الملائكة لم تحارب معنا في أكتوبر

07 أكتوبر 2015

قوات مصرية تعبر قناة السويس 7 أكتوبر 1973 (ويكيبديا)

+ الخط -

(1)

على عكس ما يعتقد كثيرون، لم يكن الداعية الفلسطيني، الدكتور عبدالله عزام، من أطلق، في العالم العربي، موجة وموضة الحديث عن (كرامات المجاهدين الذين تقاتل معهم الملائكة ضد أعدائهم)، خلال حرب الفصائل الإسلامية الأفغانية ضد القوات الروسية وحلفائها الأفغان، في ثمانينات القرن الماضي، فقد سبقه شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود إلى ذلك، وتحديداً عقب حرب أكتوبر مباشرة.

وقتها، وعقب تأكد النصر، بدأت تنتشر بين عموم المصريين حكايات متواترة ومتنوعة الصياغة، تتحدث عن أصحاب الملابس البيضاء الذين كان الجنود يرونهم في لحظات الاشتباكات الحامية، وعن الرسول، عليه الصلاة والسلام، الذي شاهده الجنود يحارب معهم في اشتباكاتهم مع الدبابات الإسرائيلية، وعن كرامات عديدة حصلت خلال الحرب، مثل تفجر الماء من كل اتجاه في قلب الصحراء، ليرتوي منه المحاربون العطشى، وعدم نفاد الطعام الذي كان يكفي أعداداً كبيرة من المحاربين على الرغم من قلته، واشتهرت في ذلك حكاية بالتحديد، رواها فيما بعد الشيخ حافظ سلامة، بطل المقاومة الشعبية في السويس، عن "علب الكحك" التي لم تكن تنفد في يوم العيد، على الرغم من أنها كانت قليلة العدد أصلاً، لكن كل تلك الحكايات تحولت من مجرد حكايات شعبية يتناقلها الناس الفرحون بنصر ظنه الجميع مستحيلاً، إلى رواية رسمية معتمدة من أرفع سلطة دينية في البلد.

حدث ذلك، بعد أن ألقى شيخ الأزهر الدكتور عبدالحليم محمود خطبة جمعة مذاعة على الهواء، يوم السادس عشر من رمضان، 12 أكتوبر 1973، تحدث فيها عن رؤيا رآها أحد الصالحين، مفادها أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، ذاهب إلى المعركة مع بعض علماء الإسلام، وأنه أبلغ تلك الرؤيا الرئيس، أنور السادات، بناءً على طلب صاحبها قبل العبور بأيام، ليكون لها أبلغ الأثر على قراره، ثم قال شيخ الأزهر مخاطباً الجنود الذين يقاتلون على الجبهة "إن الملائكة، كما قاتلت مع صفوف المؤمنين يوم بدر، تقاتل معكم اليوم وتضرب أعداء الله معكم"، لتصبح رواية اشتراك الملائكة في حرب أكتوبر معتمدة لدى كل خطباء المساجد، في طول البلاد وعرضها، ويستمر عبد الحليم محمود في تكرارها مع الاستشهاد بقصص يرددها بعضهم في جبهات القتال، ويستمر ذلك عبر السنين، لتصبح حكاية اشتراك الملائكة في حرب أكتوبر جزءاً من الثقافة الشعبية التي تتوارثها الأجيال. بالمناسبة، شاهدت قبل يومين فيديو لأحد الجنود المشاركين في الحرب يتحدث عن رؤيته الملائكة وهي تقاتل في الحرب، وكان ملفتاً الحماس البالغ لحكايته الذي بدا على المعلقين و"المشيّرين" من أبناء أجيال أصغر لم تشهد الحرب بنفسها.

