تسعى الحكومة المغربية إلى تفادي شح المياه، خصوصاً في ظل تقارير دولية تدق ناقوس الخطر حول فقد المملكة لجزء كبير من مواردها المائية في الفترة المقبلة.
وبوأ معهد الموارد العالمية في تقريره الأخير، المغرب المركز التاسع عشر ضمن البلدان التي ستعرف نزيفاً على مستوى الموارد المائية، حيث توقع فقدان 80% من موارده المائية الحالية في أفق 2040.
وشمل التقرير مستقبل الموارد المائية في 161 دولة أخرى، حيث يتجلى أن العديد من البلدان العربية لن تكون في أحسن حال من المغرب، خصوصاً في منطقة الخليج.
وتشير تقارير دولية إلى أن الجفاف الذي يشهده البلد بين فترة وأخرى، يخفض حصة المغاربة من المياه، إذ ينتظر أن تصل إلى 700 متر مكعب للفرد الواحد في السنة في أفق 2025، مقابل 3000 متر مكعب في السنة للفرد الواحد في الستينيات من القرن الماضي.
ويراهن المغرب كثيراً على موارده المائية السطحية التي تستعمل في توفير الكهرباء والري، حيث تمثل 75% من بين إجمالي موارد تصل إلى 20 مليار متر مكعب.
وتوقع تقرير سابق لصندوق النقد الدولي قبل ست سنوات، تقلص الموارد المائية بمعدل النصف للفرد الواحد في 2050 بسبب الإمعان في استنزاف المياه الجوفية.
وكان المغرب تبنى منذ ستينيات القرن الماضي، سياسة طموحة تقوم على بناء السدود، التي ساهمت في توفير مياه للزراعة، خصوصاً في السنوات الجافة.
وتستهلك الزراعة 85% من مجموع المياه، وهي نسبة مرشحة للارتفاع مع انخراط المغرب في مسلسل لتوسيع مساحة الأراضي التي تعتمد على الري. ولا يرى الخبراء الذي انكبوا على مشكل شح المياه مخرجا من هذه الوضعية سوى ترشيد الاستهلاك. ويعول المغرب كثيراً على التساقطات المطرية من أجل بلوغ محصول حبوب يغنيه عن الاستيراد.
وتطرح مشكلة الموارد المائية في المناطق التي تعتبر مصدر غذاء المغاربة مثل الشاوية التي تعرف تاريخياً بكونها أكبر منتج للحبوب في المملكة. وأكد المزارع محمد الإبراهيمي، لـ "العربي الجديد"، أن السلطات قررت منذ مدة منع حفر آبار جديدة في مدينة برشيد الزراعية، علما أن أغلب الآبار تحفر من المزارعين الذين يستعملون مياهها في السقي دون ترخيص.
وجاء قرار السلطات الرامي إلى منع حفر الآبار في تلك المنطقة من أجل الحيلولة دون استنزاف المياه الجوفية، في منطقة تعرف بزراعة الحبوب والخضراوات، خصوصاً البطاطس والجزر.
هذا ما يدفع الإبراهيمي إلى تأكيد أن المزارعين يراهنون على التساقطات المطرية، خصوصاً بالنسبة للحبوب، كما في العام الماضي.
وتزيد التخوفات في منطقة سوس، حيث أن شح المياه، يطرح تساؤلات حول مستقبل زراعة الفواكه والخضراوات التي تعرف بها المنطقة.
ودفع شح المياه في منطقة سوس ماسة، التي تعتبر أهم منطقة للزراعات التصديرية، السلطات العمومية إلى إطلاق مشروع تحلية مياه البحر من أجل إنتاج 167 ألف متر مكعب في اليوم، حيث يسعى المغرب من وراء ذلك المشروع إلى إنقاذ الزراعة في تلك المنطقة.
وتشهد المنطقة تراجعاً في المياه الجوفية، يقدر بنحو 60 مليون متر مكعب، ما يدفع الخبراء إلى التحذير من الكارثة في منطقة ترتهن كثيراً لزراعة الخضراوات والفواكه.
وسيرى مشروع تحلية المياه النور، الذي لم تشهد المملكة مثله أول مرة في تاريخها، في منطقة اشتوكة التي تساهم بحوالي نصف صادرات الموز على الصعيد الوطني وحوالي نصف الليمون وأكثر من 80% من الطماطم.
ويسعى المغرب الذي يتوفر على 135 سداً، من أجل مواجهة شح المياه في المستقبل، إلى تحويل 50 ألف هكتار سنوياً من الري بالغمر إلى الري بالتنقيط، وتنويع الموارد، بالإضافة إلى الدعوة لترشيد استهلاك المياه، كما ترى الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء شرفات أفيلال.
اقرأ أيضاً: أزمة مياه تهدد جنوب المغرب