المصريون يخشون عاماً آخر صعباً على أوضاعهم الاقتصادية

28 ديسمبر 2016
تأزم الوضع المعيشي في مصر (فرانس برس)
+ الخط -

تسيطر مشاعر قلق وترقب، على نسبة من المصريين، وهم يستعدون لاستقبال عام 2017، وتوديع عام شهد تطوّرات أصابت واقعهم الاقتصادي والمعيشي سلباً، خاصة ما شهدته أسعار السلع الأساسية من ارتفاعات غير مسبوقة.

في عام 2016، ارتفعت أسعار العملات الأجنبية أمام الجنيه المصري، الأمر الذي دفع الحكومة إلى تحرير سعر صرفه، ورفع أسعار المواد البترولية والكهرباء، وتطبيق قانون القيمة المضافة، وتعديل التعريفة الجمركية على العشرات من السلع مرتين. فضلاً عن ارتفاع الدولار إلى نحو 19 جنيهاً داخل البنوك المصرية.

وتوقع الخبير محسن خان، أن يبدأ الجنيه المصري في الارتفاع العام المقبل ويستعيد بعضاً من قيمته المفقودة أمام الدولار، حال عودة المستثمرين الأجانب إلى مصر وارتفاع احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي المصري.

وقال لـ "الأناضول": "تستغرق مصر سنوات عديدة لتحقيق معدّل نمو بين 6%- 7%، وهو الذي تحتاجه البلاد لتوفير عدد كافٍ من فرص العمل للشباب المصريين، والذين يدخلون سوق العمل".

من جهته، قال الخبير الاقتصادي المصري هاني توفيق، في اتصال مع الأناضول، "إن هناك إمكانية لحدوث حالات تعثر وإفلاس لبعض الشركات، بسبب المديونية الدولارية وانخفاض الربحية وتدهور المراكز المالية لمعظم البنوك، وتعثر بعض الشركات العقارية، وتعثر وإفلاس بعض المنشآت التي تعتمد على الاستيراد لمعظم مكونات الإنتاج".

وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات القائمة، وعدم توفر العديد من السلع المستوردة، وقطع غيار السيارات والأجهزة والمعدات، وعدم قدرة المنتج المحلي سد ما يوفره المستورد بالسرعة المطلوبة، بالإضافة إلى رفع أسعار تذاكر كافة وسائل النقل مثل المترو والقطار والنقل العام والخاص، أمور تطغى على الاقتصاد.

وتوقع أن تشهد البلاد خلال العام المقبل عجزاً شديداً في السيولة، يؤثر بصورة سلبية على الأسواق، وزيادة معدل الركود التضخمي (غلاء الأسعار بالتزامن مع البطالة) وأكبر المتأثرين به قطاع العقارات ووسائل النقل.

نتيجة لذلك، يرى الخبير الاقتصادي أن البطالة سترتفع في السوق المصرية، بسبب المصاعب التي ستواجه الشركات الصغيرة والمتوسطة، وعدم قدرتها على مجاراة ارتفاع التكاليف، خاصة الأجور والرواتب.

جنون الأسعار

وشهدت أسعار السلع الغذائية في مصر، الأيام الماضية، ارتفاعاً جنونياً، كذلك تعاني السوق من نقص كبير في العديد من السلع الاستراتيجية، خاصة المدعّمة. فبالإضافة إلى السكر، تغيب عن الأسواق المصرية سلع أخرى، كالزيت والأرز والدواجن، إذ لا تتوفر أرصدة كافية منها لدى الشركة القابضة للصناعات الغذائية الحكومية التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية.

من جهتها، قالت إليسا ميلر، الباحثة في ذات المركز للأناضول، إن الأهداف العامة التي وضعتها مصر لنيل موافقة صندوق النقد الدولي على القرض البالغ 12 مليار دولار، لن تتحقق بسهولة.

وتسلمت مصر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، 2.75 مليار دولار، قيمة الشريحة الأولى من قرض الصندوق الدولي، البالغ 12 مليار دولار، والذي حصلت عليه القاهرة مقابل خفض عجز الموازنة إلى نحو 10%، وخفض التضخم إلى أقل من 10%، وزيادة النمو الاقتصادي إلى أكثر من 5% بحلول عام 2018.

وأضافت ميلر "ومع ذلك، في حال تطبيق الحكومة المصرية بالكامل البرنامج المتفق عليه مع صندوق النقد الدولي، فمن المرجح أن يكون المجتمع الدولي على استعداد لتقديم أشكال مختلفة من المساعدة المالية اللازمة".

وتعاني مصر أزمة اقتصادية ونقصاً حاداً في الدولار، بسبب تراجع إيرادات السياحة، والاستثمار الأجنبي، والصادرات، وتحويلات المصريين العاملين في الخارج، لعدة أسباب، على رأسها الأزمة السياسية والاضطرابات الأمنية التي يعانيها البلد.

وتوقعت وكالة "فيتش"، في تقريرها الصادر خلال ديسمبر/ كانون الأول الحالي، ارتفاع معدل التضخم بمصر فوق 20% في النصف الأول من العام المقبل (2017).

إلى ذلك، أكد تقرير دولي أن مصر شهدت أكبر معدل في انهيار الطبقة الوسطى خلال الـ15 عاماً الأخيرة، مع توقعات بازدياد معدل هذا الانهيار بسبب الإجراءات التقشفية التي تبنتها الحكومة هذا العام في إطار برنامج "الإصلاح الاقتصادي"، إذ قامت بتعويم الجنيه ورفع الدعم عن كثير من السلع والخدمات.

ووفقاً لتقرير بنك كريدي سويس عن ثروة الطبقة الوسطى في الفترة من عام 2000 حتى 2015، فقد تقلّصت الطبقة المتوسطة في مصر بأكثر من 48%، لينخفض عددها من 5.7 ملايين شخص بالغ في عام 2000، إلى 2.9 مليون بالغ في 2015، يمثلون الآن 5% فقط من إجمالي البالغين، ويستحوذون على ربع ثروة المصريين.

ويُعرّف كريدي سويس الطبقة المتوسطة بأنها الطبقة التي تمتلك من الأصول ما يجعلها صامدة أمام التغيّرات الاقتصادية، وهي مُعرضة بشكل أقل لخطر الفقر.

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون