تماماً مثل مختلف القطاعات، تأثر عالم الموضة إلى حد كبير بجائحة كورونا التي كانت لها تداعيات لافتة على العالم ككل. تلك التحولات الكبرى التي حصلت كسرت التقاليد المتعارف عليها في مجال الأزياء، وعلى رأسها عروض الأزياء التي شهدنا تحولاً فيها. المصمم جورج حبيقة كان ممن قرروا مواكبة التغيير الحاصل بتقديم جديده بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الحالية. في عرض استثنائي وفق ما يقتضيه الوضع الحالي، قدّم مجموعته الجديدة لخريف وشتاء 2020-2021، فنقلها إلى العالم عبر المنصات الإلكترونية الخاصة به.
ولم يشأ المصمم جورج حبيقة أن تغيب أحدث تصاميمه عن المنصات، رغم الظروف الحالية القاسية على العالم كله. نظراً لظروف الحجر الصحي والإجراءات الصارمة التي تحد من السفر، قرر تقديم مجموعته الجديدة بعنوان "السيدة الرئيس" من لبنان إلى العالم في عرض افتراضي. عن عنوان المجموعة الذي يحمل كل معاني القوة، يقول المصمم في حديثه مع "العربي الجديد" إن مصدر الإلهام الأساسي في المجموعة متجذّر كالعادة في المرأة العربية بكل ما تتمتع به من ثقة بالنفس وقوة، فكانت هي مصدر الوحي له في هذه المجموعة، تماماً كما في مختلف المجموعات التي يقدمها، وإن كانت لكل مجموعة خصوصيتها والعنوان الذي يميزها.
تخيّم على العالم ككل غيوم سوداء تفرضُ أجواءً من اليأس، والكل يواجه هذه الصعاب دون استثناء. وفي إطار مساعيه كمصمم لمواجهة هذا الواقع الكئيب، قدّم حبيقة مجموعة الأزياء الراقية للخريف والشتاء المقبلين لينقل من خلالها، ومن قلب لبنان، صورة عن عصر جديد كلّه آمال وطموحات، وفيه تسعى النساء والرجال معاً يداً بيد للمطالبة بغد أفضل قائم على مبادئ الاحترام والمساواة.
مما لا شك فيه أن مرحلة كورونا لا تشبه ما قبلها، وقد فرضت معها واقعاً مختلفاً بكل ما فيه من معايير. ولعلّ العرض الافتراضي الذي أقامه المصمم ليس إلا نتيجة هذا الواقع تحديداً. يصف المصمم هذه التجربة الجديدة والاستثنائية بما فيها من نواحٍ إيجابية وسلبية. فلا ينكر أنه من إيجابيات عرض افتراضي مماثل، يقام ويعرض بهذا الشكل، أن مشاهدته متاحة للكل في مختلف أنحاء العالم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويصل إلى العدد الأكبر من الناس بغض النظر عن القيود التي تفرض اليوم فتمنع السفر والتنقل. وفي هذه الحالة، هي لا تشكل عائقاً، ويمكن للكل مشاهدة العرض مرات عدة ومتابعة كافة التفاصيل والتدقيق فيها. في المقابل، لا يخفي المصمم أنَّ العرض بهذا الشكل يمتلكُ نواحيَ سلبية أيضاً عند مقارنته بالعروض المعتادة التي كانت تقام قبل هذه المرحلة، والتي يمكن مشاهدتها مباشرةً والاطلاع فيها على أحدث التصاميم والإطلالات عن كثب.
أما على صعيده الشخصي كمصمم، فيقر بأن هذه التجربة المختلفة تماماً عما اعتاد عليه، يتخللها معدل أقل من التوتر لتوافر المزيد من الوقت للتحضير والتدقيق في التفاصيل. "كان هذا العرض الافتراضي الأول للدار. ومن الطبيعي أن تكون تجربة جديدة ومميزة لنا ونجد فيها تغييراً نوعياً نواكب فيه متطلبات المرحلة الحالية".
في ظل كل الصعوبات التي يواجهها العالم اليوم، ونظراً لما تبدو عليه هذه الأيام الصعبة للكل، وكأنها أشبه بنفق مظلم يستحيل الخروج منه، ينقل حبيقة من خلال مجموعته هذه رسالة أمل وإيجابيّة، انطلاقاً من دوره كمصمم. فيؤكد أن هذه المرحلة القاسية ستنقضي حكماً، و"سنتمكن من المضي قدماً وتخطي الصعاب نحو عصر جديد نتمنى أن يكون مليئاً بالتألق والفرح".