وتابع الحريري، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد لقاء المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا، إن وفد المعارضة قدّم للأخير ورقتين، الأولى حول الأوضاع الإنسانية، التي وصفها بالكارثية، والثانية تتعلّق بانتهاكات النظام، ومن ضمنها استخدام الغاز، واصفًا المباحثات اليوم بأنها "إيجابية".
وتناول في معرض حديثه الأوضاع الميدانية، متطرقًا إلى أعداد القتلى من المدنيين منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي، مطالبًا المجتمع الدولي بالتدخل "مع استمرار النظام بممارسة الإرهاب والقتل"، من خلال إجراءات حاسمة "من أجل الضغط على النظام ووقف التصعيد من قبله والقوى الداعمة له". وأكد الحريري أن وفده "مصمم على المضي قدمًا من أجل إيجاد حلّ سياسي"، رافضًا، في الوقت نفسه، ما وصفه بـ "محاولات حرف جنيف عن مسارها".
وأبدى الحريري أمله بألا "تراهن روسيا على شخص زائل قتل الشعب السوري". وتمنّى أن يكون اللقاء القادم مع المبعوثين الروس غدًا "مقدمة لاتخاذ موسكو موقفًا مختلفًا من قضية الشعب السوري".
وتعقيبًا على محاولات النظام التركيز على "محاربة الإرهاب" في مفاوضات جنيف، قال الحريري إن النظام السوري لعب بورقة الإرهاب كي يشوه صورة الثورة السورية، متّهمًا قوات النظام السوري بالتنسيق مع تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) قرب مدينة الباب ضدّ "الجيش الحر". ووعد الصحافيين بتزويدهم بوثائق تثبت هذا الأمر، الذي تطرّق إليه أيضًا المتحدث الرسمي باسم وفد المعارضة، سالم المسلط، خلال حديث مع "العربي الجديد"، اليوم الإثنين، من خلال الإشارة إلى ما أسماه "التسلم والتسليم في تدمر".
ويبدو أن المعارضة السورية في جنيف ترفض أيضا رفضًا قاطعًا ما وصفه أعضاء في الوفد لـ"العربي الجديد" بـ"محاولات الاستفزار من قبل النظام لكي ننسحب، ولن نمنحه هذه الفرصة مطلقًا".
من جانب آخر، توقع المراقبون والسياسيون الحاضرون في جنيف أن "يستمر دي ميستورا بطريقته في آليات التفاوض والبحث حتى يوم الجمعة، بحيث لا تنهار المفاوضات، بل تنتهي بشكل سلس دون انسحابات، على أن يعود إلى جنيف أعضاء الوفود بعد أسبوعين من إنهاء الجلسة".
وعلاقة بمحاولات المبعوث الدولي إنهاء هذه الجولة من المباحثات بشكل سلس، ذكرت مصادر أنّ دي ميستورا "يعمل ببطء من خلال اللقاءات المنفردة مع الوفود، دون الخوض في تفاصيل المفاوضات مع تلك الوفود كلّها، فلو كان دي ميستورا بالفعل حريصًا على الدخول الفوري في مفاوضات الانتقال السياسي؛ لكان على الأقل استجاب لدعوة المعارضة بأن تكون المفاوضات مباشرة، دون انتظار وتضييع كل هذا الوقت".
من جهة أخرى، عبّرت مصادر إعلامية مرافقة لوفد المعارضة السورية في مقر إقامته بجنيف لـ"العربي الجديد"، عن شعورها بأن المبعوث الأممي "يحاول من خلال اقتراحه لجانًا لدراسة ورقته التي قدمها لوفدي النظام والمعارضة تيسير عملية التفاوض، بحيث لا تصل إلى حافة الهاوية وتنهار المفاوضات".
ورأى مراقبون وأعضاء في الائتلاف أن "طلب روسيا الالتقاء بوفد المعارضة غدًا، يشير إلى استشعار موسكو مأزقا حقيقيًّا في موقف النظام من العملية السلمية، ومحاولته، مع داعميه، تخريب ما يجري وجرى أيضًا في أستانة"، بينما يقول آخرون إن "روسيا متورطة تمامًا في مجازر القتل المستمرة حتى بعد ضمانها مسألة وقف النار".
يذكر أن مخاوف سادت بين بعض أعضاء الوفد السوري المعارض من "محاولات موسكو جعل جنيف عملية تسلسلية مثلما كانت عليه أستانة، بمعنى الانتقال إلى عملية جعل الأمم المتحدة هامشية بقراراتها، في ظل غياب موقف أميركي واضح من القضية السورية، وما يجري حتى هنا في جنيف".
ووصف مصدر غربي في جنيف، لـ"العربي الجديد"، محاولة إنهاء المفاوضات بهذا الشكل بأنه "أمر واقعي ومعقول في ظل غياب استمر لوقت طويل، وجرت فيه متغيرات كثيرة منذ جنيف 3".
وأضاف: "لقد أملنا أن تكون المواقف الروسية المتغيرة، باعترافها ومفاوضتها للقوى العسكرية المعارضة للنظام، والتي أشار إليها الحريري في مؤتمره الصحافي، مقدمة للدخول في صلب الموضوع. وبكل وضوح ما زلنا نأمل بأن طلبهم عقد اجتماع في جنيف مع المعارضة ربما يحمل متغيرًا، ولو صغيرًا، يفتح نافذة لممارسة ضغط على دمشق لتليين مواقفها، بحيث ننتقل في الجلسات القادمة للتطرق إلى نقاط 2254 وجنيف1".
المصدر الغربي نفسه كان، حتى قبيل وقت قصير من طلب روسيا اللقاء بالمعارضة غدًا، يتفق تمامًا مع المعارضة السورية في توجّسها من مواقف روسية للضغط على المبعوث الدولي. لكنه اليوم أبدى بعض التفاؤل حيال ذلك.
وفي سياق آخر، ووفق معلومات تداولها مقربون من النظام أكدتها مصادر إعلامية لـ"العربي الجديد"، ينتظر أن يتلقي وفد إيراني بوفد النظام السوري على هامش مشاركته في اجتماع مجلس حقوق الإنسان في جنيف.