ما قاله عبد الحليم محمود عقب الحرب عن مسألة الملائكة، أثار وقتها ردود فعل قليلة تنتقده، وتنبه إلى خطورة ما يقوله، كان أقواها وأهمها مقال الدكتور فؤاد زكريا في (الأهرام) في 18 نوفمبر/تشرين ثاني 1973، وتحدث فيه بأسف وأسى عن "عودة التعليلات اللا عقلية لتطل برأسها من جديد، مشيدة بقوى غير منظورة، قيل إنها حاربت معنا، ولم يدرك مرددو هذه الأقاويل أن تصديقها معناه، أن الذى انتزع النصر ليس هو الجندي المصري الباسل بدمه وعرقه وشجاعته، ومعناه أن العلم والتخطيط والحساب الدقيق لم يكن له إلا دور ثانوي فى كل ما حدث. بل إن تصديق هذه الأقاويل يعني ما هو أشد من ذلك وأخطر، إذ إن قائلها يفترض أن ما حدث كان "معجزة"، وأن الأمور لو تركت لكي تسير فى مجراها الطبيعي، لما أمكن أن يحدث ما حدث. ولست أستطيع أن أتصور في ظروف التضحية الهائلة التى مر بها جيشنا جحوداً أشد من ذلك الذي ينطوي عليه هذا الافتراض الضمني"، وبالطبع، لم يسلم فؤاد زكريا من التكفير والهجوم بسبب ما قاله.

(2)

تستطيع أن تدرك كيف كان موضوع (دور الملائكة في النصر) حاضراً في تلك الفترة، حين تقرأ مذكرات البطل العميد عادل يسري، قائد لواء النصر، صاحب الدور المدهش في حرب أكتوبر، الذي كان من بين أفراده عبدالعاطي صائد الدبابات، ولم يكن العميد يسري قائداً تقليدياً، فقد كان الكل يحكي ويتحاكى ببطولاته التي جعلته يفقد ساقه في أيام الحرب، كما كان صاحب السبق إلى نشر أول مذكرات، يسجل فيها بطل ميداني شهادته عن الحرب، عقب وقوعها مباشرة، حيث نشرت مذكراته في 1974، وللأسف ظلت، منذ ذلك الوقت، عرضة للتجاهل والتهميش.

في مذكراته، يروي العميد عادل يسري: "سؤال تردد كثيراً أمامنا: هل رأيتم الملائكة؟ هل كانت تقاتل معكم بلباس أبيض؟ أقول بصدق إنني لم أر الملائكة، وكيف نراها والله سبحانه وتعالى يقول "وأمدكم بجنودٍ لم تروها"، وقد سألت جميع القادة والجنود الذين قاتلوا معي: هل رأوا الملائكة؟ وكانت إجاباتهم جميعاً واحدة: لم نر".

ثم يقدم العميد عادل يسري إجابة قاطعة على "سؤال الملائكة" الذي واجهه كثيراً: "لكن الملائكة كانوا معنا في صورة أخرى، كان الملائكة يحاربون معنا في صورة عبدالعاطي وبيومي الذين دمروا للعدو أرقاماً خرافية من دباباته ومدرعاته، في صورة الرجال الذين قاموا بأعمال خارقة، في صورة العريف عمر من كتيبة حسن الذي دمر، في دقائق، دبابة وعربة مدرعة للعدو بسلاح صغير مضاد للدبابات، آر بي جي، ونال نوط الشجاعة العسكرية. رأيت الملائكة في صورة البطل الملازم أول السعودي الذي يقفز فوق الدبابة الإسرائيلية، ويفتح فتحة البرج فيقاومه قائد الدبابة، فيجذب غطاء فتحة برج الدبابة بيده اليمنى، ويجذب تيلة القنبلة بأسنانه معرضاً نفسه للتدمير، ويدمر طاقم الدبابة بالكامل، وينال نوط الجمهورية.

رأيت الملائكة في الشهيد بطل نجمة سيناء، سعيد خطاب، الذي استشهد مع 4 ألغام، وهو يدمر دبابات للعدو. رأيت الملائكة في شياطين عبدالجابر الذين دمروا الكثير من دبابات العدو، وجعلوا قادتهم يصرخون "لا تقتربوا من القناة". رأيت من هؤلاء الملائكة كثيرين، استشهد منهم من استشهد، وجرح منهم من جرح، وعاد منهم من عاد، هؤلاء هم الملائكة الذين كانوا يحاربون معنا، رجال نفخ الله في قلوبهم الشجاعة، وزرع فيهم الإيمان، فكانوا للمعركة، وارتفعوا ببطولاتهم لمستوى الملائكة، لمستوى الصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا".

