المغرب: مكفوفون وممرضون وأطباء يهددون بالهجرة الجماعية

08 أكتوبر 2018
اعتصام للمكفوفين في الرباط(فيسبوك)
+ الخط -
استفاق مكفوفون عاطلون عن العمل يطالبون بفرص شغل بالمغرب اليوم الاثنين، على وقع وفاة زميلهم صابر الحلوي الذي سقط ليل أمس من أعلى مبنى وزارة التضامن والأسرة حيث يعتصمون منذ أيام، ولفظ أنفاسه الأخيرة بعد نقله إلى المستشفى بالرباط.

وتصاعد احتجاج المعتصمين صباح اليوم الاثنين أمام وزارة التضامن والأسرة، وطالبوا بمحاسبة الحكومة على ما حصل، رغم أن الوفاة كانت عرضية وليست انتحاراً وفق تقرير الطب الشرعي، نتيجة انزلاق رجل المكفوف وسقوطه من سطح البناية.

وفي الوقت الذي أعلنت فيه وزارة التضامن والأسرة عن "فتح تحقيق في الحادث من طرف السلطات المعنية تحت إشراف النيابة العامة"، تعالت تهديدات مكفوفين بالهجرة الجماعية خارج البلاد، احتجاجا على أوضاعهم التي يعتبرونها مزرية بسبب عدم التوفر على فرص شغل.


وليس المكفوفون وحدهم من باتوا يهددون بالهجرة الجماعية احتجاجاً على أوضاعهم، بل سبق لسكان بيوت الصفيح (كاريان حسيبو) بالدار البيضاء أن هددوا قبل أيام قليلة بالهجرة الجماعية إلى مدينة سبتة الواقعة تحت السيادة الإسبانية، رافضين هدم السلطات المحلية بيوتهم القصديرية.

ويهدد ممرضون وأطباء عاملون في المستشفيات العمومية أيضا بالهجرة الجماعية خارج البلاد، احتجاجا على عدم تلبية الحكومة لمطالبهم التي يعتبرونها مشروعة، إذ قرروا تنظيم إضراب وطني يوم الخميس المقبل باستثناء مصالح المستعجلات والإنعاش، كما من المقرر أن يقيموا أسبوع "غضب الطبيب" من 15 إلى 21 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.


يقول الطبيب العام محمود الرباطي، لـ"العربي الجديد"، "إن التهديد بالهجرة الجماعية للأطباء ليس موضة احتجاجية تساير مطالب الهجرة الجماعية مثل الشباب الذين يرغبون في "الحريك" نحو إسبانيا، بل هو مطلب أطباء ما عادوا يثقون بوعود الحكومة الرافضة للتجاوب مع مطالبهم، التي لا تحتاج سوى إلى إرادة سياسية للإصلاح".

ويتابع المتحدث أن "منظومة الصحة في البلاد تعاني من اختلالات كثيرة، وبات الطبيب يتحمل تبعاتها أمام المواطنين، ما يدفع زوار المستشفيات الحكومية ومرضاها إلى صبّ جام غضبهم على الطبيب ويخربون الممتلكات ويعتدون على الطواقم الطبية"، مبرزا أن "البنى الصحية متردية كما أن الموارد البشرية تعاني من الفقر".

ويعلق عضو مركز الأبحاث الاجتماعية بجامعة الرباط، كريم عايش، في تصريح لـ"العربي الجديد"، بالقول: "أمام تنامي المطالب الاجتماعية في مختلف القطاعات وعجز الحكومة عن الاستجابة لها، صار المحتجون يبدعون أساليب جديدة من أجل ضغط أكبر على المسؤولين".

ويتابع عايش أن تلك "الاحتجاجات مطلبية كما يفعل الأساتذة المتعاقدون والأطباء، واعتراضية كذلك على قرارات إدارية وسلطوية كالتي تحدث لدور الصفيح والأحياء العشوائية، وتروم مطالبة الدولة بتوفير حقوق أقرها الدستور؛ من شغل وسكن وحياة كريمة وفق الحاجات الاجتماعية للمغاربة".
ويلفت الباحث إلى أنه "في معادلة الهجرة الجماعية هناك عامل مجهول لا يستطيع حتى الراغبون في الهجرة أنفسهم تخمين ماهيته، ألا وهو مدى قبول أو رفض الطرف الآخر، فليس التلويح بالهجرة الجماعية إلى أوروبا يعني قبول الأخيرة بهم. لأن ذلك يخضع لتدابير قانونية طويلة ومعقدة مثل اللجوء السياسي أو الاجتماعي الذي يخضع هو أيضا لشروط مسبقة".

ويعتبر عايش أن "الأجدر كان تحاشي التلويح بالهجرة الجماعية احتراماً لكرامة المغاربة، والعمل على ابتداع أساليب احتجاجية قانونية تتماشى ومضامين ملفهم المطلبي دون الإضرار بجوهر المطالب، ولا بنصوص القانون وسلامتهم وأمنهم، والعمل على إيجاد أرضية توافقية للحوار والتفاوض".