بعد الحقائق الخطيرة التي كشف عنها التقرير السنوي الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، والمتمثلة باشتمال أغلب الخضراوات والفواكه الرائجة في الأسواق المغربي على كميات محظورة من المبيدات، أعلنت الهيئة الرسمية المعنية بمراقبة هذه المواد الغذائية، حجز 136 طناً من البطاطس وإتلافها في المنطقة الشرقية من المغرب، مع إحالة المخالفين على القضاء.
وقال المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية في بيان أصدره اليوم الجمعة، إنه بحضور ممثلي السلطات الإقليمية والدرك الملكي، أتلف 136 طناً من البطاطس في مدينة بركان، "وذلك بعدما أظهرت نتائج التحاليل المخبرية التي أجريت عليها أنها تحتوي على مبيدات فلاحية غير مرخصة على البطاطس. وبالموازاة مع عملية الإتلاف، حُرِّرَت محاضر المخالفة في حق المعنيَّين بالأمر وأحالتهما على القضاء".
وأوضح البيان أن هذه العملية تدخل في إطار برامج الرصد ومراقبة استعمال المبيدات بالخضراوات والفواكه "حيث قامت المصالح المعنية للمكتب بـ"بركان" بأخذ عيّنات من البطاطس مخزنة في مستودعات مرخصة، وأخرى مخزنة خارج هذه المستودعات من أجل إخضاعها للتحاليل". وأضاف البيان أن النتائج المخبرية أظهرت أن البطاطس المخزنة في المستودعات المرخصة مطابقة وتحترم المستويات المسموح بها من بقايا المبيدات "في حين أن تلك المخزنة خارج هذه المستودعات خضعت للمعالجة بمبيدات زراعية غير مرخصة على البطاطس".
وحرص المكتب التابع لوزارة الفلاحة على الإشارة إلى أنه يكثّف عمليات المراقبة على الفواكه والخضراوات، وأن هذه العملية لن تقتصر فقط على الجهة الشرقية وحدها، بل تشمل جميع الجهات.
وكان التقرير السنوي الجديد للمجلس الأعلى للحسابات في المغرب، الذي صدر في شهر سبتمبر/أيلول الفائت، قد خلّف صدمة شديدة لدى الرأي العام المغربي، لما تضمّنه من معطيات خطيرة عن نتائج الفحص الذي قامت به الهيئة الرسمية المكلفة مراقبة جودة الأغذية المتداولة في الأسواق المغربية.
التقرير المتعلّق بنتائج فحص عمل المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، كشف عن فساد، أو تلوّث، أو انعدام المراقبة بشأن المواد الغذائية الأكثر استهلاكاً من طرف الأسر المغربية، وهي كل من الخضراوات والفواكه واللحوم والحليب ومشتقاته.
ومن بين ما أسفرت عنه تحريات فريق الفحص، عدم خضوع الخضراوات والفواكه الموجهة إلى الاستهلاك الداخلي لأي مراقبة لمدى خلوها من بقايا المبيدات التي تستعمل في الزراعة "وعلى عكس المنتجات المعدة للتصدير (التي تمرّ بالضرورة عبر محطات التعبئة)، والتي تخضع لمراقبة صارمة لبقايا المبيدات الزراعية، فإن المنتجات الموجهة إلى السوق المحلية لا تشملها هذه المراقبة"، يقول التقرير.
وبعدما أكدت الوثيقة الرسمية أن استخدام مبيدات الآفات الزراعية يُعَدّ أحد التدابير الرئيسية لتحسين الإنتاجية، عادت لتستدرك بالقول إن هذا الاستعمال ينبغي أن يخضع لعدد من الشروط للحدّ من الآثار الضارة التي قد تسببها هذه المبيدات.
وأوضح التقرير أن هذه الشروط تشمل "استخدام المكونات النشطة المصدَّق عليها للزراعة المعنية، واحترام المقدار المصدَّق عليه والمشار إليه في ملصق المنتج، وكذا احترام مدة ما قبل الجني، وهي المدة التي يجب أن تفصل بين العلاج الكيميائي وجني المزروعات (الفواكه والخضراوات)، حيث يمكن أن يؤدي عدم احترام المنتجين لهذه المدة الزمنية إلى وجود نسب عالية من بقايا المبيدات في الفواكه والخضراوات، ما قد يسبب مشاكل خطيرة لصحة الإنسان ويضر بالبيئة".
كذلك، سجّل الخبراء التابعون للمجلس الأعلى للحسابات، أن مصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية، لا تمارس اختصاص المراقبة في أسواق الجملة للفواكه والخضراوات، لأنها تعتبر أن هذه الوحدات غير منظمة بما فيه الكفاية، ولا تتوافر على نظام لتتبع الفواكه والخضراوات والنباتات العطرية من المزرعة إلى السوق.