(3)

لم أكن قد قرأت شهادة العميد عادل يسري، حين ناقشت عام 1996 "دور الملائكة في حرب أكتوبر"، في مقال لي بالإصدار الأول من صحيفة الدستور المغدورة، ما جلب لي وقتها سيلاً من رسائل التكفير واللعنات، على الرغم من أنني وضعت "مسألة الملائكة" في سياق مناقشة مأساة التوظيف السياسي الدائم لحرب أكتوبر، بحيث تتم نسبة النصر إلى شخص حسني مبارك من منافقيه، ويجعل الساداتيون الحرب محض عبقرية خالصة من شخصه، مهيلين التراب على كل من كان حوله من القادة، وينسب الناصريون الفضل فيها أصلاً إلى عبدالناصر الذي وضع خطتها، ولولا موته لكان بطلها الأكيد، ويتورط بعضهم بسبب كراهيتهم السادات في المبالغة في تصوير الحرب كأنها كانت هزيمة مقنعة، ثم يوظّف أنصار تيارات الشعارات الإسلامية بعد ذلك نصر أكتوبر، للهجوم على الفترة الناصرية التي وقعت فيها هزيمة يونيو، من وجهة نظرهم بسبب الابتعاد عن الدين وقمع الاتجاه الإسلامي، بينما كان من أهم أسباب وقوع نصر أكتوبر العودة إلى الدين، ورفع شعار (الله أكبر)، ما كان سبباً في نزول الملائكة من السماء للاشتراك في الحرب، وهو ما اشترك فيه من دون استثناء مشايخ السلطة، مثل الشيخ محمد متولي الشعراوي الذي اشتهر عنه قوله، إنه سجد لله شكراً عقب هزيمة يونيو، لأن ذلك سيعجل بسقوط النظام الذي يحارب الإسلام، أو الوعاظ الشعبيون الذين وظفتهم تيارات الشعارات الإسلامية لاكتساب المزيد من الشعبية، مثل الشيخ عبدالحميد كشك والشيخ أحمد المحلاوي وغيرهما. 

لفت انتباهي أن رسائل كثيرة اتهمتني بالكفر، لأني أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، وهو إمكانية نزول الملائكة للاشتراك في القتال، كما حدث في غزوة بدر، على الرغم من أنني أشرت، في مقالي، إلى أننا حتى لو قررنا ألا نكتفي بمناقشة عقلية للآثار السلبية على تكرار حكايات اشتراك الملائكة في الحرب، فإن قراءتنا ما تقوله كتب التراث عن اشتراك الملائكة في غزوة بدر، والذي تشير إليه إحدى آيات سورة الأنفال، في قول الله تعالى: "إذ تستغيثون ربكم، فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، وما جعله الله إلا بشرى، ولتطمئن به قلوبكم، وما النصر إلا من عندالله، إن الله عزيز حكيم"، توصلنا إلى استنتاج أن تلك المرّة كانت الأولى والأخيرة التي تشترك فيها الملائكة في القتال، إلى جوار الرسول، صلى الله عليه وسلم، الذي بدا له أن التفوق العددي سيرجّح كفة الكفار، فأخذ يبتهل إلى ربه أن ينصره، حتى سقط رداؤه عن كتفه، فلم يخذله ربه، لكن ذلك لم يتكرر بعد ذلك. 

ففي غزوة أحد، انهزم المسلمون هزيمة ساحقة، واستشهد منهم كثيرون، بسبب خطأ الرماة الكارثي. ومع ذلك، لم تنزل الملائكة لمساعدتهم، على الرغم من أن من قتل من المسلمين كان خيرة المسلمين، وكان سبب ذلك واضحاً وجلياً، فالله عز وجل لم يشأ للمسلمين أن يتخذوا من التواكل عليه، وعلى جنوده، المنزلة من السماء، أمراً يعتمدون عليه، وإنما أراد لهم أن يعدّوا عدتهم ويصبروا ويتقوا، وأن يتعلموا من أسباب الهزيمة المريرة، وعلى الرغم من أن هناك حديثاً مروياً عن الصحابي سعد بن أبى وقاص، قال فيه إنه رأى، في يوم أحد، ملكين يقاتلان عن يمين الرسول، صلى الله عليه وسلم، وشماله فإن المفسر الجليل مجاهد بن جبر عارض هذا الحديث قائلاً: "لم تقاتل الملائكة معهم، يومئذ، ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر"، بينما حاول بعضهم تأويل الحديث، قائلين، إن ذلك كان أمراً خاصاً بالرسول فقط، ولنا أن نستغرب تأويلهم هذا، بعد أن نعرف أن النبي، صلى الله عليه وسلم، جُرِح فى أحد، وكُسِرت رباعيته (أسنانه) وشُجّ رأسه، وهو ما لم يكن ممكناً أن يحدث، لولا أن الله أراد أن يقول لعباده إن للنصر في الحروب أسباباً لا بد لهم من الأخذ بها، وإن للهزيمة عوامل لا بد لهم من تفاديها، والتعلم من دروسها.

