشق طريقها لدى منافسيّ، مثل "الجمهورية الجديدة"، أو السادسة". وختم بالقول: "يجب الابتعاد عن روح الانهزام".
فانسان بيون، قال إنه ترشح لأن "اليسار مُقسَّم وفرنسا أيضاً، وأنا أريد توحيد اليسار حتى أوحد البلد، خاصة في ظروف صعبة فرنسياً وأوروبياً، واليمين لا يقدم أي بديل وفيون صديق لبوتين والأسد، إنها الفضيحة".
ولم يعترض بيون، وهو المدافع عن إرث هولاند، على إعدام فرنسا لأعدائها، لكن لفت إلى أنه: "لا يجب أن نتحدث علانية عن الأمر" وتوعّد بـ"طرد الأئمة المتطرفين من فرنسا"، معتبراً "الإسلاموية الراديكالية عدوة لنا"، وأعلن عن نيته توظيف 5 آلاف شرطي إضافي.
وكذّب من يقول إن الحزب الاشتراكي سيندثر. وأعلن أنه سيتناقش مع "ميلونشون، الذي كان وزيراً لجوسبان، ومع ماكرون، أيضاً، لأنه كان وزيراً لفالس". وقال إنه سيجري إصلاحاً دستورياً، لإلغاء المادة 49.3، ومن أجل "جمهورية جديدة". وختم بأنه "يمثل فرنسا اليسارية... فرنسا التي ترفض أن تُفرَض عليها نقاشات حول الهوية".
أما الإيكولوجي فرانسوا دي، فقال إنه يترشح بـ"برنامج إيكولوجي، وواضح وواقعي"، وعن "قانون الشغل"، قال: "لو جرى تصويت في البرلمان لصوتتُ عليه". واعتبر أن "هولاند كان على حقّ في تصفيته للجهاديين". ولم يُخفِ رفضه للتحالف مع ميلونشون، لأن هذا الأخير "لن ينسحب لصالح أي كان".
أما بخصوص اللجوء للمادة 49.3 فقال إنه "رغم أنه ليس شكلا ديمقراطيا، ولكن البرلمان لا يمثل الفرنسيين، في نظري، بشكل ديمقراطي، ومن هنا فأنا لم أعارض استخدامها".
اليسارية الراديكالية سيلفيا بينيل، ممثلة أقدم حزب فرنسي يساري، قالت من جهتها إنها تترشح "لتحسين ظروف الفرنسيين ومنحهم الأمل وتحقيق النمو، وأوروبا قوية.". وقالت إنها لا تعلق على إعدام أعداء فرنسا.
ورفضت بينيل مناقشة العلمانية واستحضار الإسلام، "لأن البعض يستخدمها لوصم الإسلام. رغم أني لا أقبل بعض التصرفات حين يتسلط الرجل على المرأة. ولكن فرض حقوق المرأة يجب أن يعالج عبر المدرسة". واعتبرت أنها "امرأة يسارية تريد أن تمنح الأمل لفرنسا".
جان-لوك بينامياس، عن حزب الجبهة الديمقراطية، اعتبر أن ترشحه هو من أجل "الدفاع عن المصلحة العامة"، وكان طيلة النقاش يكيل المدائح لهولاند وفالس، وشدد على تأييده اللامشروط للرئيس الفرنسي في "تصفيته للجهاديين"، لأن "الإسلاموية الفاشية تهددنا"، كما قال.