مع تقديم أوراق ترشحه للرئاسة الروسية، أصبح مؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، أليكسي نافالني (41 عاما)، هو الوجه الرئيسي للمعارضة "غير النظامية" الروسية في انتخابات عام 2018 رغم توقعات مؤكدة بفوز الرئيس الحالي، فلاديمير بوتين، بولاية رابعة مدتها ست سنوات. وعلى الرغم من قبول لجنة الانتخابات المركزية أوراق ترشحه، إلا أن خوضه سباق الانتخابات لا يزال على المحك بسبب إدانته بالسجن لمدة خمس سنوات مع وقف التنفيذ، في قضية "التلاعب" في شركة "كيروفليس".
وفي هذا الإطار، يقلل رئيس مركز الدراسات السياسية في موسكو، بوريس ماكارينكو، من فرص نافالني في المشاركة في الانتخابات، معتبرا في الوقت نفسه أنه سياسي واعد وسيستغل حملة الانتخابات لزيادة شعبيته بصرف النظر عن القرار النهائي للجنة الانتخابات.
ويقول ماكارينكو لـ"العربي الجديد" "لن يشارك نافالني في الانتخابات إلا في حال حدوث تغييرات كبيرة، مثل رد الاعتبار له أو تعديل القانون بما يسمح للمدانين مع وقف التنفيذ بممارسة الحقوق السياسية، وإلا ستمنعه لجنة الانتخابات من الترشح في نهاية المطاف".
وحول المستقبل السياسي لنافالني في حال استبعاده من الانتخابات، يضيف ماكارينكو "يحظى نافالني بدعم كبير نسبياً لاسيما بين الشباب في المدن الكبرى، ويتبع سلوكا وكأنه مرشح للرئاسة. أتوقع له مستقبلا سياسيا، في ظل قلة الوجوه الشابة وتقدم الشخصيات السياسية الرئيسية في العمر، وتجاوزهم حاجز الـ70 عاما، كما هو حال زعيمي الحزب الليبرالي الديمقراطي، فلاديمير جيرينوفسكي، والحزب الشيوعي، غينادي زيوغانوف، الذي قرر عدم الترشح هذه المرة، ودفع بمرشح بديل".
وفي ظل الترجيحات باستبعاد نافالني وغياب أي مرشح يمكنه منافسة بوتين، يتوقع ماكارينكو أن تكون المنافسة الرئيسية على المرتبتين الثانية والثالثة بين جيرينوفسكي ومرشح الحزب الشيوعي، بافيل غرودينين، وعلى المرتبتين الرابعة والخامسة بين أحد مؤسسي حزب "يابلوكو" غريغوري يافلينسكي، والإعلامية كسينيا سوبتشاك التي تقدم نفسها كمرشحة "ضد الجميع".
ويرجّح أن"يصوت الناخبون من أصحاب التوجهات الليبرالية والشباب في موسكو وبعض المدن الكبرى لصالح سوبتشاك ويافلينسكي، مثلما صوتوا في انتخابات عام 2012 لرجل الأعمال ميخائيل بروخوروف، الذي حصل على 8 في المائة من الأصوات".
تدرك سوبتشاك أن لا ناخبين لها سوى أنصار نافالني، ولذلك أكدت استعدادها للانسحاب لصالحه في حال تمكن من الترشح، خاصة وأنه يحظى بنسب تأييد أعلى.
على مدى عام 2017، تصدر اسم نافالني عناوين الصحافة في مناسبات عدة، بين إصداره تقارير حول استشراء الفساد بين النخبة السياسية الروسية، ولعل الأهم بتنظيمه احتجاجات واسعة النطاق في عشرات المدن الروسية في مارس/آذار الماضي، وإثبات قدرته على تعبئة المتظاهرين الشباب المطالبين بالتغيير.
وفي مقال بعنوان "كيف حوّل الكرملين الانتخابات إلى الاستفتاء على عدم الثقة في نافالني؟"، يتوقع الصحافي المعارض الروسي، أوليغ كاشين، ألا يتم السماح لنافالني بخوض الانتخابات في نهاية المطاف، مما سيجعل السباق إلى الكرملين "منقوصا".
ويوضح كاتب المقال الذي نُشر بصحيفة "ريبابليك" الإلكترونية الإثنين، أن "قرار السماح بالترشح من عدمه، لا يُتخذ في لجنة الانتخابات المركزية"، مرجحا أن "الكرملين يعتزم الإظهار حتى آخر لحظة أنه لم يتخذ القرار النهائي بعد، لخلق لغز حول حملة لانتخابات".
ويعتبر كاشين أنه إلى جانب حملة نافالني على مدار العام، كانت هناك حملة أخرى قادتها السلطة بين تشويه صورته، وزيادة اهتمام بوتين بالشباب والمستقبل بشكل عام، والدفع بمرشحين جدد أمثال سوبتشاك وغرودينين كرد فعل على نقص وجوه جديدة.
كما يذكّر بأنه على مدى عام، لم تكن هناك أي شكوك في السيناريو الاعتيادي للانتخابات الرئاسية، بحيث يفوز بوتين "في منافسة شرسة" مع زيوغانوف وجيرينوفسكي "الدائمين"، وهو السيناريو الذي كان يتصدى له نافالني.
ويضيف كاشين أن الكرملين نفسه قرر الاستجابة لـ"التطلعات الحقيقية أو الوهمية" لأنصار نافالني الذين يشكون قلة الوجوه السياسية الجديدة، لافتاً إلى أنه "في حال كان بوتين يريد أن تتم إعادة انتخابه بنزاهة، فهذا العام لم يترك له خيارا سوى إجراء الانتخابات بمشاركة نافالني".
وكان نافالني قد تقدم مساء الأحد بأوراق ترشحه إلى لجنة الانتخابات المركزية بعد أن نال تأييد 742 عضوا بمجموعة المبادرة الشعبية التي نظمت تجمعات في نحو 20 مدينة روسية. وفي كلمة أمام أنصاره، أكد نافالني أنه يعتزم الفوز و"تغيير السلطة"، متوعدا ببدء حملة مقاطعة الانتخابات ما لم يتم تسجيله كمرشح.