جاء ذلك في وقت نشرت وزارة الخارجية الروسية، قائمة بالمنظمات والجماعات التي تمت دعوتها للمشاركة بالمؤتمر، ويستعرض "العربي الجديد" في الأسفل هذه الأحزاب التي يقطن معظمها في دمشق تحت سلطة النظام.
وقال المتحدث باسم وفد المعارضة السورية إلى "أستانة " يحيى العريضي، إن" الموقف من المؤتمر سلبي، لأنّ روسيا تتصرّف في سورية كدولة احتلال".
وأضاف العريضي في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن " المؤتمر خارج إطار الأمم المتحدة، وحتى لو قالت روسيا إنّها سوف تنسق مع الأمم المتحدة، فإنّه كلام غير مقبول، لأن هذا الأمر لو كان صحيحاً، لكانت روسيا طبّقت بيان جنيف والقرارات التي شاركت هي في صياغتها".
وتساءل العريضي: "ما المبرّر من هذه المجموعة الجديدة سواء كانت في حميميم أو سوتشي ما دام هناك مسار سابق في جنيف".
واعتبر أن "نوعية من سيحضرون يشبهون النظام، وما سيحدث في المؤتمر هو أن النظام السوري سيحاور نفسه في سوتشي، فليحاور نفسه في أفرع المخابرات بدلاً من هذا المؤتمر"، موضحاً أن "الجهات التي ستحضر هي إمّا أُجبرت على المصالحة تحت الحصار والدمار والتجويع، أو من الأحزاب اللي أفرزتها أفرع المخابرات وعلي مملوك وجميل حسن، وفي كلا الحالتين هم ناس مُهانون".
من جهته، قال رئيس الدائـرة الإعلامية في الائتلاف السوري أحمد رمضان: "إن الائتلاف لن يشارك في أي مفاوضات مع النظام خارج إطار جنيف ووفق قرارات مجلس الأمن، ودون رعاية الأمم المتحدة".
واعتبر رمضان في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "دعوة روسيا لعقد مؤتمر للسوريين في سوتشي هي محاولة للالتفاف على جنيــف والإرادة الدولية في الانتقال السياسي في سورية وفق قرارات مجلس الأمن وتحت رعاية الأمم المتحدة".
وأوضح أنه إذا كانت القيادة الروسية جادة في دعم العملية السياسية، عليها الضغط على نظام الأسد للمشاركة في جنيف والالتزام بقرارات مجلس الأمن والدخول في مفاوضات مباشرة وجدية، معتبراً أن "روسيا ليست طرفاً محايداً في القضية السورية، بل طرف منحاز إلى جانب نظام الأسد، ودافعت عنه عسكرياً وسياسياً، بما في ذلك استخدامها حق النقض 9 مرات في مجلس الأمن لتمكين مجرمي الحرب من الإفلات من العقاب".
وأكّد رمضان أن روسيا "تتحمّل المسؤولية المباشرة عن جرائم الحرب التي ارتكبتها في سورية منذ تدخلها العسكري في أيلول 2015، مما تسبب في مقتل آلاف السوريين، من بينهم أطفال ونساء، إضافة إلى مسؤوليتها عن جرائم الإبادة واستخدام الأسلحة الكيميائية والمحرمة من قبل نظام الأسد والمليشيات الإرهابية الإيرانية، وتهجير عشرات آلاف المدنيين من بيوتهم تحت القصف والتدمير".
ورأى أنّ روسيا "تسعى لتمزيق الشعب السوري إلى (شعوب)، وتفتيت وحدة سورية، بهدف بسط نفوذها وهيمنتها، مما يفقدها صفة أن تكون طرفاً وسيطاً أو ضامناً"، لافتاً إلى أنّه "بعد 7 جولات من أستانة، ما زالت ملفات المعتقلين وفك الحصار وإدخال المساعدات معلَّقة، وتقع على عاتق روسيا المسؤولية الرئيسية في ذلك إلى جانب نظام الأسد".
وفي السياق ذاته، قال رئيس "المجلس الوطني الكردي" عثمان مسلم أنه حتى الآن لم "نتبلّغ بالدعوة بشكل رسمي، وفي حال تلقيها سوف نحولها للأمانة العامة ليتم مناقشتها".
