وصف مصدر مسؤول مقرب من رئيس الحكومة المغربية، سعد الدين العثماني، تصريحات المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، بأن منطقتي بئر الحلو وتيفارتي لا تقعان داخل المنطقة العازلة لإقليم الصحراء، بكونها "تصريحات غير مقبولة وخارج السياق تماماً".
وقال المصدر الحكومي، الذي رفض كشف هويته، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "واقع الميدان والتاريخ والجغرافيا يؤكد أن مناطق بئر الحلو وتيفارتي في المنطقة العازلة المشمولة باتفاقية وقف إطلاق النار بإشراف الأمم المتحدة سنة 1991 هي أراض مغربية لا يمكن الجدال بشأن مغربيتها، وأن المملكة سلمتها لبعثة المينورسو حرصاً على السلام وعدم خرق اتفاقية وقف إطلاق النار، وأن أي توغل إليها من طرف جبهة البوليساريو يعني خرقاً لهذه الاتفاقية".
وكان دوغاريك قد صرّح للصحافيين في نيويورك "وصلتنا أسئلة (لم يوضح الجهة مصدر الأسئلة)، وردنا عليها هو أنه يمكن القول إن بئر الحلو وتيفارتي لا تقعان داخل المنطقة العازلة لإقليم الصحراء المتنازع بشأنه بين المغرب والبوليساريو".
من جهته، اعتبر رئيس "المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني"، عبد الرحيم المنار اسليمي، أن "تصريحات الأمانة العامة للأمم المتحدة تظهر وجود صعوبة لدى الهيئة في الضبط الجغرافي للمنطقة العازلة، وفي قياس درجة خطورة هذا النوع من التصريحات على الأمن والسلم في المنطقة".
وأكد اسليمي لـ"العربي الجديد" أن "هذه التصريحات قد تؤدي إلى أزمة خطيرة من شأنها أن تعصف بالأمن والسلم الهش في المنطقة العازلة بالصحراء؛ ذلك أنه بمناسبة إبرام الاتفاق بين المغرب والأمم المتحدة بخصوص وقف إطلاق النار سلّم المغرب المنطقتين؛ بئر الحلو وتيفارتي، إلى الأمم المتحدة كأراضٍ مغربية، لتحويلها إلى جزء من المنطقة العازلة، وفق المفهوم المحدد في الاتفاقية الدولية".
وأشار الخبير السياسي إلى أن "تصريح الأمم المتحدة يخرق مضمون الاتفاقية مع المغرب، ومن شأنه أن يدفع إلى حرب في المنطقة، في حالة استمرار البوليساريو في بئر الحلو وتيفارتي؛ فالأمر يتعلق بخرق قانوني خطير، بأن يتم تجزيء المنطقة العازلة التي تظل كلها أراضي مغربية تحت رعاية الأمم المتحدة".
كذلك أوضح أن "المغرب قبل أن يتفق مع الأمم المتحدة على إقامة منطقة عازلة فوق أراضيه ترعاها القوات الأمنية، كان ذلك انطلاقاً من حرصه على الحفاظ على الأمن والسلم في المنطقة، وألا يقع احتكاك مع الجزائر، لأن الحدود المغربية ملتصقة بالجزائر إذا أزيلت المنطقة العازلة".
وتوقع رئيس "المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني" أن "المغرب لن يقبل بهذا التصريح، وسيكون لذلك تأثير على السلم والأمن في المنطقة"، مبرزاً أن "منظمة الأمم المتحدة لم تعد لها القدرة الكافية على احتواء وضبط موازين التوتر في المنطقة العازلة بالصحراء"، وفق تعبيره.
وفي نهاية شهر مارس/ آذار الماضي، أبلغ المغرب مجلس الأمن الدولي بأن عناصر عسكرية تابعة لجبهة "البوليساريو" خرقت اتفاق وقف إطلاق النار في المنطقتين (بئر الحلو وتيفارتي).
وحذّر المغرب، في رسالة رسمية إلى مجلس الأمن، من أن "تحريك أي بنية مدنية أو عسكرية أو إدارية أو أيًا كانت طبيعتها للبوليساريو، من مخيمات تندوف في الجزائر"، إلى شرق الجدار الأمني الدفاعي لإقليم الصحراء يعد "عملاً مؤدياً إلى الحرب".
وأوضح دوغاريك أنه "في 16 مارس/ آذار الماضي، أبلغت جبهة البوليساريو مجلس الأمن الدولي بأن مراقبين عسكريين تابعين لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو) تم استيقافهم في محيط بلدة تيفارتي، مع قيام أعضاء مسلحين من جبهة البوليساريو بإطلاق النار في الهواء، وبعد مناقشة قصيرة سمح للمراقبين ببعثة مينورسو باستكمال دوريتهم".
وأشار إلى أن "القائد المحلي لجبهة البوليساريو دان العمل غير المصرح به من قبل الجنود المتورطين"، لافتاً إلى "أن إجراءات تأديبية ستتخذ بحقهم".
وفي 4 إبريل/ نيسان الجاري، دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، المغرب وجبهة "البوليساريو" إلى ممارسة "أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب تصعيد التوتر"، بخصوص إقليم الصحراء المتنازع عليه.
وأعرب غوتيريس، آنذاك، في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن، عن القلق البالغ إزاء "احتمال عودة التوترات (بين المغرب والبوليساريو)، نتيجة عودة عناصر من جبهة البوليساريو إلى منطقة الكركارات (في إقليم الصحراء)، وطالب المجلس بتمديد مهام بعثة "مينورسو"، التي تنتهي في 30 إبريل/ نيسان الجاري، لمدة 12 شهراً إضافياً.
واعتبر التقرير أن قيام "البوليساريو" بنقل مقر منشآتها الإدارية والعسكرية من تندوف إلى منطقة شرق الجدار الأمني في إقليم الصحراء، "خطوة مرفوضة وغير قانونية (في حال حدوثها) لتغيير الحقائق على الأرض".