المقاومة تكبّد الاحتلال الإسرائيلي 116.5 مليار دولار

09 يناير 2017
خسائر باهظة للاحتلال بسبب المقاومة (جعفر أشتية/فرانس برس)
+ الخط -
أكد تقرير اقتصادي حديث أن العمليات الفردية للمقاومة الفلسطينية التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 وجهت ضربة قوية لاقتصاد الاحتلال الإسرائيلي بسبب دورها في إحداث طفرة على النفقات الأمنية بالإضافة إلى نتائجها التي أضرت بالمرافق الاقتصادية المختلفة.
وشدّد التقرير على أن احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية عام 1967 شكل نقطة تحول فارقة على صعيد زيادة حجم النفقات الأمنية وحجم الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الاحتلال.

وحسب إحصائيات جديدة شملها التقرير الذي نشرته صحيفة "غلوبس" الاقتصادية في عددها الصادر، أمس، قدّم الاحتلال حتى عام 2008، نحو 116.5 مليار دولار لدعم المستوطنات والنفقات الأمنية الإضافية وبناء الجدار الفاصل وتنفيذ خطة فك الارتباط.

وكانت القدس المحتلة شهدت عملية دهس، أمس، نفذها شاب فلسطيني في حي أرمون هنتسيف، قتل فيها أربعة من جنود جيش الاحتلال وأصيب فيها عدد آخر، مما أثار مخاوف من تكبد الاقتصاد خسائر إضافية ولا سيما في قطاع السياحة.
وأشار التقرير إلى أن كلا من وزارتي الحرب والمالية ترفضان تقديم معطيات موثقة ودقيقة حول النفقات الأمنية والمتطلبات المالية المباشرة وغير المباشرة المترتبة عن الاحتلال خشية تفجر جدل حقيقي حول كلفة الاحتلال ومدى إضراره بالدولة والمجتمع والاقتصاد.

وتضمن التقرير، الذي أعده المعلق العسكري أورن هيلر بعض المعطيات المتعلقة بالنفقات الناجمة عن الاحتلال حتى العام 2008، إذ يؤكد هيلر أن المؤسسات الرسمية ترفض الإفصاح عن المعطيات الأمنية بعد هذا العام، إلا بشكل جزئي.
وحسب هيلر، فإن النفقات الأمنية الناجمة عن الاحتلال تتوزع على متطلبات نشر القوات وبناء قواعد عسكرية وتأمين الطرق وتوفير حماية للمستوطنين، بالإضافة إلى النفقات التي تخصص لمواجهة الأحداث الأمنية الكبيرة، كما حدث في الانتفاضة الأولى وهبّة نفق المسجد الأقصى والانتفاضة الثانية، وموجات العمليات الفردية وغيرها.

ويستند هيلر إلى معطيات تضمنتها دراسة أعدها الخبير الاقتصادي شير حيفر بعنوان "تأثير الاحتلال على المجتمع الإسرائيلي"، والصادر عن جامعة تل أبيب ومركز "تامي شطاينتس".
وحسب هذه الدراسة يقدر الدعم المالي الذي قدمته الحكومات المتعاقبة حتى العام 2008 للمستوطنات 104.46 مليارات شيكل (حوالي 27 مليار دولار)، في حين بلغت النفقات الأمنية الإضافية حتى نفس الفترة 316.21 مليار شيكل (82.5 مليار دولار).




وحسب المعطيات فقد بلغت كلفة بناء الجدار الفاصل وتنفيذ خطة فك الارتباط 26 مليار شيكل (حوالي 7 مليارات دولار).
وأكد هيلر أن تفجر المقاومة الفلسطينية داخل الأراضي المحتلة هو الذي أسهم بشكل خاص في زيادة كلفة الاحتلال، مضيفاً أنه حتى مطلع الثمانينيات كان الاحتلال الإسرائيلي غير مكلف، بسبب انعدام مظاهر المقاومة المسلحة تقريبا إلى جانب العدد القليل من المستوطنين، مما جعل الجيش يحتفظ بعدد محدود من الجنود.
وأوضح هيلر أن الانتفاضة الأولى التي تفجّرت أواخر عام 1987 شكلت نقطة تحول فارقة نحو تعاظم النفقات الأمنية وتراجع مستوى تصدير البضائع الإسرائيلية للأراضي المحتلة، وانخفضت عوائد السياحة.

وشدد على أن العمليات الفردية التي اندلعت في أكتوبر/تشرين الأول 2015 وجهت ضربة قوية للاقتصاد الإسرائيلي بسبب دورها في إحداث طفرة على النفقات الأمنية بالإضافة إلى نتائجها التي أضرت بالمرافق الاقتصادية المختلفة.
وأشار هيلر إلى أن عام 2015 كان "عام مفقود" من ناحية اقتصادية، منوها إلى أن وزير المالية موشيه كحلون أضر بالاقتصاد من خلال عدم تردده في تخصيص كل الموازنات التي تضمن تأمين المستوطنين بسبب مواقفه الأيديولوجية.

وأوضح أن وزارة المالية اضطرت لإضافة مبلغ 4 مليارات شيكل (1.1 مليار دولار) لموازنة الأمن لتغطية النفقات الناجمة عن زيادة انتشار القوات في الضفة الغربية والقدس نتاج موجة العمليات الفردية. وأشار هيلر إلى أنه نظرا لأن الكثيرين في قيادة المؤسسة الأمنية يرون أن هذه الموجة لاتزال مرشحة لأن تضرب من جديد، فقد تقرر الحفاظ على المستوى الحالي من النفقات الأمنية.
وأوضح أن إسرائيل اضطرت لاستثمار مبالغ أخرى لتعزيز قدرة الجيش والاستخبارات والشرطة من ناحية تنظيمية على مواجهة العمليات الفردية.

ونوه إلى أن المرافق الاقتصادية الإسرائيلية تكبدت خسائر تقدر بـ 5 مليارات شيكل (1.4 مليار دولار)، نتاج العمليات الفردية.
وتشمل الخسائر الأضرار التي لحقت بقطاع السياحة ولاسيما في القدس المحتلة والخسائر التي تكبدتها المتاجر والمرافق في المدينة المقدسة بسبب اضطرارها لإغلاق أبوابها، بالإضافة إلى تحملها أعباء خدمات الأمن والحراسة المباشرة.

وأشار هيلر إلى أن الحكومة اضطرت لتعويض الشركات التي تضررت نتاج العمليات الفردية، مشيرا إلى أن المثال الأوضح على ذلك شركة "سيتي باص" التي تدير القطار الخفيف في القدس، والتي تكبدت خسائر كبيرة بفعل تراجع عدد المسافرين بسبب عمليات إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة التي ينفذها الشبان الفلسطينيون والتي تستهدف القطارات، التي تقطع باستمرار المنطقة الفاصلة بين القدس الشرقية والغربية.

وقد قدمت الحكومة لهذه الشركة مبلغ 35 مليون شيكل (حوالي 10 ملايين دولار) تعويضا على الخسائر التي لحقت بها، ناهيك عن تقديم تعويضات لأصحاب المحال والفنادق من اليهود في المدينة.
ولفت هيلر إلى أن رئيس هيئة أركان الجيش جادي إيزنكوت كشف أن الجيش يحتفظ حاليا بحوالي 65% من القوات النظامية في الضفة الغربية والقدس من أجل تأمين المرافق ولتحسين مستوى الشعور بالأمن الشخصي للمستوطنين.
وقد أوضح إيزنكوت أن هذا الواقع يقلص من قدرة إسرائيل على مواجهة التحديات الأمنية التي تمثلها سورية ولبنان وغزة وسيناء.

وشدد هيلر على أن الانتفاضتين الأولى والثانية وموجة العمليات الفردية مست بأحد المبادئ التي حكمت الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه الأراضي المحتلة والتي كانت ترمي إلى الاحتفاظ بها بأقل قدر من الموارد البشرية والمالية والتضحيات البشرية من أجل تحسين قدرة إسرائيل على مواجهة التهديدات على الحدود مع الدول العربية المختلفة.
وما يزيد من أوجاع الاقتصاد الإسرائيلي تصاعد حملات المقاطعة الفلسطينية والعربية والدولية لمنتجات الاحتلال، مما أدى إلى مغادرة العديد من الشركات العالمية لإسرائيل، ومنها شركة "صودا ستريم"، أكبر الشركات العالمية، وغيرها.

وحذرت دراسة إسرائيلية صدرت منتصف العام الماضي، من التداعيات الخطيرة لحملات "نزع الشرعية" التي تشنها حركة المقاطعة الدولية "BDS" على مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي وقوته، ويأتي ذلك في ظل استمرار تكبد الاحتلال خسائر فادحة في مختلف المجالات بسبب مقاطعة منتجاتها بالمستوطنات.
وجاء في الدراسة، التي صدرت، عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي أن التبادل التجاري مع دول الاتحاد الأوروبي سيتعرض لضرر أكبر من التعاون مع التكتلات العالمية الأخرى، التي تبدي حساسية أقل تجاه السلوك الإسرائيلي نحو الشعب الفلسطيني.


المساهمون