المقدسي محمد المهدي نموذج على ملاحقة الاحتلال للأطفال بالغرامات

12 مارس 2019
الطفل المقدسي محمد المهدي نجا من السجن (فيسبوك)
+ الخط -
لم يكن سهلاً إقناع الطفل المقدسي محمد المهدي حاتم أبو عصب بدفع الغرامة المالية البالغة 15 ألف شيقل (نحو 4150 دولار) لإسقاط عقوبة سجنه خمسين يوما، بعد أن ضجت باسمه وسائل التواصل الاجتماعي عقب إعلان عجز والده عن دفع الغرامة.

اقتنع الطفل المقدسي بصعوبة، بعد أن ظل يكرر أنه يفضل أن يمضي المحكومية على أن يستفيد الاحتلال من أموال أسرته التي استولى مستوطنون على منزلها قبل شهر في حي القرمي بالبلدة القديمة من القدس، حسب ما ذكر رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين، أمجد أبو عصب.

وفجر تعليق والد الطفل المقدسي عبر "فيسبوك" غضباً واسعاً، بعد أن حمل المسؤولية لمن تخلوا عنه وعن طفله المهدد بالاعتقال لأنه لن يتمكن من دفع الغرامة. وكتب: "سيتم غدا (اليوم الثلاثاء) تسليم ابني محمد المهدي لقضاء محكوميته لعدم تمكني من دفع غرامته. حسبنا الله ونعم الوكيل".

تلاشى الغضب بعد أن وافق الطفل على دفع الغرامة التي تداعى لدفعها كثيرون دعما لأسرته المناضلة. وكتب أمس الإثنين: "الحمد لله رب العالمين. الله يحفظكم ويحمي أولادكم وبيوتكم، وأشكر عطف المحافظ، وجميع شباب البلدة القديمة على جهودهم، وأشكر كل الناس الطيبة اللي واقفة معنا، واللي خلونا نحس إنه الدنيا لسه بخير".

وقال الوالد حاتم أبو عصب لـ"العربي الجديد": "محمد طلب مني رفض أي مساعدة من أية جهة لدفع الغرامة، وكان يصر على أن يمضي محكوميته كاملة في السجن على أن يدفع للاحتلال فلساً واحداً".


وأضاف: "توجهت للمسؤولين في محافظة القدس منذ خمسة شهور طالباً المساعدة في دفع الغرامة، لكنني لم أتلق سوى الوعود. تارة يعدون بالدفع قريبا، وتارة أخرى يتذرعون بعدم وجود أموال كافية لدفع الغرامات، وحتى البيت أخليت أسرتي منه وأصبحنا على قارعة الطريق، ولم أحصل على بيت بديل، ولو مستأجراً".



وأدين محمد بثلاثة ملفات أمنية، وتقرر بناء عليها سجنه إن لم يدفع الغرامة: "ملف يتعلق بمقاومته الاحتلال في ساحات الأقصى، وملف ثان يتعلق بضربه لمستوطن، وملف ثالث وجهت إليه فيه تهمة إلقاء الحجارة على جنود ومستوطنين".

فقد والد محمد الأمل في كل من توجه إليهم طالبا المساعدة، وتوقف عن طلب المساعدة بعد أن أبلغه نجله الصغير بأنه سيمضي عقوبة السجن ولن يدفع للاحتلال.


وقال رئيس لجنة الأسرى المقدسيين، أمجد أبو عصب، لـ"لعربي الجديد"، إن "ما تعيشه عائلة أبو عصب حاليا، تعاني منه أسر مقدسية كثيرة، فالغرامات المالية العالية تمثل معاناة كبرى لأهالي مئات الأطفال المقدسيين الذين يعتقلون سنويا، سواء من صدرت بحقهم أحكام أو من يحتجزون لحين محاكمتهم".

ويقدر أبو عصب عدد الأطفال المقدسيين المحكومين في سجون الاحتلال منذ مطلع العام الحالي فقط بـ35 طفلاً، ووصل العدد خلال العام الماضي إلى نحو 200 طفل معتقل، يخرج غالبيتهم وهم يعانون من التعذيب وآثاره الجسدية والنفسية.

وأوضح أبو عصب أنه "في قضية محمد، كان لغضب والده ما يبرره بعد أن أرهقه الاحتلال والمستوطنون بصراع قضائي مرير لسنوات، قبل أن يستولوا على منزله بالقوة، وسجن أبنائه بتهم أمنية، فانفجر الوالد ووزع غضبه على الحركات والفصائل التي تتهم في العادة من عامة المقدسيين بالتقصير والتقاعس".

المتابعون لحكاية الأسرة يتحدثون بألم وغضب شديدين باعتبارها مثالاً لأسر فلسطينية كثيرة، منها أسر قاومت الإخلاء وباتت اليوم دون مأوى، ومنها من هدم مسكنها بأيدي أفرادها وظلت أيضا دون مأوى، ومنها من يقبع أطفالها خلف قضبان سجون الاحتلال، فأطفال القدس من أمثال محمد المهدي، هم من يحسمون، وهو وحدهم القادرون على تحقيق النصر في معارك لم ينتصر فيها الاحتلال من قبل، فمعركة البوابات حاضرة، ومعركة مصلى الرحمة لم تحسمها تفاهمات بعد.

دلالات