ونظمت مديرية السجون وإعادة الإدماج بالمغرب، فعاليات "الجامعة الصيفية" بالسجون، والتي تنتهي أنشطتها يوم غد الجمعة، بعد أن استمرت طيلة ثلاثة أيام، بهدف "تفعيل الدور المحوري للثقافة في إرساء التغيير البناء، ونبذ الغلو والتطرف".
وتتضمن أنشطة "الجامعة الصيفية"، التي يستفيد منها أكثر من مائتي سجين في المرحلة الأولى بمركز الإصلاح والتهذيب بمدينة سلا، استطاعوا المشاركة في مسار دراسي متفوق داخل المؤسسات السجنية، وحصلوا على شهادات مدرسية عليا، تنظيم مجموعة من المحاضرات، والورشات، وعروض مسرحية، وحفلات توقيع كتب بحضور مؤلفيها.
وتعمل السلطات بالمغرب على تأهيل السجناء للإدماج من خلال مبدأ التنوع والتطوير والاستجابة لحاجياتهم، ومقومات وشروط الإدماج بعد الإفراج، والتي دفعت إلى تنظيم "الجامعة الصيفية" من أجل مواكبة الجهود المبذولة من طرف السجناء، بقصد التكوين والتحصيل والتعلم.
وبحسب إحصائيات المندوبية العامة للسجون بالمغرب، فإن عدد السجناء المستفيدين من برامج محو الأمية والتعليم والتكوين المهني، ارتفع خلال السنوات الست الأخيرة بنسبة 100 في المائة، مقابل ارتفاع عدد السجناء بنسبة لا تتجاوز 26 في المائة، علاوة على تسطير أنشطة ثقافية ورياضية ودينية.
وعرفت السنة الماضية مشاركة أكثر من 22 ألف سجين في مسابقات محلية ووطنية، مختلفة المشارب والتخصصات، كما استفاد أكثر من 5 آلاف سجين خلال السنة الجارية من ورشات للمسرح والموسيقى والفن التشكيلي، دون احتساب برنامج تشغيل السجناء في ورشات حرفية ووحدات إنتاجية.
وواكبت السجون عدداً من السجناء الذين استطاعوا التفوق في مسارهم الدراسي داخل المعتقل، حيث قدمت لهم يد المساعدة لتأهيلهم من أجل تأسيس مقاولاتهم الخاصة، وإحداث مشاريعهم الصغيرة، بهدف حصولهم على بطاقة "المقاول الذاتي" عند الإفراج.
وأرجع المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، تنظيم تلك المبادرات داخل المؤسسات السجنية إلى "الرغبة في تكريس الأدوار الحاسمة التي يمكن أن تقوم بها الثقافة والفنون والتعليم، من أجل طرد شبح التطرف والغلو من السجون، حيث يخرج السجين مواطنا صالحا ونافعا، لا مشروعا إرهابيا يدمر نفسه ويدمر معه مجتمعه".
وشدد التامك خلال ملتقى "الجامعة الصيفية" بسجن سلا، على أنه "لا سبيل لتحقيق أي تقدم أو ازدهار في ظل التطرف والكراهية، إلا من خلال مبادرات تغذي الفكر في مختلف العلوم والمجالات، سواء الثقافية، أو الدينية، أو غيرها من المجالات"، داعيا إلى الإكثار من المبادرات الثقافية والفنية داخل السجون، لكونها "تفسح المجال لانفتاح العقل، وتقبل الاختلاف، والإبداع في مواجهة الجهل".
وبالرغم من هذه البرامج التي تهدف إلى محاربة التطرف داخل السجون من خلال أنشطة ثقافية وفنية ودينية لفائدة مئات النزلاء، فإن العائق الرئيسي وفق متابعين لشؤون السجون بالبلاد، يتمثل في ضعف البنيات التحتية المخصصة لبرامج الإدماج في العديد من سجون المملكة.