المكسيك تدرس خيارات ما بعد "نافتا"

02 فبراير 2017
صناعة السيارات أكبر المتضررين (فرانس برس)
+ الخط -
بدأ المسؤولون المكسيكيون التشاور مع قادة الشركات الخاصة في الفترة التي تسبق إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأميركا الشمالية "نافتا" مع الولايات المتحدة، حسبما أعلن الرئيس إنريكي بينا نيتو مساء الأربعاء.

وذكر بينا نيتو، في حديث رسمي، أن المكسيك، شأنها شأن شريكها في اتفاقية نافتا، سوف تتشاور مع القطاع الخاص لفترة تصل إلى 90 يوماً، وبعدها ستبدأ المحادثات مع الولايات المتحدة.

وأضاف "إننا نطلق عملية اُتفق عليها مع حكومة الولايات المتحدة، التي تبدأ أيضاً في إجراء (مشاورات)، في إطار الحوار البناء اللازم لبناء الإطار الجديد للعلاقات بين المكسيك والولايات المتحدة". 

ويريد الرئيس الأميركي دونالد ترامب إعادة التفاوض بشأن الاتفاقية القائمة منذ عقدين من الزمان ووقعتها المكسيك والولايات المتحدة وكندا، قائلاً إنها تفيد المكسيك بشكل غير منصف على حساب العمال الأميركيين.

ودافع الرئيس المكسيكي السابق كارلوس ساليناس دي غورتاري الذي تفاوضت حكومته بشأن اتفاقية "نافتا"، يوم الثلاثاء، عن الاتفاقية في مقالة جاءت بعنوان "لابد للمكسيك والولايات المتحدة من إدراك أن نافتا هي الحل وليست المشكلة".

وقال "بدلاً من تقويض نافتا، ينبغي على الدول الثلاث العمل معاً لتدعيمها". وأضاف أن "زعزعة استقرار العلاقات مع المكسيك سيلحق بالتأكيد الضرر بالمنطقة الحيوية التي تتمحور حولها...نافتا، ولن يحسن القدرة التنافسية للولايات المتحدة أمام المناطق الأخرى".

ومنذ صعود دونالد ترامب للحكم تعيش المكسيك في محنة حقيقية على صعيد التجارة والسياسة والعملة، حيث ينتقل العالم بسرعة من عهد الانفتاح التجاري وفتح الحدود والعولمة التي حولته خلال السنوات التي تلت سقوط جدار برلين، إلى قرية يسهل التنقل بين دولها والمتاجرة بين أرجائه إلى جزر معزولة أو إلى دول مسورة وقلاع فيما يشبه حال الممالك في القرون الوسطى. وتعد المكسيك أول ضحايا ترامب التجاريين.

حيث خسرت حتى الآن الكثير من المزايا الاستثمارية، بعد التدهور المريع في عملتها البيسو. ويلاحظ أن المكسيك ليس لديها بديل تجاري غير السوق الأميركي، حيث أن دول أميركا الجنوبية ضعيفة اقتصادياً.

ولم يكن أحد يصدق الشروط القاسية التي يفرضها ترامب على المكسيك، خاصة تلك الخاصة بدفع ثمن بناء جدار على حدودها. ولكن مع ما حدث خلال الأسبوع الأول من دخوله البيت الأبيض بات كل شيء محتملاً. وتفاعلت قضية الجدار لتشكل أزمة سياسية بين بلاده والمكسيك وتطلق جرس الإنذار في أنحاء دول العالم، بشأن المستقبل الذين ينتظرها في المفاوضات التجارية التي ينوي ترامب إجراءها مع كل دولة على انفراد.

والمشكلة ليست في بناء الجدار بحد ذاته، لأن أميركا حرة فيما تفعله بحدودها، ولكن الأمر الغريب في إصرار ترامب على أن تدفع المكسيك ثمنه.

وهو ما يشكل فرض إرادته على دولة مستقلة ذات سيادة، وهو ما يتنافى تماماً مع الأعراف الدولية. وربما يكون ترامب يقصد بهذا الطلب الغريب من الرئيس المكسيكي إنريكه بينيا نيتو، كسر عزيمة الشعب المكسيكي، لينطلق من ذلك لكسر عزيمة الشعوب الأخرى التي يريد الهيمنة عليها واحدة تلو الأخرى.

وتأمل الحكومة المكسيكية في الحصول على مساعدات من الصين عبر تعويض بعض ما ستفقده من استثمارات خلال الفترة المقبلة. وفي هذا الصدد، أعلنت السلطات المكسيكية يوم الأربعاء، أن شركة "جاك موتورز" الصينية للسيارات سوف تبدأ قريباً في إنتاج السيارات في ولاية هيدالغو وسط المكسيك بموجب اتفاق مع عملاق السيارات المكسيكي "لاتينواميركا".

وأعلن ذلك حاكم الولاية عمر فياض في مؤتمر صحافي في العاصمة، مشيراً إلى أن قيمة الاتفاق بلغت بـ4.4 مليارات بيسو (212 مليون دولار). وستبدأ المكسيك بموجب الاتفاق في تجميع السيارات الصينية في شهر مارس/آذار في مصنع في سويداد ساهاغون، على بعد 60 كم شمال شرقي مكسيكو سيتي، على أن يتم إنتاج أول سيارة في النصف الثاني من هذا العام.

وقال وزير الاقتصاد المكسيكي الديفنسو غواجردو إن الاتفاق يأتي في وقت تحاول فيه الدولة تنويع مصادر استثماراتها الأجنبية وسط حالة من عدم اليقين إزاء العلاقات المستقبلية مع الولايات المتحدة.


المساهمون