قرار قد يكون الخطوة الحقيقية الأولى في طريق الإطاحة بنظام بشار الأسد، وقد انتظر العالم سنوات، دون جدوى، من أجل أن يتخذه الرئيس السابق، باراك أوباما، بعدما تجاوز الأسد الخطوط الأميركية الحمراء.
لقد فعل ترامب بالقضية السورية خلال أيام ما فشل أوباما في فعله طوال سنوات إقامته في البيت الأبيض. لذا اختارت وسائل الإعلام الأميركية المعادية للعهد الترامبي البحث عن ثغرة ما بالضربة العسكرية الأميركية للأسد، يمكن استخدامها في معركة تصفية الحسابات الداخلية مع سيد البيت الأبيض.
ما توقف عنده الإعلام الأميركي أيضًا هو توقيت ترامب في إعلان الضربة ضد نظام الأسد في سورية مع اجتماعه مع الرئيس الصيني، المخصص أصلًا لبحث الأزمة مع بيونغ يانغ والبرنامج النووي لكوريا الشمالية.
وتردد في واشنطن أن الرئيس الأميركي أبلغ نظيره الصيني شخصيًّا عن الضربات الأميركية في سورية خلال محادثاتهما في فلوريدا قبل الإعلان رسميًّا عنها. ورأى البعض في ذلك رسالة مباشرة إلى كوريا الشمالية، وربما لبكين، بأن الولايات المتحدة أيضًا جاهزة للحرب مع من لا يريد عقد الصفقات والتسويات السياسية.
وبحسب مزاعم ترامب، فإن سبب تحول الموقف من المسألة السورية يعود إلى صور الأطفال الذين قتلوا أو أصيبوا بالغازات السامة التي أطلقتها طائرات نظام الأسد في بلدة خان شيخون، فكانت الرسالة الأميركية الأولية تدمير القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات.
وفي قراءة أخرى، فإن التغير الدراماتيكي في السياسات الخارجية الأميركية يعود إلى تغيير جوهري في استراتيجية إدارة ترامب على صعيد السياسة الخارجية. والكلام هنا يتعلق بمعادلة علاقة واشنطن مع كل من موسكو وبكين.
أحد أوجه تفسير ذلك هو أن العقيدة السياسية الترامبية كانت تقوم على التقرب من موسكو والتحالف معها ضد الصين. ربما كان للمستشار الاستراتيجي في البيت الأبيض، ومنظر اليمين الأميركي المتطرف، ستيف بانون، باع طويل في إقناع ترامب بتلك العقيدة. لكن دفء الاستقبال الذي لاقاه الرئيس الصيني في منتجع ترامب في فلوريدا، واستبعاد بانون عن مجلس الأمن القومي، تفهم منهما رغبة أميركية في إصلاح العلاقة مع الصين، ما يقوي أوراق واشنطن بمواجهة موسكو.
ولعل العقيدة السياسية الأميركية الجديدة اختارت إفهام الروس أيضًا أنها لا تزال تملك المبادرة العسكرية في سورية والعراق واليمن وفي كافة زوايا الشرق الأوسط، وأن تزامن إعلانها عن التدخل العسكري في سورية مع القمة الأميركية الصينية ليس من قبيل الصدف، وأن على روسيا أن تضع حدًّا لمطامحها، وتفهم أن بحوزة الولايات المتحدة أوراق قوة استراتيجية ليس من السهل الوقوف في وجهها.
ولم يغب عن الإعلام الأميركي تسليط الضوء أيضًا على البعد الإيراني في تداعيات الضربة، واحتمالات رد فعل طهران وحزب الله على ضرب واشنطن لحليفهما في دمشق. هي أيضًا رسالة تحذير أميركية لطهران من مغبة المضي قدمًا في دعم نظام الأسد، والرهان على أي دور له في مستقبل سورية.
ورغم انتقادات وسائل الإعلام، وملاحظات بعض أعضاء الكونغرس حول ما اعتبروه تجاهلًا لصلاحيات الكونغرس، واتخاذ الرئيس قرارًا بالحرب دون الحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس؛ إلا أن جرأة القرار، وسرعة اتخاذه، لاقتا قبولًا كبيرًا في أوساط الرأي العام الأميركي الذي تعب من تقاعس إدارة أوباما عن اتخاذ القرارات.
ومن أبرز المؤيدين للعملية العسكرية في سورية، رئيس مجلس النواب، بول رايان، الذي طالب بمعاقبة بشار الأسد على الجرائم التي ارتكبها ضد الشعب السوري، كما أشاد بقرار الرئيس أبرزُ الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ، مثل جون ماكين، تيد كروز، ماركو روبيو، لندسي غراهام، الذي طالب بالاستمرار في العملية العسكرية الأميركية بتصعيدها وتوسيعها بهدف الإطاحة بنظام بشار الأسد.