تتسارع وتيرة التصريحات الإعلامية بين طرفَي الانقسام الفلسطيني، مع بدء العد التنازلي لتوجه وفد المصالحة من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، يوم الثلاثاء. وتتأرجح المواقف ما بين متفائل بإمكانية طَي "صفحة سوداء" من تاريخ الشعب الفلسطيني، وآخر متشائم يرى فيها ورقة إضافية للتهديد الإسرائيلي، بينما يشكك البعض بقدرة الوفد على إحراز أي تقدمٍ حقيقي.
ومن المتوقع أن يجتمع وفد المصالحة الذي شكّلته القيادة الفلسطينية مع الرئيس محمود عباس، مساء الإثنين، قبل أن يتوجه صباح الثلاثاء إلى قطاع غزة، بعضوية كل من: مسؤول ملف المصالحة في السلطة، عزام الأحمد، والأمين العام لحزب الشعب، بسام الصالحي، والأمين العام للمبادرة الوطنية مصطفى البرغوثي، والأمين العام للجبهة العربية الفلسطينية جميل شحادة، ورجل الأعمال منيب المصري، علماً أن السلطات الإٍسرائيلية لا تزال ترفض منح البرغوثي تصريحاً لدخول غزة.
وسيُحسَم في اجتماع اليوم مع عباس، من أي معبر سيدخل وفد المصالحة إلى غزة، سواءً من معبر بيت حانون الذي يسيطرعليه الاحتلال الإسرائيلي، أم من معبر رفح المصري.
ويُعرب القيادي في حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وصفي كبها، عن تشكيكه بقدرة الوفد على تحقيق مصالحة حقيقية، في ظل التنسيق الأمني الذي تقوم به السلطة مع الاحتلال، وانتهاكها للحريات في الضفة الغربية، قائلاً "نتمنى المصالحة، لكن التجارب السابقة علمتنا ألا نفرط في التفاؤل".
وقال كبها لـ"العربي الجديد": إن "الممارسات لا تبشّر بالخير، في ظل التزام السلطة الفلسطينية باتفاقيات عفا عليها الزمن، وداستها دبابات الاحتلال، فالتنسيق الأمني أكبر معيق للمصالحة، إضافة للممارسات إزاء الحريات التي باتت معدومة في الضفة الغربية".
ويرى كبها أن السلطة وحركة "فتح" رهنتا المصالحة بقضايا لها علاقة بالمفاوضات، إذ أصبحت هذه المصالحة "ثانوية بالنسبة لفتح، ويتم الحديث عنها كخيار في حال استعصت المفاوضات لتهديد إسرائيل والأميركيين، وهذا أحد أسباب فشل المصالحة".
ثم يعود كبها ليشير إلى جهوزية حركته الإسلامية للمصالحة "إذا ما قامت فتح بتطبيق أمين لما تعهدت به في الاتفاقيات السابقة، لأن المصالحة لا تقتصر على الحكومة ولا على الانتخابات، بل رزمة واحدة شاملة، تسير بخطوط متوازية خطوة خطوة".
وربما يكون مصطلح "الرزمة الواحدة" حمّالاً للغم الذي من شأنه تفجير زيارة الوفد إلى غزة، وفي أحسن الأحوال قد ينهي زيارته بمزيد من الحوارات والنقاش، وهو الأمر الذي يرفضه مسؤول ملف المصالحة في السلطة الفلسطينية، عزام الأحمد، الذي سبق له أن أوضح لـ"العربي الجديد"، أن الهدف من زيارة الوفد سيكون "تشكيل حكومة توافق وطني، وتحديد موعد للانتخابات، وليس إجراء المزيد من الحوارات". كلام يتناقض مع تصريحات رئيس الحكومة المقالة في غزة، إسماعيل هنية، الذي شدد يوم الأحد على أن "المصالحة يجب أن تكون رزمة واحدة"، تتضمن الملفات الخمسة، أي الحكومة، والانتخابات، ومنظمة التحرير، والحريات، والمصالحة المجتمعية".
وعلّق الصالحي على تصريحات هنية بالقول إنه "إذا كان المقصود من كلام هنية كل القضايا، وعدم التفريق بالأولويات في ما بينها، فهذا مؤشر غير ايجابي، أما إذا كان المقصود بذلك أن المصالحة تعني إنجاز ما تم الاتفاق عليه، فهذا أمر طبيعي".
وأشار الصالحي، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إلى أن "الهدف الرئيسي للقاءات غزة، سيتمحور حول إنجاز القضية الأساسية التي نذهب من أجلها، ألا وهي تنفيذ اتفاق المصالحة، خصوصاً في تحديد الجداول الزمنية لثلاث مسائل، وهي تشكيل حكومة التوافق، وتحديد موعد الانتخابات، وتفعيل منظمة التحرير، وكل ذلك بحسب جداول زمنية محددة"، على أن "تستتبع ذلك معالجة القضايا الأخرى المنصوص عليها في اتفاق المصالحة، مثل المصالحة المجتمعية وحرية النشاط ووقف أي تعديات ناتجة عن الانقسام".
وفي السياق، اعتبر مصطفى البرغوثي أن التمسك بـ"الرزمة الواحدة" هو مشكلة بحد ذاته، لأنه يضرب مبدأ حل المشاكل وفق الأولويات. ولفت البرغوثي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "بالنسبة للمعتقلين السياسيين، ستقوم حكومة التوافق الوطني الذي يجب تشكيلها بحل قضيتهم، كذلك الحال في موضوع الحريات، لكن لا يمكن القيام بذلك قبل تشكيل الحكومة". غير أن البرغوثي يضفي بعض التفاؤل على الرغم من كل شيئ، ذلك أن "الأمور إيجابية، وحتى موضوع الرزمة الواحدة يجب ألا يخيف أحداً".
في المقابل، شدد القيادي في حركة "الجهاد الإسلامي"، خضر عدنان، على ضرورة "عدم استخدام أي فصيل للمصالحة كورقة يبرزها في أوقات أزماته، سواء الداخلية منها أو الخارجية".