منذ مدة، تتفاعل المنطقة المغاربية بكثافة على المستوى السينمائي. هذه مؤشّرات: في بداية ديسمبر/كانون الأول الجاري، فاز التونسي نضال سعدي بجائزة أفضل ممثل، عن دوره في فيلم "في عينيا" لنجيب بلقاضي، في الدورة الـ17 (30 نوفمبر/تشرين الثاني ـ 8 ديسمبر/كانون الأول 2018) لـ"المهرجان الدولي للفيلم في مراكش".
في منتصف الشهر نفسه، ترأّس المخرج الجزائري أحمد راشدي لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة الأولى (10 ـ 15 ديسمبر/كانون الأول 2018) لـ"مهرجان الفيلم العربي في الدار البيضاء". في نهايته، يُشارك الفيلم الجزائري "السعداء" لصوفيا جاما في مسابقة "مهرجان خريبكة".
في يوليو/تموز الفائت، افتتح فيلم "بلا موطن" لنرجس النجار الدورة الـ29 (3 ـ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018) لـ"أيام قرطاج السينمائية"، وشارك "العزيزة" لمحسن البصري في مسابقتها الرسمية.
إلى ذلك، فاز "دوار البوم" لعز العرب العلوي بجائزتين في الدورة الـ11 (25 يوليو/تموز ـ 1 أغسطس/آب 2018) لـ"مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي" في الجزائر. في يونيو/حزيران الماضي، حصل "إلى آخر الزمان" لياسمين الشويخ على الجائزة الكبرى في الدورة الـ7 (23 ـ 27 يونيو/حزيران 2018) لـ"مهرجان وجدة للفيلم المغاربي"، ونال بطل الفيلم جيلالي بوجمعة جائزة أحسن ممثل في الدورة الـ12 (24 ـ 29 سبتمبر/أيلول 2018) لـ"مهرجان سلا لفيلم المرأة" عن دوره فيه.
اقــرأ أيضاً
هذه صورة مُثمرة للحصاد السينمائي المغاربي، يقابلها وضع سياسي مقلق. في المنطقة "جمود سياسي مُفزع، والخسائر فادحة للجميع"، بحسب الطيب البكوش، الأمين العام للاتحاد المغاربي. بين المغرب والجزائر، تتحرّك الحدود الثقافية وتنفتح، بينما الحدود الجغرافية مغلقة. الحملات الإعلامية التشهيرية المتبادلة بين البلدين مستمرة. النظام المغربي ينفر من رئيس الوزراء التونسي، لكنه معجب بالرئيس التونسي. الحكومة المغربية لا تمنح تأشيرة دخول للفنانين الليبيين لزيارة المغرب.. إلخ.
رغم هذا، حافظ المشهد السينمائي على وتيرته بفضل الاستقرار السياسي، إذْ لا توجد حروب في بلدان المغرب العربي، والصراعات تُدار بعقلانية، لذا فالبارود صامت.
عودة إلى حصاد السينما المغاربية لعام 2018 بمقاربة منفصلة لا وحدوية.
مغربيًا، حصل أكثر من 20 فيلمًا طويلاً على دعم رسمي مالي، وتمّ تصوير نحو 50 فيلمًا قصيرًا. لا يمكن حصر الأرقام قبل فبراير/شباط 2019، حين يُصدر "المركز السينمائي المغربي" تقريره. كل عام، يصدر المركز حصيلة موثّقة ومرقّمة، وهذا غير متوافر في تونس والجزائر.
نال "وليلي" لفوزي بنسعيدي 5 جوائز في الدورة الـ19 (9 ـ 17 مارس/آذار 2018) لـ"المهرجان الوطني للفيلم بطنجة"، و"الجاهلية" لهشام العسري 4. في الصالات التجارية، حطّم "الحنش" لإدريس المريني أرقام المُشاهدة كلّها، وصار الممثل عزيز دادس بطلاً قوميًا مغربيًا بفضل دوره فيه. بينما احتل "الجاهلية" واجهة الجدل، لأن العسري يزعم أن جاهلية قريش ممتدة إلى هذا الزمن، بينما يُفترض بها أن تكون قد ذهبت مع قريش.
نظّم المغرب أكثر من 80 مهرجانًا سينمائيًا بأحجام مختلفة. هذا العام، عاد "مهرجان مراكش الدولي للفيلم".
اقــرأ أيضاً
من ناحية أخرى، جاب فيلمان تونسيان العالم كلّه وعُرضا في مهرجانات كثيرة: "على كفّ عفريت" لكوثر بن هنية، و"بنزين" لسارة العبيدي. يسرد الأول قصّة شابّة مُغتَصَبة تواجه جهازًا بوليسيًا متماسكًا يحمي أفراده بعضهم بعضًا ضد أحلام التغيير التي أغوت الشباب. بينما يتناول الثاني المشهد الخلفي لربيع تونس، في جنوب البلد على الحدود الليبية، حيث يجد شاب أن "الحريق"، أي الهجرة، أجدى له من إحراق جسده كما فعل محمد البوعزيزي.
