وصلة جديدة من التسريبات المنسوبة للجنرال عباس كامل، مدير مكتب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، أذاعتها مساء أول من أمس الإثنين، فضائية مكملين، تناولت عدة قضايا تهم الشأن المصري، لاسيما في ما يتعلق بالمساعدات الإماراتية لمصر منذ الانقلاب العسكري في يوليو/تموز.
وغالباً ما يربط نشطاء بين المساعدات الإماراتية لمصر، وبين فيديو قديم تم تسريبه لعضو
جماعة الإخوان المسلمين، عصام العريان، يعود لعام 2012، وقت أن كان العريان رئيساً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب المصري، يتحدث خلاله للأمين العام السابق لجامعة الدول العربية، عمرو موسى، مطالباً إياه بالتوسط لدى الإمارات بضرورة إخراج أموال الرئيس المخلوع حسني مبارك والتي تم تهريبها لبنك أبو ظبي الوطني، على حد قول العريان.
غير أن التسريب الجديد لا يتناول المساعدات المباشرة، مقتصراً على استثمارات ضخمة من المفترض أن تتبناها الإمارات في مصر، بقطاعات تمثل عبئاً على أي نظام في مصر، فضلاً عن الجانب الربحي فيها.
مشروع الكذا مليون شقة
وفي أحد مقاطع التسريب، يقول اللواء عباس كامل للسيسي وقت أن كان وزيراً للدفاع: "حسن إسميك بيقول لحضرتك إنه يتمنى إن الموضوع بتاع الكذا مليون وحدة سكنية يُعلن قبل ما سيادتك تترشح (للرئاسة). يبقى كأنهم اتعاقدوا مع القوات المسلحة وكأن القوات المسلحة هي اللي هتحل الأزمة".
ويظهر في هذا المقطع إلى أي مدى كان الغرض من المشروع الذي لم يكن قد تحددت ماهيته بعد (كذا مليون شقة)، هو مجرد الترويج للقوات المسلحة بغرض رفع شعبية السيسي الذي كان على رأسها آنذاك. خاصة في ما يتعلق بعدد الوحدات السكنية التي تناولها التسريب، والذي جاء بأربع روايات (10 ملايين شقة، 5 ملايين شقة، مليون شقة، كذا مليون شقة).
وواجه مشروع آرابتيك، التي كان يرأس مجلس إدارتها حسن إسميك، عثرات منذ الإعلان عنه في شهر مارس/آذار 2014، حيث تم تأجيل موعد تنفيذه عدة مرات؛ وهو ما دفع المصريين إلى التشكيك في جديته، بل والتندر عليه وربطه بلفظ "الفنكوش".
ورغم مطالبة السيسي، في مقطع صوتي آخر، بضرورة حضور إسميك إلى القاهرة للإعلان عن المشروع الإسكاني الضخم، يتضح من التسريب أن الأرض التي من المقرر أن يُقام عليها المشروع غير محددة.
وقال السيسي متحدثاً للواء عباس: "لسه كنت بأكلم اللواء أمين إمبارح. بأقوله المليون شقه دول هيبقوا فين". واللواء المقصود هو محمد أمين، رئيس إدارة الشؤون المالية بالقوات المسلحة، والذي اقترح على السيسي، وفق التسريب، أكثر من موقع لإقامة المشروع منها منطقة شرق القاهرة إلى جوار مشروع "مدينتي"، ومدينة بدر (على طريق السويس القاهرة) ومدينة برج العرب بالإسكندرية.
وتشير مصادر إلى أن هذا المشروع السكني الضخم ضمن خطط الإمارات منذ عهد مبارك،
كان استغلالاً للعجز الكبير في الوحدات السكنية بمصر والذي يتجاوز نصف مليون وحدة سنوياً.
وفي 2014، قررت الإمارات تنفيذ هذا المشروع، للاستفادة من التسهيلات غير المسبوقة التي قد تحصل عليها مقابل الدعم السياسي والمادي الذي قدمته لمصر بعد انقلاب 3 يوليو 2013.
لكن عدم التخطيط الجيد للمشروع من جانب النظام في مصر، فضلاً عن الخسائر التي لحقت بآرابتيك في النصف الثاني من عام 2014، وضع الشركة التابعة لحكومة أبوظبي، بمواجهة حملات قوية تشكك في قدرتها على تنفيذ المشروع.
وزادت حدة الحملات بسبب عدم بدء الشركة تنفيذ المشروع خلال سبتمبر/أيلول الماضي، كما كان مقرراً، وتأجيل الشركة موعد التنفيذ عدة مرات، آخرها إلى ما قبل نهاية العام الماضي 2014.
وكان وزير الدولة الإماراتي سلطان الجابر، الذي تناوله التسريب بوصفه منسقاً للاستثمارات الإماراتية في مصر، قد أكد خلال لقائه بالسيسي، في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، أن شركة آرابتيك ستبدأ في فبراير/شباط 2015 في تنفيذ 120 ألف وحدة من مشروع المليون وحدة، بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية، غير أن فبراير انقضى دون بدء تنفيذ المشروع.
ويقول مراقبون إن آرابتيك غير مؤهلة لهذا المشروع الضخم، حيث أظهرت بيانات حديثة أن قيمة المشروعات التي لم تكمل الشركة تنفيذها ارتفعت إلى الضعفين، لتصل إلى نحو 7.1 مليارات دولار خلال عامين، كما انكمش الرصيد النقدي للشركة إلى 299 مليون دولار في يونيو/حزيران الماضي من 735 مليون دولار في الربع الثالث من 2013، في وقت يحتاج المشروع المصري لاستثمارات تتجاوز 40 مليار دولار.
خبرات مستوردة
وكشفت التسريبات استعانة السيسي، بشركتي استراتيجي أند التي تعود لرئيس وزراء بريطانيا السابق، توني بلير، و"لازوردي" الأميركية، كاستشاريين اقتصاديين له بدعم إماراتي وصل إلى 10 ملايين دولار، في دلالة على عدم اعتراف السيسي بالخبرات الاقتصادية الموجودة في مصر، خاصة أن رئيس الحكومة المصرية في هذه الفترة كان أستاذ الاقتصاد المعروف حازم الببلاوي، فضلاً عن مجموعة اقتصادية مهمة من بينها زياد بهاء الدين نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية الذي تناوله التسريب أيضاً، عندما كان يطلب لقاء السيسي.
وبينما لا يُعير السيسي اهتماماً بالخبرات الاقتصادية التي يتمتع بها أساتذة مصريون، يمنح
الجنرال عباس ثقة كاملة في التخطيط وإبداء الرأي بل وتقرير مصير الدولة في قطاعات ومجالات اقتصادية بحتة، وهو الرجل ذو الخلفية العسكرية.
وتناول عباس في التسريب الأخير، الحديث عن الخطط المستقبلية طويلة الأجل لمصر، وهي من مهام وزارة التخطيط، وتحدث عن إنشاء محطات الكهرباء وعقود الشراكة فيها مع مستثمرين إماراتيين، وهي من مهام وزير الكهرباء والطاقة، وتحدث عن التخطيط لمشروع المليون وحدة سكنية وهي من مهام وزارة الإسكان، فضلاً عن تحدثه في تسريبات سابقة عن ملفات تخص وزراء الصحة والدفاع والاستثمار والعدل والإعلام، فيما دفع نشطاء لتسمية مصر باسم "دولة عباس".
اقرأ أيضاً: مصر: هل يتحول بناء أرابتك مليون شقة لمشروع "كفتة"؟
اقرأ أيضاً: شركة إماراتية وعدت السيسي بمليون شقة.. تفصل مئات الموظفين