الممثلون العرب في مسلسل "فوضى" الإسرائيلي يسخرون من المقاطعة: مسار تطبيعي جديد

09 مايو 2020
غزت إعلانات المسلسل شوارع فلسطين المحتلة (Getty)
+ الخط -
بعد أيام من إصدار حركة مقاطعة إسرائيل بيانا تدعو فيه لمقاطعة مسلسل "فوضى" الإسرائيلي الذي بث على "نتفليكس"، خرجت مجموعة من ممثليه العرب على قناة إسرائيلية بمشهد غنائي يسخر من حملة المقاطعة، في خطوة تأخذ منحى خطيراً يمكن أن يكون مقدمة ومدخلاً جديداً للهجوم على حركة المقاطعة من الداخل.

لا يبدو هذا الحدث منفصلاً عن أحداث أخرى متقاطعة تدعو للتطبيع وشرعنة إسرائيل ككيان يجب على الفلسطينيين والعرب أن يتعايشوا معه. ففي هذا السياق ظهرت أعمال درامية جديدة مثلا تفتح النقاش على جدوى التطبيع وقطع العلاقة مع إسرائيل، ويمكن فهم الهجوم الأخير "المشهد الساخر" الذي بث على قناة إسرائيلية كخطوة نحو شرعنة أحداث تطبيعية عربية أخرى، من باب أن الفلسطينيين أنفسهم لا يؤيدون حملة المقاطعة.

"لا يمكن فصل المنبر الذي تم الهجوم على حركة المقاطعة من خلاله، وهو قناة "مكان" التابعة لهيئة البث العام الإسرائيليّة، عن السياق العام للهجمة التي تخوضها المؤسسة الصهيونيّة على حركة المُقاطعة"، يقول الباحث رازي النابلسي. ويضيف بأن الانتقادات لحركة المقاطعة والمطالبات بنقاش معايير المقاطعة ضروري، وهو نقاش فلسطينيّ- عربي داخليّ، يتم ضمن الدوائر الفلسطينيّة والإعلام الفلسطينيّ، وليس في منابر إسرائيل. النقاش الفلسطينيّ يهدف إلى تطوير الحركة، ووضعها في مركز الإجماع الفلسطينيّ، أمّا مُهاجمتها ونقدها من قناة "مكان"، فيصبان بالحقيقة كما يرى النابلسي، في تجنيد هذا النقد ضمن السياسة العامة الإسرائيليّة، وهي النقيض التام للسياسة الفلسطينيّة التي تسعى إلى تطويرها وزيادة فاعليّتها وتأثيرها.

نقد حركة المقاطعة من خلال قناة "مكان" يصب في مسعى منظم ومشاريع ممولة بمئات ملايين الدولارات وبقرار سياسي لنزع الشرعية عن حركة المقاطعة، وهو ما قاد إلى تجريمها كما في ألمانيا، بحسب مديرة مركز مدار للدراسات الإسرائيلية هنيدة غانم. إن نضال حركة المقاطعة السلمي حشر الدولة الاستعمارية، إذ إن مهاجمتها أصعب من مهاجمة نضال عنيف، كما ترى غانم، إذ اتخذت إسرائيل من اللغة والخطابة وسيلة لنزع الشرعية عن الحركة، حتى تم تغيير تعريف معاداة السامية وتبني تعريف جديد يربط بين معاداة السامية ورفض الصهيونية، ثم بدء ربط أي نضال تقريباً ضد الاحتلال بمعاداة السامية.

وتؤكد غانم أن مشاركة ممثلين فلسطينيين في مسلسل "فوضى" رسخت فكرة الفلسطيني الإرهابي المنقطع عن أي سياق، فيما تظهر إسرائيل كضحية وفي حالة دفاع عن النفس، لكنه يبقى أقل ضرراً لطابعه الهوليوودي البراق الذي يتخذ من البلاهة والسطحية أداة جذب، أما المشاركة في الهجوم على حركة المقاطعة من منبر إسرائيلي فهي أخطر بكثير لأنها تتم عبر أدوات الدولة الاستعمارية لتحقيق مشروع هدم حركة المقاطعة. تتقاطع مختلف الآراء والمواقف حول خطورة المشاركة في التهجم على الحركة. شبكة الفنون الأدائية الفلسطينية أكدت أن هذا العمل هو تجاوز خطير لا يندرج ضمن التطبيع فحسب، بل يساهم في شرعنة الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ويخدم دعايته المستمرة في تشويه صورة النضال الفلسطيني.

وحول الذرائع التي يتخذها ممثلو "فوضى" لتبرير مشاركتهم بالمسلسل التطبيعي، أعادت حركة المقاطعة التأكيد على أن المزاعم المتمثلة بانعدام الفرص للفنانين الفلسطينيين داخل أراضي 1948 لا تبرر الانخراط في حرب البروباغندا الإسرائيلية، وتجاوز الخطوط الوطنية والأخلاقية. واعتبرت الحركة الهجوم عليها بوجه فلسطيني يأتي في سياق المحاولات اليائسة لتمرير "صفقة القرن" وما يرافقها من تطبيع بعض الأنظمة العربية، ولا يمكن فصله عن هجوم الإعلام الإسرائيلي والحملة التي تشنها حكومة أقصى اليمين الإسرائيلي على حركة المقاطعة بموارد ماليةٍ واستخباراتية وقانونية ودبلوماسية ضخمة. ودعت الحركة إلى مقاطعة الممثلين المشاركين، والضغط الشعبي السلمي على كل من شارك للتراجع عن فعلته.
دلالات
المساهمون