في هذين الفيلمين، ظهر أن هناك موجة مخرجات سينمائيات تونسيات تحفرن طريقهنّ في الصخر. شاركت بن هنية بفيلمٍ قصير بعنوان "بطيخ الشيخ" في الدورة الثانية (20 ـ 28 سبتمبر/أيلول 2018) لـ"مهرجان الجونة السينمائي"، وهذه علامة حبّ للسينما، لأن جُلّ المخرجين يقطعون علاقتهم بالفيلم القصير بعد إنجاز أول روائي طويل لهم.
على صعيد المهرجانات، أكّدت "أيام قرطاج الـ29" صمودها وجاذبيتها، رغم وقوع تفجير انتحاري قبيل انطلاقها. حصل الفيلم التونسي "فتوى" لمحمود بن محمود على التانيت الذهبي، وحصل "صوفيا" للمغربية مريم بنمبارك على تنويه خاص.
جزائريًا، برز "إلى آخر الزمان" لياسمين الشويخ، و"السعداء" لصوفيا جاما. الأول فيلم قروي مطمئن ومشبع بوعي سعيد؛ والثاني فيلم مديني، فيه توتر طبقة وسطى تصطدم طموحاتها بإكراهات الواقع، وترى أن البديل هو الفرار من البلد.
في هذه الأجواء، أعلن المخرج بشير درايس أنّ الحكومة الجزائرية قرّرت، رسميًا، منع عرض "العربي بن مهيدي" الذي يروي سيرة أحد مفجّري الثورة الجزائرية. نشرت صحيفة جزائرية خبرًا عن مشروع إنتاج فيلم عن حياة فرانز فانون. يبدو أن سرد وقائع الثورة بعينِ أجنبيّ سيكون مقبولاً أكثر من سردها من أحد أبطالها الوطنيين. يعتاش النظام من الثورة ويستمد منها شرعيته. في "السعداء"، لا نجد رائحة الثورة. واجه الفيلم مشاكل في عرضه.
اللافت للانتباه، في محاولة تبيان الحصاد السينمائيّ لعام 2018، صعوبة الحصول على معطيات إحصائية في تونس والجزائر، بينما يُصدر "المركز السينمائي المغربي" بلاغات دورية وحصيلة سنوية تتضمّن عدد الأفلام المدعومة والمُصوَّرة، وعدد قاعات العرض، وعدد التذاكر المُباعة، وعدد المهرجانات وتواريخها وأمكنتها، وهذا كلّه في وثيقة واحدة شاملة.
في منتصف الشهر نفسه، ترأّس المخرج الجزائري أحمد راشدي لجنة تحكيم المسابقة الرسمية للدورة الأولى (10 ـ 15 ديسمبر/كانون الأول 2018) لـ"مهرجان الفيلم العربي في الدار البيضاء". في نهايته، يُشارك الفيلم الجزائري "السعداء" لصوفيا جاما في مسابقة "مهرجان خريبكة".
في يوليو/تموز الفائت، افتتح فيلم "بلا موطن" لنرجس النجار الدورة الـ29 (3 ـ 10 نوفمبر/تشرين الثاني 2018) لـ"أيام قرطاج السينمائية"، وشارك "العزيزة" لمحسن البصري في مسابقتها الرسمية.
إلى ذلك، فاز "دوار البوم" لعز العرب العلوي بجائزتين في الدورة الـ11 (25 يوليو/تموز ـ 1 أغسطس/آب 2018) لـ"مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي" في الجزائر. في يونيو/حزيران الماضي، حصل "إلى آخر الزمان" لياسمين الشويخ على الجائزة الكبرى في الدورة الـ7 (23 ـ 27 يونيو/حزيران 2018) لـ"مهرجان وجدة للفيلم المغاربي"، ونال بطل الفيلم جيلالي بوجمعة جائزة أحسن ممثل في الدورة الـ12 (24 ـ 29 سبتمبر/أيلول 2018) لـ"مهرجان سلا لفيلم المرأة" عن دوره فيه.
هذه صورة مُثمرة للحصاد السينمائي المغاربي، يقابلها وضع سياسي مقلق. في المنطقة "جمود سياسي مُفزع، والخسائر فادحة للجميع"، بحسب الطيب البكوش، الأمين العام للاتحاد المغاربي. بين المغرب والجزائر، تتحرّك الحدود الثقافية وتنفتح، بينما الحدود الجغرافية مغلقة. الحملات الإعلامية التشهيرية المتبادلة بين البلدين مستمرة. النظام المغربي ينفر من رئيس الوزراء التونسي، لكنه معجب بالرئيس التونسي. الحكومة المغربية لا تمنح تأشيرة دخول للفنانين الليبيين لزيارة المغرب.. إلخ.