وأضاف مسلم في تصريحٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "كموقف مبدئي نحن جزء من قوى الثورة والمعارضة وجزء من الائتلاف والهيئة العليا للمفاوضات"، مضيفاً: "من بين العدد الكبير للوفود المدعوة للمؤتمر، نحن لا نعرف سوى 5 أو 6 جهات ممثّلة للسوريين على الأرض".
واعتبر مسلم، أن "الدعوة الروسية للأطراف السورية ميتة قبل أن تولد بسبب إشراك أطراف غير أساسية كالأحزاب الـ 18 الموجودة قرب القصر الجمهوري في حي المهاجرين بدمشق".
ورأى أن الدعوة يجب أن توجه إلى "أهالي حمص وحلب ودرعا البلد والقامشلي وعامودا الذين هُجّر منهم أكثر من 250 ألف مدني، نتيجة ضغوطات حزب الاتحاد الديمقراطي والنظام السوري".
وتابع مسلم: "نحن لا نرى الخير بهذه الدعوة وخاصة أنّها جاءت من طرف يقصف الشعب السوري والمدن السورية يومياً، ولكن روسيا دولة فاعلة، وفي حال اتخذنا قرار الرفض فسوف نقوم بذلك بشكل سياسي ودبلوماسي" خاتماً كلامه بالقول أنّ "المؤتمر هو عبارة عن طريقة ضغط روسية جديدة على السوريين للوصول إلى تسوية تخدم النظام السوري ولا تخدم السوريين".
وكان عضو الهيئة العليا للمفاوضات والقيادي في "جيش الإسلام" محمد علوش قد قال في تصريحات صحافية "إن الثورة ترفض هذا المؤتمر، وهو بين النظام والنظام".
ونقلت وكالة "رويترز" عن علوش قوله: "إن الهيئة العليا تفاجأت بذكر اسمها في قائمة الدعوة وهي بصدد إصدار بيان مع قوى أخرى يحدد الموقف العام الرافض لهذا المؤتمر".
قائمة المدعوين
نشرت وزارة الخارجية الروسية، قائمة بالمنظمات والجماعات التي تمت دعوتها للمشاركة في مؤتمر سوتشي، وهو المؤتمر نفسه الذي كانت تخطط روسيا لعقده في قاعدة حميميم باسم "مؤتمر شعوب سورية"، لكنها عادت وعدلت اسم المؤتمر ومكان انعقاده بعد اعتراضات مبكرة عليه من جانب العديد من القوى الداخلية والخارجية.
والواقع أن قراءة سريعة للأحزاب والقوى المدعوة للمشاركة في هذا المؤتمر لا يمكن أن تخطئ الهدف الروسي المتمثل في تهميش وتحجيم المعارضة "الحقيقية" للنظام لصالح معارضات تعتبر في جلها من تصنيع النظام وروسيا، وبعضها لا يتعدى عدد أعضائه شخصين أو ثلاثة، فيما يعلن بعضها الآخر باستمرار عن تأييده المطلق للنظام، وتوافقه التام معه في مجمل سياساته التي اتبعها خلال السنوات الأخيرة، وطريقة معالجته للأحداث التي تشهدها البلاد.
ويكفي القول إن هناك 20 حزباً من بين 33 ورد اسمها في قائمة المدعوين مقرها في دمشق، أي تحت سلطة النظام.
أحزاب قدري جميل
ولعل أبرز ما يلفت النظر هو هيمنة "أحزاب قدري جميل" على قائمة المدعوين، حيث يبرز اسم "رجل موسكو" في أكثر من حزب وهيئة منفردة ومؤتلفة.
وعلى سبيل المثال، ورد في قائمة المدعوين اسم "الجبهة الشعبية للتحرير والتغيير"، والتي تأسست في القاهرة في التاسع من تموز 2011 برئاسة قدري جميل وتضم حزبه المسمى "اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين" مع شخصيات أخرى مثل علي حيدر مسؤول الحزب السوري القومي الاجتماعي ومجموعة من الشخصيات المستقلة مثل الباحث حسني العظمة والنقابي إبراهيم اللوزة، والناشط السياسي عادل النعيسة.
