اقرأ أيضاً: سهل الغاب وجبهة الساحل.. الهدف التالي للمعارضة في إدلب
مليشيات "الدفاع الذاتي" ليس بجديدة، إذ سبقت الساحل مناطق أخرى من نفوذ النظام. وكان قد اعتمد عليها الأكراد في سورية خلال سنوات الحرب الماضية، فتشكلت مليشيات محلية في حمص باسم "فوج فهود حمص" و"صقور الصحراء" بزعامة أيمن جابر، وكانت مهمتها حماية مراكز النفط شرقي حمص. لكن الجديد هذه المرة الإعلان بشكل شبه رسمي عن تشكيل ما يسمى "درع الساحل" لحماية منطقة الساحل، بالاعتماد على أبناء الساحل حصراً.
ما بعد إدلب
ما بعد سيطرة قوات المعارضة على كامل محافظة إدلب تقريبا، ليس كما قبلها، بالنسبة لحواضن النظام في الساحل، إذ بات خطر وصول مسلحي المعارضة إلى مناطقهم ماثلا أكثر من أي وقت مضى، وأصبحت القرداحة في اللاذقية، مسقط رأس رئيس النظام السوري، على بعد زهاء 30 كيلومترا فقط من قوات المعارضة في محافظة إدلب، التي تبلغ مساحتها أكثر من ستة آلاف كيلومتر مربع، وهي ملاصقة لمحافظة اللاذقية التي تبلغ مساحتها أقل من ثلاثة آلاف كيلومتر متر مربع، ومحافظة طرطوس ومساحتها أقل من ألفي كيلومتر مربع.
لم يبق أمام مقاتلي المعارضة في محافظة إدلب بعد سيطرتهم على أريحا، سوى بعض حواجز لقوات النظام قرب قرى بسنقول ومحبل وفريكة على طريق أريحا ـ جسر الشغور، ومطار (أبو الظهور) العسكري المحاصر من قبل الثوار شرق إدلب. وتؤكد مصادر ميدانية لـ "العربي الجديد"، أن خطط ما بعد إدلب ستكون باتجاه الساحل وسهل الغاب في محافظة حماة، حيث الحاضنة الشعبية الأكبر للنظام.
وعلى أثر معارك إدلب الأخيرة، شهدت منطقة مصياف في حماة مواجهات بين عناصر ما يسمى بـ "الدفاع الوطني" (الشبيحة) وأهالي بعض القتلى العسكريين الذين كانوا يحتجون على مقتل أبنائهم العسكريين في محيط مشفى جسر الشغور الوطني، أثناء محاولتهم الفرار من المشفى الذي كانوا محاصرين داخله من قبل "جيش الفتح".
وبحسب مركز "حماة" الإخباري، فإن هذه المواجهات دارت في قرى عين شمس والمجموي والحيلونة، إضافة إلى قرى أخرى موالية للنظام تابعة لمنطقة مصياف في ريف حماة الغربي، خصوصاً بعدما شاهد الأهالي فيديوهات وصور أبنائهم قتلى في مزارع مجاورة لمشفى جسر الشغور، وحملوا النظام وقيادة الجيش مسؤولية مقتلهم. على إثر ذلك، دعت شخصيات علوية في المنطقة إلى إنشاء مراكز تطويع باسم "الدفاع الذاتي" كبديل عن التحاق أبنائهم بجيش النظام الذي يخوض معارك خاسرة بعيدا عن مناطقهم، يعود بعدها أبناؤهم إليهم في أكفان، أو لا تعود جثثهم أبدا.
كما شهدت قرية نهر البارد بريف حماة الغربي مشاجرات بين أهالي بعض القتلى وقادة مليشيات الشبيحة في القرية، تطورت إلى اشتباك بالأسلحة الخفيفة، قبل أن يتدخل بعض الشخصيات لتهدئة الوضع الذي بات ينذر بانفجار يشمل كل المناطق ذات الغالبية العلوية في ريف حماة الغربي وريف اللاذقية المجاور.