في غزوات الرسول التالية، لا يأتي ذكر الملائكة أو التدخل الإلهي، سوى بنشر الرعب في قلوب الكافرين، وبالتحديد في غزوة الخندق التي انتصر المسلمون فيها، بفضل حيلة نعيم بن مسعود الغطفاني الشهيرة. وفي غزوة حنين التي حارب فيها جيش المسلمين قبيلة هوازن، فتعرضوا لبوادر هزيمةٍ كان من شأنها أن تصيب الدولة الإسلامية في مقتل، لتضيع نتائج فتح مكة الذي دخل بعده كثيرون من "المؤلفة قلوبهم" في جيشٍ، حاربوا معه بدون اقتناع، فأصبح لجيش المسلمين كثرة عددية، كان لها أثر سلبي، يتحدث عنه الله تعالى في قوله: "ويوم حنين، إذ أعجبتكم كثرتكم، فلم تُغن عنكم شيئاً، وضاقت عليكم الأرض بما رحبت، ثم وليتم مدبرين، ثم أنزل الله سكينته، على رسوله وعلى المؤمنين، وأنزل جنوداً لم تروها.." إلى آخر الآية.  

يقول القرطبي، في تفسيره هذه الآية، إن دور الملائكة في غزوة حنين لم يكن القتال المباشر، لكنهم "كانوا يُقوّون المؤمنين بما يلقون في قلوبهم من الخواطر والتثبيت ويضعفون الكافرين بالتجبين لهم، من حيث لا يرونهم ومن غير قتال، لأن الملائكة لم تقاتل إلا يوم بدر"، حتى أن أحد المشركين سأل، يومها، بعد وقوع الهزيمة، طبقاً لإحدى الروايات "أين الخيل البلق والرجال الذين كانوا عليها بيض، وما كان قتلنا إلا بأيديهم فى غزوة بدر". وحتى ذلك الدور المعنوي لم يتكرر في غزوة مؤتة التي أصابت المسلمين فيها هزيمة مؤلمة، وقتل فيها عدد من أبرز الصحابة، لم تنزل الملائكة لنصرتهم، لتكون غزوة بدر أول وآخر الغزوات التي شاركت فيها الملائكة بالقتال".

(4)

كان هذا ما عرضته، في مقالي، لمسألة دور الملائكة القتالي في حروب المسلمين، وهو لم يعجب، بالطبع، هواة التكفير الذين اعتبر بعضهم ما كتبته تشكيكاً في وجود الملائكة أصلاً، ولا زلت أذكر (وكيف يمكن أن أنسى؟) رسالة وجه لي فيها أحدهم، بعد وصلة من الشتائم القبيحة، سؤالاً اعتبره مفحماً لي بشدة: "وهو يعني هيخس على أهلك إيه لما يتقال إن الملايكة شاركت في الحرب؟"، مع أنني كنت أتصور أنني قدمت إجابة عن سؤاله، من خلال ما ذكرته في أكثر من موضع في المقال، عن خطورة الاستمرار في إعلاء البعد الغيبي في كل ذكرى للنصر، ما يساهم في سلب عقول الناس وقتل إرادتهم، ويزرع فيهم التواكل على قوى الغيب، بدلاً من ربط النصر والهزيمة بأسبابهما المادية الملموسة، ليبقى إيمان المقاتل أمراً يقرّبه إلى الله أكثر، من دون أن يقرّبه بالضرورة إلى النصر أكثر، بدليل أن الصحابة، وهم من هم في الالتزام الديني، لم يتحقق لهم النصر في معاركهم كافة، بل ظل ذلك مرتبطاً بما أعدّوه من قوة، وبالطريقة التي أداروا بها معاركهم، حتى يتحقق لهم النصر، أو تنزل بهم الهزيمة.

للأسف، لا زلنا، وعلى الرغم من مرور كل هذه السنين على حرب أكتوبر، نرى كيف يتم المبالغة في الحديث عن دور الالتزام الديني في تحقيق النصر، من دون أن يفسر القائلون بذلك: لماذا، إذن، وقعت الثغرة التي كان لها دور خطير في تحجيم النصر، ولماذا لم تتدخل الملائكة لوقف تقدم القوات الإسرائيلية، بل واصلت قيادة المقاتلين من أجل تحرير كامل تراب سيناء، إن لم يكن من أجل تحرير القدس الشريف، ولماذا فشل الرئيس المؤمن الذي يرى الرؤى الصالحة في تحقيق انتصار سياسي يتناسب مع ما حققته دماء المقاتلين وتضحياتهم على الأرض، مسلمين كانوا أو مسيحيين، مؤمنين أو غير ذلك؟.

نعم، لا يمكن إنكار أهمية دور الشحن الديني والوطني في إعداد المقاتل المصري معنوياً في حرب أكتوبر، لكن ذلك لا يعني أن الجيش المصري انهزم في يونيو 1967 لأن جنوده كانوا كفاراً، أو لأن قادته كانوا عصاة، فقد حدث النصر، لأن إدارته تمت بطريقة علمية عقلانية، في حين تمت إدارة مصر ما قبل يونيو بطريقةٍ غوغائيةٍ فاشلة، والدليل أنه حين تغيرت تلك الطريقة في الإدارة العسكرية، حتى مع بقاء صانع الهزيمة، جمال عبدالناصر، على رأس الحكم، حقق المقاتل المصري بطولات مدهشة في حرب الاستنزاف، كان لها أبلغ الأثر في استعادة المقاتل المصري ثقته بنفسه، والتي بني عليها مادياً ومعنوياً انتصار أكتوبر الذي ظل يتعرّض للسرقة تلو الأخرى عبر سنوات طويلة، نسيت فيه تضحيات الذين عبروا، وانتصرت مصالح الذين هبروا، على رأي عمنا محمود السعدني.

قبل كل شيء وبعده، يظل معنى النصر الذي تحقق في حرب أكتوبر أكبر من محاولات اختطافه لمصلحة رؤساء بعينهم، أو لمصلحة مؤسسة عسكرية تهيمن على مقدرات البلاد، أو لدعم تفكير غيبي، يقوم بتغييب عقل الإنسان المصري، حتى وإن حسنت النيات. يظل معنى النصر مرتبطاً برغبة الإنسان في تغيير واقعه المرير، مهما كانت التضحيات مريرة وجسيمة، يظل مرتبطاً بتوصيف رائع لأحد أبطاله، العميد عادل يسري، حين قال في إجابته عن أسئلة اشتراك الملائكة في الحرب: "في الواقع إن العمل الجدي العلمي، والإيمان بالله وبالوطن وبحقنا الكامل، والإعداد الجيد للمعركة، والتصميم على القتال، كل هذا كان سبيلنا إلى النصر، وبهذا نجحنا في تحطيم العدو، ودمر لهم لوائي وحده "لواء النصر" 120 دبابة".  

belalfadl@hotmail.com

 

 

605C8788-2DB9-4AE6-9967-D0C9E0A2AD31
بلال فضل
كاتب وسيناريست من مصر؛ يدوّن الـ"كشكول" في "العربي الجديد"، يقول: في حياة كل منا كشكولٌ ما، به أفكار يظنها عميقة، وشخبطات لا يدرك قيمتها، وهزل في موضع الجد، وقصص يحب أن يشارك الآخرين فيها وأخرى يفضل إخفاءها، ومقولات يتمنى لو كان قد كتبها فيعيد كتابتها بخطه، وكلام عن أفلام، وتناتيش من كتب، ونغابيش في صحف قديمة، وأحلام متجددة قد تنقلب إلى كوابيس. أتمنى أن تجد بعض هذا في (الكشكول) وأن يكون بداية جديدة لي معك.