كما تضم القائمة "حزب الإرادة الشعبية"، وهو أيضاً حزب قدري جميل "القديم" الذي تأسس في ستينات القرن الماضي، وهو حزب ماركسي لينيني.
وتضم أيضاً "ائتلاف قوى التغيير السلمي" والذي تأسس في الشهر الخامس من العام 2012. ويضم عدة أحزاب وتيارات ولجاناً سورية كحزب "الإرادة الشعبية"(حزب قدري جميل) والحزب "السوري القومي الاجتماعي" و"التيار الثالث من أجل سورية" وتيار "طريق التغيير السلمي".
أحزاب تصنيعٍ مخابراتي
كما تضم قائمة المدعوين مجموعة من الأحزاب التي تشكلت تحت عباءة النظام في السنوات الأخيرة بعد اندلاع الثورة السورية، وعادة ما توصف بأنها من تصنيع المخابرات السورية، لأن مواقفها تتطابق تماماً تقريباً مع مواقف النظام، وهي أحزاب شكلية من الناحية التنظيمية وكثير منها لا يتعدى عدد أعضائه أصابع اليد الواحدة.
ومن ذلك حزب "الشباب الوطني السوري للعدالة والتنمية" برئاسة بروين إبراهيم وهي مواطنة كردية. وخلال مؤتمره الأخير في أيلول الماضي غير الحزب اسمه من حزب "الشباب الوطني للعدالة والتنمية" إلى حزب "الشباب للبناء والتغيير".
وخلال المؤتمر أشادت بروين بـ" انتصارات الجيش العربي السوري حامي تراب ووحدة سورية وبقائد سورية الرئيس بشار الأسد باني سورية الحديثة والمدافع عن وحدة أراضيها وعن قيمها الديمقراطية".
ومن الأحزاب التي تشبه هذا الحزب حزب "التضامن"، وحزب "المؤتمر الوطني" من أجل سورية علمانية برئاسة إليان مسعد، وحزب "التيار البديل من أجل سورية" وحزب "سوريا الوطن" برئاسة مجد نيازي وحزب "الشباب الوطني السوري"، و"تحالف حزب الشعب" برئاسة الشيخ نواف الملحم العائد إلى "حضن الوطن" و"التجمع الوطني الديمقراطي السوري".
وجميع هذه الأحزاب مقرها في دمشق، ودعيت إلى مؤتمر سوتشي.
أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية
أما النوع الثالث الذي ضمته قائمة المدعوين فهي أحزاب "الجبهة الوطنية التقدمية" التي تشكلت في سبعينات القرن الماضي كنوع من الواجهة السياسية لتفرد حزب البعث بالسلطة، وجميع أحزابها يمولها النظام ويقدم رواتب وسيارات لمسؤوليها، ولم يسجل لأي منها أي موقف معارض للنظام خلال العقود الماضية، باستثناءات محدودة للحزب الشيوعي السوري، والذي بدا لافتاً أنه لم تُوجَّه له دعوة للحضور إلى سوتشي.
وشملت الدعوة جميع أحزاب الجبهة تقريباً وفي مقدمتها "الحزب السوري القومي الاجتماعي" برئاسة وزير المصالحة في حكومة النظام علي حيدر، وحزب "الاتحاد العربي الديمقراطي" برئاسة غسان أحمد عثمان، وحزب "الاتحاد الاشتراكي العربي" برئاسة صفوان قدسي، وحزب "الوحدويين الاشتراكيين" برئاسة فائز اسماعيل.
كما ورد اسم "الحزب الاشتراكي الديمقراطي"، ولا يوجد حزب بهذا الاسم تحديداً، لكن ربما المقصود به الحزب "الوحدوي الاشتراكي الديمقراطي" وهو حزب تأسس عام 1974، وانضم إلى الجبهة الوطنية التقدمية منذ نهاية ديسمبر 1988. وكان يقوده أمينه العام أحمد الأسعد منذ تأسيسه حتى وفاته في 9 مارس 2001. وبعدها ابنه فراس الأسعد، ثم فضل الله نصر الدين.