لواء درع الساحل
وسط هذه الأجواء، ذكرت تقارير ميدانية أن سلطات النظام في الساحل باشرت بحفر خنادق وإقامة متاريس من مدينة القرداحة إلى مدينة كسب، خوفا من تقدم عناصر المعارضة المسلحة، فيما أعلنت مليشيات "الدفاع الوطني" في مدينة اللاذقية عن افتتاح مكتب تسجيل للراغبين بالتطوع في صفوفها إلى جانب قوات الجيش النظامي.
لكن اللافت جاء في الإعلان عن تشكيل ما يسمي بـ "لواء درع الساحل"، الذي قال الإعلان الخاص به إنه تابع لـ "الحرس الجمهوري"، داعياً الأهالي للالتحاق به مقابل رواتب ومكافآت شهرية مجزية.
وبحسب صورة للإعلان، تداولتها صفحات مؤيدة للنظام على مواقع التواصل الاجتماعي فإن "الحرس الجمهوري يعلن عن تشكيل لواء درع الساحل، حيث يُقبل الراغبون ضمن عقد تطوعي لمدة سنتين أو عقد دائم، مع تسوية أوضاع المتخلفين عن الدعوة الاحتياطية والإلزامية والفرار قبل تاريخ 1\1\2015".
اقرأ أيضاً: مؤيدو النظام السوري يتهرّبون من الخدمة العسكرية
وأوضح الإعلان أن "الرواتب مجزية مع مكافآت شهرية تصل حتى أربعين ألف ليرة سورية"، لافتاً إلى أنه "يمكن للراغبين مراجعة أحد المراكز في اللاذقية".
ولاقى هذا الإعلان ترحيبا بشكل عام لدى مؤيدي النظام، وبدا بالنسبة لهم الحل الوحيد للخروج من دائرة الانتكاسات التي باتت تعصف بقوات النظام على مختلف الجبهات، والضمانة الأكثر ثقة لتأمين مناطق الساحل السوري. وكان في مقدمة المرحبين دريد رفعت الأسد، ابن عم رئيس النظام بشار الأسد، الذي كتب على صفحته في فيسبوك أنه سبق له أن دعا مرارا خلال السنوات الثلاث الماضية لتشكيل قوة تتبع للجيش النظامي لحماية مناطق الساحل، لكن دعواته لم تلق تجاوبا إلى أن فرضت المتغيرات على الأرض ذلك على النظام، حسب قوله.
غير أن بعض المؤيدين للنظام سخروا من الراتب المعروض الذي يقل عما يتلقاه أفراد "جيش الدفاع الوطني" والبالغ نحو ستين ألف ليرة، فضلاً عما ينهبه هؤلاء من الحواجز والمداهمات في المناطق غير العلوية، بينما لن يكون هذا متاحا بدرجة كبيرة للمتطوعين في "درع الساحل" لأن مجال عملهم سيكون محصورا في منطقة الساحل.
من جهة ثانية، رأى ناشطون في منطقة الساحل أن هذا التوجه لن يكون مفيدا، وسيكون عبارة عن مقتلة جديدة للشباب العلوي. لكن الكاتب المعارض بسام يوسف رأى في حديث لـ "العربي الجديد" أن هذة الدعوات لا تعني أنها باتت برسم التنفيذ الفعلي، وهي نابعة من إحساس عند سكان هذه المناطق أن الدولة أصبحت عاجزة عن حمايتهم.
واعتبر أن التجارب السابقة لإنشاء تشكيلات من هذا النوع غالبا ما يكون هدفها "السرقة والتشبيح". وأضاف أنه "حتى الآن، ورغم اتصالاتي اليومية بالمنطقة، لم أسمع عن أي تشكيل حقيقي أو حتى نواة تشكيل بهذا الخصوص، ولا أظن أن النظام أو إيران وحزب الله سيتركون للأهالي أي فرصة لفعل خارج سيطرتهم وإرادتهم".
وحسب بعض المواقع الموالية، فإن التشكيل الجديد، "لواء درع الساحل"، سيعمل على استقطاب الشباب من الساحل ممن امتنعوا عن الالتحاق بالخدمة العسكرية، كي لا يزج بهم في مناطق بعيدة، ويريدون أن يبقوا في منطقة الساحل للدفاع عنها.