المغرب والجزائر... علاقة متجدّدة من بوابة الأمن

19 يوليو 2016
ملف الصحراء أساس التوتر بين البلدين (فضل سنّا/فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر مراقبون باهتمام كبير نتائج الرسالة التي وجّهها العاهل المغربي محمد السادس إلى الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، عبر الوزير المغربي المنتدب للشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، ومدير الإدارة العامة للدراسات والمستندات (الاستخبارات الخارجية) ياسين المنصوري، اللذين استقبلهما رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال، يوم الجمعة الماضي.

في هذا السياق، يُعزى اهتمام المراقبين والرأي العام السياسي لزيارة المسؤولين المغربيين إلى الجزائر، وتحميلهما رسالة خاصة وجّهها محمد السادس إلى بوتفليقة، من دون مناسبة وطنية أو دينية واضحة تستدعي ذلك، إلى كونها تعتبر الزيارة الأولى من هذا المستوى الرفيع لمسؤولين مغاربة إلى الجزائر.

زيارة المسؤولين الدبلوماسي والاستخباراتي إلى الجزائر، وما حملته من رسالة إلى بوتفليقة، تأتي في سياق توتر سياسي كبير يعتري العلاقات الثنائية بين البلدين الجارين منذ سنوات عديدة بسبب نزاع الصحراء، وفي خضم استمرار إغلاق الحدود البرية بين الطرفين، وأيضاً بعد أيام من انتخاب زعيم جديد لجبهة "البوليساريو" المطالبة بانفصال الصحراء عن المملكة.

وفيما رفض بوريطة الرد على سؤال لـ"العربي الجديد" بخصوص فحوى رسالة العاهل المغربي إلى الرئيس الجزائري، وأسباب الزيارة المفاجئة للمسؤولين المغاربة إلى الجزائر، اعتبرت أوساط دبلوماسية أن اللقاء ركّز خصوصاً على ضرورة التنسيق الأمني والاستخباراتي بين البلدين لمواجهة مد الإرهاب في المنطقة.

وكان مكتب رئيس الوزراء الجزائري، قد أورد من قبل أن اللقاء تمحور حول "العلاقات الثنائية، كما سمح بتبادل وجهات النظر حول التحديات التي تواجهها أفريقيا والعالم العربي، وأنه تم التركيز خلاله على الأمن الإقليمي، لا سيما مكافحة الإرهاب والجريمة الدولية المنظمة، والمسائل المتعلقة بالهجرة وإشكالية التنمية".



ويستدلّ متابعون على أن حدث زيارة بوريطة والمنصوري إلى الجزائر ليس بالشيء الاعتيادي أو الروتيني، بطبيعة المهام الدبلوماسية الموكلة إلى بوريطة منذ وصوله إلى وزارة الخارجية المغربية قبل أسابيع قليلة، وإلى المسؤوليات الاستخباراتية الخارجية والعسكرية التي يشرف عليها المنصوري.

ويبدو أن الجانب الأمني طغى أكثر على محادثات الوفد المغربي إلى الجزائر، بدليل طبيعة الشخصيات الجزائرية الحاضرة للجلسة، وهي وزير الشؤون المغاربية والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية عبد القادر مساهل، والمستشار الرئاسي المكلف بالتنسيق بين أجهزة الأمن الجنرال عثمان طرطاق.

من جهته، يعتبر الباحث السياسي، كمال القصير، أن "رسالة الملك محمد السادس إلى الرئيس بوتفليقة وطبيعة الوفد الذي حملها، الذي يضمّ الوزير المنتدب في الخارجية ومسؤول الاستعلامات الخارجية، ليس حدثاً عادياً في ظلّ التحولات التي تجري في المنطقة، وبشكل خاص ما يتعلق بقضية الصحراء، والأوضاع الجديدة لجبهة البوليساريو بعد وفاة قائدها محمد عبد العزيز".

ويرى القصير، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "اللقاء لا يعني تحوّلاً مؤثراً أو كبيراً في مسار العلاقة بين الدولتين، لأن الإشكالات بين الجانبين ذات بعد استراتيجي لا يحسمها هذا النوع من اللقاءات". وذلك رداً على من اعتبر أن اللقاء يشي بتحول ما في العلاقات المغربية الجزائرية، وبأنه قد يدفع إلى إذابة الجليد المتراكم في العلاقات بين البلدين.

ويستطرد المحلل ذاته بأن "الإشارات التي أظهرها هذا اللقاء تظهر أن هناك إمكانية لتحييد المشاكل السياسية وتبريدها، مقابل التنسيق الأمني الذي صار ضرورياً"، مبرزاً أن "الجزائر التي كانت تعترض على أي حضور أو تنسيق أمني للمغرب في الصحراء، ستجد نفسها واقعياً في حاجة للتنسيق الأمني وفصل المسارات السياسية عن المسارات الأمنية".

ويلفت القصير إلى أن "المغرب بات يطرق من جديد باب المنظمة الأفريقية، ويسعى إلى تموضع جديد في الاتحاد الأفريقي بما سيتيح له تأثيراً أكبر في محيطه"، مشدداً على أن "الجزائر لا تستطيع أن تتجاهل تنامي الدور المغربي في محيطه لتتعامل معه بواقعية مستقبلاً، بدليل الأزمة الليبية، إذ اقتنعت الجزائر بالدور السياسي للمغرب، ولو على مضض، في رسم المسار السياسي الليبي".