أحزاب يسارية هامشية
ومع تجنب دعوة الحزب "الشيوعي السوري"، وهو أقدم حزب في البلاد وتأسس في ثلاثينات القرن الماضي، ربما لأن قيادته ليست على وئام مع قدري جميل، فقد تمت دعوة أحزاب شيوعية أخرى مثل "حزب العمل الشيوعي السوري" وهو حزب يساري تأسس في منتصف السبعينات تحت اسم "رابطة العمل الشيوعي"، ثم تحول إلى حزب "العمل الشيوعي"، من أبرز أعضائه عبد العزيز الخير وفاتح جاموس وأصلان عبد الكريم، وحزب "الشعب الديمقراطي السوري" وهو حزب يساري ديمقراطي سوري، عضو في إعلان دمشق، وكان يعرف سابقاً بالحزب "الشيوعي السوري - المكتب السياسي"، بعد انشقاقه عن الحزب الشيوعي السوري عام 1972. يشارك الحزب في المجلس الوطني السوري ضمن كتلة إعلان دمشق.
وهناك أيضاً "حزب البعث الديمقراطي العربي الاشتراكي" وتأسس في عام 1970 على يد ابراهيم ماخوس وزير الخارجية السوري السابق. يتكون الحزب من بقايا الجناح اليساري لصلاح جديد لحزب البعث ويقع مقره في باريس، وقد انضم إلى "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي" بعد بدء الثورة السورية، ولديه ممثل في "مجلس سورية الديمقراطية" (الجناح السياسي لقوات سورية الديمقراطية) التي يهيمن عليها الأكراد.
هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي
أما أبرز جسم سياسي ذو مصداقية نسبية في الداخل السوري ورد اسمه بين المدعوين فهو "هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي" برئاسة حسن عبد العظيم، والتي تضم عدّة أحزاب سياسيّة وشخصيّات معارضة مستقلّة من داخل سورية وخارجها، وتعتبر أبرز منظمات أو هيئات معارضة الداخل.
وهناك أيضاً حركة "(معاً) من أجل سوريا حرة وديمقراطية"، والتي ورد في نص الدعوة أن مقرها في جنيف ومدريد، لكن المعروف أنها تأسست في دمشق في حزيران 2011 ومن أبرز أعضائها منذر بدر حلوم، ومنذر خدام، وهي ترفض العسكرة وتدعو لحل سلمي.
ومن بين الهيئات التي تمت دعوتها من الداخل السوري أيضاً ما يسمى بـ"مجلس الحكماء" والذي يضم مجموعة من المثقفين السوريين أبرزهم طيب تيزيني.
وهناك أيضاً "تيار بناء الدولة السورية" في جنيف برئاسة لؤي حسين والذي يعارض جميع المعارضات السورية، وتعتبر مواقفه أقرب للنظام السوري.
الأحزاب الكردية
كما تضم القائمة مجموعة من الأحزاب الكردية مثل حزب "الاتحاد الديمقراطي" ومقره في القامشلي في أقصى الشمال الشرقي للبلاد، وحزب "الاتحاد الديمقراطي" ومقره في عين العرب (كوباني) بريف حلب، و"حزب الاتحاد السوري" في القامشلي، و"المجلس الوطني الكردي" في القامشلي أيضاً.
ويضاف إلى ذلك، حزب "الاتحاد السرياني"، و"جمعية يسار الوسط الديمقراطي"، من الآشوريين "حزب متاكاس" ومقره في دمشق.
أحزاب المعارضة
وبين قائمة المدعوين، هناك ثلاث أو أربع جهات فقط من قوى المعارضة التي تصدرت المشهد خلال السنوات الماضية، وهي اللجنة العليا للمفاوضات والتي مقرها الرياض برئاسة رياض حجاب، والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة في اسطنبول، إضافة الى "المجلس الوطني السوري"، وتيار "قمح" برئاسة هيثم مناع في باريس.
أحزاب غير معروفة
واللافت وجود بعض الأحزاب غير المعروفة في الساحة السورية مثل حزب "الجبهة الجنوبية" (جنيف) وحزب "البعث العربي الاشتراكي" (البعث أو الطريق الثالث لسوريا) (دمشق).