رغم هذا، حافظ المشهد السينمائي على وتيرته بفضل الاستقرار السياسي، إذْ لا توجد حروب في بلدان المغرب العربي، والصراعات تُدار بعقلانية، لذا فالبارود صامت.
عودة إلى حصاد السينما المغاربية لعام 2018 بمقاربة منفصلة لا وحدوية.
مغربيًا، حصل أكثر من 20 فيلمًا طويلاً على دعم رسمي مالي، وتمّ تصوير نحو 50 فيلمًا قصيرًا. لا يمكن حصر الأرقام قبل فبراير/شباط 2019، حين يُصدر "المركز السينمائي المغربي" تقريره. كل عام، يصدر المركز حصيلة موثّقة ومرقّمة، وهذا غير متوافر في تونس والجزائر.
نال "وليلي" لفوزي بنسعيدي 5 جوائز في الدورة الـ19 (9 ـ 17 مارس/آذار 2018) لـ"المهرجان الوطني للفيلم بطنجة"، و"الجاهلية" لهشام العسري 4. في الصالات التجارية، حطّم "الحنش" لإدريس المريني أرقام المُشاهدة كلّها، وصار الممثل عزيز دادس بطلاً قوميًا مغربيًا بفضل دوره فيه. بينما احتل "الجاهلية" واجهة الجدل، لأن العسري يزعم أن جاهلية قريش ممتدة إلى هذا الزمن، بينما يُفترض بها أن تكون قد ذهبت مع قريش.
نظّم المغرب أكثر من 80 مهرجانًا سينمائيًا بأحجام مختلفة. هذا العام، عاد "مهرجان مراكش الدولي للفيلم".
من ناحية أخرى، جاب فيلمان تونسيان العالم كلّه وعُرضا في مهرجانات كثيرة: "على كفّ عفريت" لكوثر بن هنية، و"بنزين" لسارة العبيدي. يسرد الأول قصّة شابّة مُغتَصَبة تواجه جهازًا بوليسيًا متماسكًا يحمي أفراده بعضهم بعضًا ضد أحلام التغيير التي أغوت الشباب. بينما يتناول الثاني المشهد الخلفي لربيع تونس، في جنوب البلد على الحدود الليبية، حيث يجد شاب أن "الحريق"، أي الهجرة، أجدى له من إحراق جسده كما فعل محمد البوعزيزي.
في هذين الفيلمين، ظهر أن هناك موجة مخرجات سينمائيات تونسيات تحفرن طريقهنّ في الصخر. شاركت بن هنية بفيلمٍ قصير بعنوان "بطيخ الشيخ" في الدورة الثانية (20 ـ 28 سبتمبر/أيلول 2018) لـ"مهرجان الجونة السينمائي"، وهذه علامة حبّ للسينما، لأن جُلّ المخرجين يقطعون علاقتهم بالفيلم القصير بعد إنجاز أول روائي طويل لهم.
على صعيد المهرجانات، أكّدت "أيام قرطاج الـ29" صمودها وجاذبيتها، رغم وقوع تفجير انتحاري قبيل انطلاقها. حصل الفيلم التونسي "فتوى" لمحمود بن محمود على التانيت الذهبي، وحصل "صوفيا" للمغربية مريم بنمبارك على تنويه خاص.
جزائريًا، برز "إلى آخر الزمان" لياسمين الشويخ، و"السعداء" لصوفيا جاما. الأول فيلم قروي مطمئن ومشبع بوعي سعيد؛ والثاني فيلم مديني، فيه توتر طبقة وسطى تصطدم طموحاتها بإكراهات الواقع، وترى أن البديل هو الفرار من البلد.
في هذه الأجواء، أعلن المخرج بشير درايس أنّ الحكومة الجزائرية قرّرت، رسميًا، منع عرض "العربي بن مهيدي" الذي يروي سيرة أحد مفجّري الثورة الجزائرية. نشرت صحيفة جزائرية خبرًا عن مشروع إنتاج فيلم عن حياة فرانز فانون. يبدو أن سرد وقائع الثورة بعينِ أجنبيّ سيكون مقبولاً أكثر من سردها من أحد أبطالها الوطنيين. يعتاش النظام من الثورة ويستمد منها شرعيته. في "السعداء"، لا نجد رائحة الثورة. واجه الفيلم مشاكل في عرضه.
اللافت للانتباه، في محاولة تبيان الحصاد السينمائيّ لعام 2018، صعوبة الحصول على معطيات إحصائية في تونس والجزائر، بينما يُصدر "المركز السينمائي المغربي" بلاغات دورية وحصيلة سنوية تتضمّن عدد الأفلام المدعومة والمُصوَّرة، وعدد قاعات العرض، وعدد التذاكر المُباعة، وعدد المهرجانات وتواريخها وأمكنتها، وهذا كلّه في وثيقة واحدة شاملة.