لم يسبق للمغرب أن اتخذ من مقاطعة منتجات وشركات أية دولة في العالم، سلوكا في سياسته الخارجية، رغم الصعوبات التي يواجهها بسبب مواقف قوى سياسية عالمية من قضية الصحراء.
ويلفت مصدر مطلع، فضّل عدم ذكر اسمه، الانتباه إلى أنه باستثناء موقف صريح من مقاطعة إسرائيل، لم يسبق للمغرب أن عبّر عن مقاطعته لمنتجات وشركات بلدان أخرى، ويعتبر الموقف من السويد غير مسبوق في تاريخ العلاقات الاقتصادية للمغرب.
وذهب المصدر إلى أن السويد دأبت على محاربة صادرات المغرب من الفوسفات في الاتحاد الأوروبي، على اعتبار أن جزءا منه ينتج في المنطقة الصحراوية، علما أن إنتاج المغرب في تلك المنطقة لا يتعدى 7%، بل إن الشركة توجه عائداته لتنمية المنطقة.
وقال مصطفى الخلفي، وزير الاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة في مؤتمر صحافي يوم الخميس الماضي: "سنتجه إلى مقاطعة الشركات السويدية عملا بمبدأ المعاملة بالمثل باعتبارهم قاطعوا الشركات المغربية".
وأكد على أن "هناك توجها داخل السويد نحو الاعتراف بالجمهورية الوهمية، لكن الأمر ليس سياسيا فقط بل إنه يتخذ أبعادا اقتصادية تستهدف قوت المغاربة".
وشدد على أن السويديين يعملون من أجل إلحاق الضرر بالمنتجات والاقتصاد المغربي، وبالتالي، من الطبيعي معاملتهم بالمثل، معتبرا أنهم يهددون موارد المغاربة المالية.
وقال الخلفي: "إن هذا البلد (يقصد السويد) رفض سنة 2013 تجديد اتفاق الصيد البحري، الذي يربط المملكة بالاتحاد الأوروبي، بل عمل على حشد دول أخرى للانضمام إلى موقفه".
وأضاف أنه بعد قيامها بحملة ضد صادرات الطماطم المغربية بدأت السويد في إحصاء كافة الشركات التي تتعامل مع المكتب الشريف للفوسفات (ذراع المغرب في استخراج وإنتاج وبيع الفوسفات ومشتقاته)، من أجل وقف أي تعاون معها، مذكرا بأن الواردات المغربية من السويد تفوق صادراته.
ويعاني المغرب من عجز تجاري كبير في علاقته التجارية مع السويد، التي تصدر إليه حوالى 400 مليون دولار، بينما لا تتعدى مشترياتها من المغرب 450 مليون دولار.
ويسعى المغرب إلي جذب الاستثمارات الخارجية التي وصلت إلى 2.5 مليار دولار في الثمانية الأشهر الأخيرة، هذا ما يدفعه إلى إصلاح مناخ الأعمال والصعود في الترتيب العالمي، ما أبرز التخوفات التي عبر عنها البعض من أن يكون الموقف من الشركات السويدية، رسالة تلحق الضرر بصورة المغرب، كبلد مستقبل للاستثمارات.
وأول أمس الأحد، شهدت الرباط مظاهرة حاشدة أمام سفارة السويد، حيث طالبت بمقاطعة المنتجات السويدية، وجرى توزيع منشورات تدعو لمقاطعة جميع المنتجات السويدية بالمغرب منها فولفو، و إيكيا، وسكايب، وإتش أند إم، وإيريكسون.
وكان المغرب قد أوقف افتتاح معرض "إيكيا" في الأسبوع الماضي، حيث بررت ولاية الدار البيضاء ذلك بعدم توفر الشركة السويدية على شهادة المطابقة، وهو القرار الذي تزامن مع اجتماع لرئيس الحكومة عبد الإله بن كيران مع الأحزاب حول الموقف السويدي من قضية الصحراء.
اقرأ أيضاً: المغرب يهدد بمقاطعة الشركات السويدية
ويرى مراقبون في المغرب أن اتجاه حكومة السويد نحو الاعتراف بالبوليساريو، يعد خروجا عن الموقف الأوروبي الذي يدعم حلا سياسيا، عادلا ومقبولا من الطرفين.
ويعتبر الاقتصادي المغربي، محمد الشيكر، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الموقف المغربي من السويد، يؤشر إلى تحول في تعاطي المملكة مع الدول الأخرى، حيث لم تعد تخفي عضبها من المواقف التي لا تروق لها، ضاربا مثلا بمواقف صارمة اتخذتها تجاه فرنسا وإسبانيا.
وشدد على أن القوى العظمى لا تفهم سوى لغة القوة والمصلحة، حيث أن المعاملة بالمثل تدفعها إلى مراجعة مواقفها في الكثير من الحالات، خاصة إذا كان لها مصالح اقتصادية تخشى عليها.
ويؤكد مصدر مطلع، فضل عدم ذكر اسمه، أنه من الصحيح أن هناك العديد من القوى السياسية لها مواقف من قضية الصحراء لا توافق الرؤية المغربية، غير أن الموقف الرسمي لم يتطور إلى حد السعي للاعتراف بالجمهورية، التي تدعو إليها جبهة البوليساريو بدعم من الجزائر.
وتطفو منطقة الصحراء على السطح في كل مرة، كانت فيها اتفاقات اقتصادية في صلب مفاوضات مع المغرب، الذي يواجه في الكثير من الأحيان بمواقف رافضة في البرلمان الأوروبي من قبل بعض الأحزاب التي تتبنى مواقف داعمة للبوليساريو.
فقد نشبت أزمة بين المغرب والاتحاد الأوروبي جراء رفض البرلمان الأوروبي التصويت على اتفاق للصيد البحري يشمل سواحل الصحراء، حيث تعطلت المفاوضات، ثم استأنفت كي يجرى تبني الاتفاق في الأخير، لتعود سفن الأوروبيين إلى الصيد في السواحل المغربية، بما في ذلك المنطقة الصحراوية.
ويعتبر مصدر مطلع فضل عدم الكشف عن اسمه، أن الاتحاد الأوروبي يغلب مصالحه في الأخير، حيث ذكر بموقف الحكومة الإسبانية، التي أوصت نواب أحزابها في البرلمان الأوروبي، بعدم عرقلة التصويت على الاتفاق الزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، كي يسمح لسفن صياديها بالعودة إلى السواحل المغربية.
ومازال شكل المقاطعة الذي لوح به المغرب غير واضح، كما لاحظ أحد المراقبين، الذي يتساءل حول ما إذا كانت المقاطعة ستستهدف الماركات السويدية، رغم كون الاستثمار فيها يعود لأجانب كما في حالة "إيكيا"، التي تستثمر فيها مجموعة الحميزي الكويتية، أم حول الماركات الأجنبية التي توجد في المغرب، والتي يستثمر فيها السويديون بمعية مستثمرين من جنسيات أخرى.
ووصفت حكومة بنكيران الموقف السويدي، بـ"العدائي" لأنه "اتخذ أبعادا اقتصادية تستهدف عيش المغاربة وقوتهم، بفعل قرارات متواصلة في السويد من أجل مقاطعة المنتجات المغربية ذات المنشأ في الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ومقاطعة الشركات المغربية ومقاطعة الشركات الأجنبية التي تتعامل مع المملكة وتنشط في الأقاليم الصحراوية".
اقرأ أيضاً: المغرب يغلق متجر "إيكيا" السويدي قبل افتتاحه